روجر هارت (Roger Hart)

<![CDATA[

حياته ومسيرته المهنية

قضى روجر هارت جزءًا كبيرًا من حياته المهنية في استكشاف حقوق الطفل، وخاصة حقه في المشاركة في القرارات التي تؤثر على حياتهم ومجتمعاتهم. وقد عمل في العديد من البلدان حول العالم، حيث أجرى أبحاثًا وقدم استشارات للحكومات والمنظمات غير الحكومية والوكالات الدولية. يتميز عمله بمنظور متعدد التخصصات، حيث يجمع بين علم النفس والجغرافيا والتخطيط الحضري لدراسة كيفية تفاعل الأطفال مع بيئتهم المادية والاجتماعية.

حصل هارت على درجة الدكتوراه في علم النفس البيئي من كلية الدراسات العليا بجامعة مدينة نيويورك. قبل انضمامه إلى جامعة المدينة، عمل في مشاريع تنمية المجتمع في المملكة المتحدة. كما عمل مع اليونيسف ومنظمات أخرى في مشاريع تهدف إلى تحسين حياة الأطفال في البلدان النامية.

خلال فترة عمله في جامعة المدينة، شغل هارت منصب مدير برنامج الدكتوراه في علم النفس البيئي. كما قاد مركز أبحاث البيئة والسلوك، حيث أشرف على عدد كبير من مشاريع البحث التي تركز على قضايا مثل مشاركة الأطفال في التخطيط الحضري، وتأثير البيئة المبنية على صحة الأطفال ورفاههم، وحقوق الأطفال في اللعب.

مساهماته الرئيسية

تُعتبر مساهمات روجر هارت في مجال حقوق الطفل ذات أهمية كبيرة. فقد ساهم في تطوير فهمنا لكيفية تفاعل الأطفال مع بيئتهم وتأثير ذلك على نموهم وتطورهم. كما قدم مساهمات كبيرة في تطوير منهجيات البحث التي تهدف إلى إشراك الأطفال في عملية البحث وجعل أصواتهم مسموعة.

سلم المشاركة: من أبرز مساهمات هارت هو تطويره لـ “سلم المشاركة”، وهو نموذج مفاهيمي يهدف إلى تقييم مستويات مشاركة الأطفال في المشاريع والبرامج. يتكون السلم من ثماني درجات، تتراوح من “التلاعب” حيث يتم استخدام الأطفال كأدوات لتحقيق أهداف الكبار، إلى “مشاركة الأطفال بقيادة الأطفال” حيث يكون الأطفال هم من يتخذون القرارات ويقودون المشاريع بأنفسهم. يعتبر سلم المشاركة أداة قيمة للممارسين والباحثين الذين يسعون إلى ضمان مشاركة حقيقية وفعالة للأطفال.

أبحاث حول اللعب: أجرى هارت أبحاثًا مكثفة حول أهمية اللعب للأطفال. وقد أظهرت أبحاثه أن اللعب ليس مجرد نشاط ترفيهي، بل هو ضروري لنمو الأطفال الاجتماعي والعاطفي والمعرفي. كما سلط الضوء على أهمية توفير مساحات آمنة ومحفزة للأطفال للعب، وعلى دور البالغين في دعم وتشجيع اللعب.

مشاركة الأطفال في التخطيط الحضري: كان هارت من أوائل الباحثين الذين دعوا إلى إشراك الأطفال في عملية التخطيط الحضري. وقد جادل بأن الأطفال هم مستخدمون مهمون للمدن، وأنهم يجب أن يكونوا قادرين على التعبير عن آرائهم واحتياجاتهم فيما يتعلق بتصميم وتطوير المدن. وقد طور أدوات وتقنيات لإشراك الأطفال في التخطيط الحضري، مثل ورش العمل التشاركية والخرائط الذهنية.

أعماله المنشورة

نشر روجر هارت العديد من الكتب والمقالات العلمية حول حقوق الطفل والمشاركة واللعب والتخطيط الحضري. من بين أبرز أعماله:

Children’s Participation: The Theory and Practice of Involving Young Citizens in Community Development and Environmental Care (1997): يعتبر هذا الكتاب مرجعًا أساسيًا في مجال مشاركة الأطفال. يقدم الكتاب تحليلًا شاملاً لنظرية وممارسة مشاركة الأطفال، ويستعرض مجموعة واسعة من الأمثلة من جميع أنحاء العالم.
Children’s Experience of Place (2002): يستكشف هذا الكتاب كيف يختبر الأطفال الأماكن وكيف تؤثر الأماكن على حياتهم. يجمع الكتاب بين وجهات نظر من علم النفس والجغرافيا والتخطيط الحضري لفهم علاقة الأطفال ببيئتهم.

