حياته ونشأته
ولد حاييم بن عطار في أسرة مرموقة من العلماء والحاخامات في مدينة سلا المغربية. تلقى تعليمه الأولي على يد والده، موشيه بن عطار، الذي كان عالمًا متبحرًا في التلمود والشريعة اليهودية. أظهر حاييم نبوغًا مبكرًا في دراسة التوراة والتلمود، وسرعان ما تفوق على أقرانه.
في شبابه، درس حاييم أيضًا على يد الحاخام حاييم بينتو، أحد كبار علماء سلا في ذلك الوقت. تأثر حاييم بينتو بشدة بحاييم بن عطار، ووصفه بأنه “نور ساطع” و”عبقري فريد”.
بعد وفاة والده، تولى حاييم بن عطار مسؤولية إدارة المدرسة الدينية في سلا، وقام بتدريس التلمود والشريعة اليهودية للطلاب من جميع أنحاء المغرب. اكتسب حاييم بن عطار شهرة واسعة كعالم ومدرس متميز، وجذب إليه الطلاب من مختلف البلدان.
هجرته إلى فلسطين
في عام 1742، قرر حاييم بن عطار الهجرة إلى فلسطين، أرض الميعاد. كان دافعه الرئيسي للهجرة هو تحقيق حلمه بالعيش والدفن في الأرض المقدسة. جمع حاييم بن عطار مجموعة من أتباعه وتلاميذه، وانطلقوا في رحلة طويلة وشاقة إلى فلسطين.
وصل حاييم بن عطار إلى القدس في عام 1742، واستقبله اليهود بحفاوة بالغة. استقر حاييم بن عطار في القدس وأسس مدرسة دينية جديدة، سرعان ما أصبحت مركزًا هامًا للدراسات اليهودية.
“أور ها-حاييم”
أشهر أعمال حاييم بن عطار هو تفسيره على التوراة، الذي يحمل عنوان “أور ها-حاييم” (نور الحياة). يعتبر “أور ها-حاييم” من أهم التفاسير على التوراة، ويتميز بعمقه وشموليته وأسلوبه الأدبي الرفيع. يجمع “أور ها-حاييم” بين التفسير اللغوي والتاريخي والتفسير الباطني (القبالي) للنصوص التوراتية.
يعتمد “أور ها-حاييم” على مجموعة واسعة من المصادر، بما في ذلك التلمود والميدراش والكابالا والفلسفة اليهودية. يهدف “أور ها-حاييم” إلى الكشف عن المعاني العميقة والخفية في التوراة، وربطها بحياة الإنسان وعلاقته بالله.
نشر “أور ها-حاييم” بعد وفاة حاييم بن عطار، وسرعان ما انتشر في جميع أنحاء العالم اليهودي. أصبح “أور ها-حاييم” مرجعًا أساسيًا للعلماء والباحثين والطلاب، ولا يزال يدرس ويستخدم حتى اليوم.
أعماله الأخرى
بالإضافة إلى “أور ها-حاييم”، ألف حاييم بن عطار العديد من الأعمال الأخرى، بما في ذلك:
- “حيفير كيدمي” (حفرة قديمة): مجموعة من الردود والرسائل في الشريعة اليهودية.
- “ريشون لتسيون” (الأول إلى صهيون): كتاب في القبالة.
- “أور ليسرايل” (نور لإسرائيل): كتاب في الأخلاق والروحانية.
مكانته وأثره
يعتبر حاييم بن عطار من أعظم علماء اليهود في العصر الحديث. كان له تأثير كبير على الفكر اليهودي والحياة اليهودية. يعتبر “أور ها-حاييم” من أهم التفاسير على التوراة، ولا يزال يدرس ويستخدم حتى اليوم. كان حاييم بن عطار أيضًا شخصية مؤثرة في حركة القبالة، ويعتبر من كبار علماء القبالة في العصر الحديث.
توفي حاييم بن عطار في القدس في 7 يوليو 1743، ودفن في مقبرة جبل الزيتون. يعتبر قبره مكانًا مقدسًا، ويزوره اليهود من جميع أنحاء العالم.
تلاميذه
كان لحاييم بن عطار العديد من التلاميذ الذين أصبحوا قادة روحيين وعالميين بارزين. من بين أبرز تلاميذه:
- الحاخام حاييم يوسف ديفيد أزولاي (الحيدا): مؤلف كتاب “شيم ها-جدوليم”.
- الحاخام غاد بوسو.
أقوال مأثورة
نُقلت عن حاييم بن عطار العديد من الأقوال المأثورة التي تعكس حكمته وعمق فهمه للتوراة والحياة. من بين هذه الأقوال:
- “التوراة هي شجرة الحياة لمن يتمسكون بها.”
- “الإنسان هو انعكاس لله في هذا العالم.”
- “السعادة الحقيقية تكمن في خدمة الله ومساعدة الآخرين.”
خاتمة
حاييم بن عطار كان عالمًا موسوعيًا ومفكرًا عميقًا وروحانيًا متميزًا. ترك بصمة لا تُمحى على الفكر اليهودي والحياة اليهودية. “أور ها-حاييم” هو تحفة أدبية وفكرية، ولا يزال يلهم ويوجه الأجيال القادمة. سيبقى حاييم بن عطار رمزًا للعلم والتقوى والإيمان.