بالإضافة إلى هذه الكتب، نشر هارت العديد من المقالات في المجلات العلمية المحكمة وشارك في تأليف العديد من الفصول في الكتب الجماعية. وقد تم الاستشهاد بأعماله على نطاق واسع من قبل الباحثين والممارسين في مجال حقوق الطفل.

سلم المشاركة بالتفصيل

لتوضيح مفهوم سلم المشاركة بشكل أكبر، إليكم وصف تفصيلي لكل درجة من درجات السلم:

التلاعب (Manipulation): في هذه الدرجة، يتم استخدام الأطفال كأدوات لتحقيق أهداف الكبار. لا يتم إخبار الأطفال بما يفعلونه أو سبب قيامهم به، ولا يتم أخذ آرائهم على محمل الجد.
الزينة (Decoration): في هذه الدرجة، يتم استخدام الأطفال لجعل المشاريع تبدو أكثر جاذبية أو أكثر مشاركة. يتم إشراكهم في أنشطة سطحية لا تؤثر على القرارات الحقيقية.
الرمزية (Tokenism): في هذه الدرجة، يتم إعطاء الأطفال صوتًا رمزيًا، لكن لا يتم الاستماع إليهم حقًا. قد يتم دعوتهم لحضور الاجتماعات أو تقديم المشورة، لكن لا يتم أخذ آرائهم في الاعتبار عند اتخاذ القرارات.
التخصيص (Assigned but Informed): في هذه الدرجة، يتم تخصيص مشاريع محددة للأطفال، ويتم إخبارهم بما يفعلونه وسبب قيامهم به. ومع ذلك، ليس لديهم أي تأثير على تصميم أو تنفيذ المشروع.
الاستشارة والإخبار (Consulted and Informed): في هذه الدرجة، يتم استشارة الأطفال بشأن المشاريع، ويتم إخبارهم بكيفية استخدام آرائهم. ومع ذلك، لا يزال الكبار هم من يتخذون القرارات النهائية.
المبادرة المشتركة التي يقودها الكبار (Adult-Initiated, Shared Decisions with Children): في هذه الدرجة، يبدأ الكبار المشاريع، لكن يتم اتخاذ القرارات بشكل مشترك مع الأطفال. يتم أخذ آراء الأطفال على محمل الجد، وهم يلعبون دورًا نشطًا في تصميم وتنفيذ المشروع.
المبادرة المشتركة التي يقودها الأطفال (Child-Initiated and Directed): في هذه الدرجة، يبدأ الأطفال المشاريع ويقودونها بأنفسهم. يوفر الكبار الدعم والتوجيه، لكن الأطفال هم من يتخذون القرارات النهائية.
مشاركة الأطفال بقيادة الأطفال (Child-Initiated, Shared Decisions with Adults): في هذه الدرجة، يبدأ الأطفال المشاريع ويقودونها بأنفسهم، ويتخذون القرارات بشكل مشترك مع الكبار. يتم احترام آراء الأطفال، وهم يلعبون دورًا قياديًا في المشروع.

أهمية عمل روجر هارت

يكمن تأثير عمل روجر هارت في تغيير الطريقة التي نفكر بها في الأطفال ودورهم في المجتمع. لقد ساهم في إبراز أهمية الاستماع إلى أصوات الأطفال وإشراكهم في القرارات التي تؤثر على حياتهم. كما ساهم في تطوير أدوات وتقنيات عملية لتمكين الأطفال من المشاركة الفعالة في مجتمعاتهم.

يُلهم عمل هارت الباحثين والممارسين والنشطاء في جميع أنحاء العالم للعمل على تعزيز حقوق الطفل وضمان حصول جميع الأطفال على فرصة للمشاركة في بناء مستقبل أفضل.

خاتمة

يُعتبر روجر هارت شخصية بارزة في مجال حقوق الطفل، حيث قدم مساهمات كبيرة في فهمنا لكيفية تفاعل الأطفال مع بيئتهم وأهمية إشراكهم في القرارات التي تؤثر على حياتهم. من خلال تطويره لسلم المشاركة وأبحاثه حول اللعب ومشاركة الأطفال في التخطيط الحضري، ساهم هارت في تمكين الأطفال وجعل أصواتهم مسموعة. سيظل عمله مصدر إلهام للباحثين والممارسين والنشطاء الذين يسعون إلى تعزيز حقوق الطفل وضمان حصول جميع الأطفال على فرصة للمشاركة في بناء مستقبل أفضل.

المراجع

]]>