نشأته وبداياته
ولد فضل حسن عابد في منطقة كوميلا في بنغلاديش، والتي كانت آنذاك جزءًا من الهند البريطانية. تلقى تعليمه في دكا ثم درس المحاسبة في جامعة غلاسكو في اسكتلندا. بدأ حياته المهنية في مجال المحاسبة، وعمل في شركة شيل للنفط في لندن. ومع ذلك، دفعه إحساسه العميق بالمسؤولية الاجتماعية إلى تغيير مساره والتركيز على جهود الإغاثة والتنمية.
في عام 1970، عاد عابد إلى بنغلاديش للمساعدة في جهود الإغاثة بعد إعصار بهولا المدمر، الذي أودى بحياة مئات الآلاف من الأشخاص. أدرك عابد الحاجة إلى نهج أكثر استدامة وشمولية للحد من الفقر. ونتيجة لذلك، أسس منظمة بنغلاديش للتنمية الريفية المساعدة (BRAC) في عام 1972.
تأسيس منظمة برّاك (BRAC)
بدأت برّاك كمبادرة إغاثة، لكنها تحولت بسرعة إلى منظمة تنموية شاملة. تمحور تركيز عابد حول تمكين المجتمعات المحلية من خلال التعليم والرعاية الصحية والتمويل الأصغر وبرامج التنمية الأخرى. كان يعتقد أن النهج المتكامل الذي يعالج الأسباب الجذرية للفقر هو المفتاح لإحداث تغيير دائم.
اعتمدت برّاك على نموذج تنموي فريد من نوعه، يتميز باللامركزية والمشاركة المجتمعية والتركيز على احتياجات الفئات الأكثر ضعفاً. عملت المنظمة بشكل وثيق مع القرويين، وتعاونت معهم لتحديد احتياجاتهم ووضع حلول مناسبة. كان عابد يؤمن بشدة بأهمية إشراك المستفيدين في عملية التنمية، مما يضمن أن البرامج كانت ذات صلة ومستدامة.
مجالات عمل برّاك (BRAC)
وسعت برّاك نطاق عملها ليشمل مجموعة واسعة من البرامج، بما في ذلك:
- التعليم: قدمت برّاك التعليم الأساسي لآلاف الأطفال، وخاصة الفتيات. كما طورت برامج محو الأمية للبالغين والتدريب المهني.
- الرعاية الصحية: قامت برّاك بتدريب الآلاف من العاملين في مجال الصحة المجتمعية، وقدمت الرعاية الصحية الأساسية، بما في ذلك خدمات الأمومة والطفولة، والتوعية بالأمراض.
- التمويل الأصغر: قدمت برّاك قروضًا صغيرة للفقراء، مما ساعدهم على بدء أو توسيع مشاريعهم التجارية الصغيرة وخلق الدخل.
- سبل العيش: نفذت برّاك برامج لتنمية المهارات والتدريب المهني، لمساعدة الناس على الحصول على وظائف وتحسين سبل عيشهم.
- مكافحة الفقر: طورت برّاك برامج شاملة لمكافحة الفقر، بما في ذلك برامج التحويلات النقدية المشروطة والدعم الغذائي.
عملت برّاك أيضًا في مجالات أخرى، مثل الزراعة والبيئة والتكيف مع تغير المناخ. قامت المنظمة بتوسيع نطاق عملها ليشمل العديد من البلدان الأخرى في آسيا وأفريقيا، مما يبرز تأثيرها العالمي.
إسهاماته في التنمية المستدامة
كان لفضل حسن عابد تأثير كبير على التنمية المستدامة. لقد أثبت أن الفقر يمكن أن يُهزم من خلال الابتكار والتمكين المجتمعي والنهج الشامل. ركزت برّاك على تمكين النساء، مع الاعتراف بأهمية دورهن في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. قامت المنظمة بتصميم برامج لتمكين المرأة، وتعزيز المساواة بين الجنسين. بالإضافة إلى ذلك، أدرك عابد أهمية التكيف مع تغير المناخ، وطورت برّاك برامج لمساعدة المجتمعات على التكيف مع آثار تغير المناخ.
الجوائز والتكريمات
حصل فضل حسن عابد على العديد من الجوائز والتكريمات المرموقة تقديرًا لعمله الدؤوب وإسهاماته في مجال التنمية. وتشمل هذه الجوائز:
- جائزة رامون ماجسايساي (1980)
- جائزة الأمير كلاوس (1994)
- وسام فارس (2009)
- جائزة يونس (2014)
- جائزة ليوناردو دافنشي (2016)
بالإضافة إلى ذلك، حصل عابد على العديد من الدرجات الفخرية من جامعات مرموقة حول العالم.
القيادة والرؤية
كان فضل حسن عابد قائدًا يتمتع برؤية ثاقبة. كان لديه القدرة على إلهام الآخرين وتحفيزهم للعمل من أجل قضية مشتركة. كان يؤمن بشدة بأهمية الشراكة والتعاون، وعمل بشكل وثيق مع الحكومات والمنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص لتحقيق أهدافه. كان عابد أيضًا رائدًا في مجال القيادة الاجتماعية، وروج لنموذج قيادي قائم على القيم والمبادئ الأخلاقية.
تأثير برّاك (BRAC)
أحدثت برّاك تأثيرًا كبيرًا على حياة ملايين الأشخاص. لقد ساعدت المنظمة في انتشال ملايين الأشخاص من الفقر، وتحسين الرعاية الصحية والتعليم، وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية. أصبحت برّاك نموذجًا يحتذى به للمنظمات غير الحكومية الأخرى في جميع أنحاء العالم، حيث ألهمت الكثيرين لتبني نهجًا مماثلاً للتنمية.
إرث فضل حسن عابد
ترك فضل حسن عابد إرثًا دائمًا. لقد أظهر للعالم أن الفقر ليس حتميًا، وأن التغيير ممكن من خلال التفاني والابتكار والعمل الجماعي. استمرت برّاك في التوسع والازدهار بعد وفاته، مواصلة عمله في جميع أنحاء العالم. يبقى فضل حسن عابد مصدر إلهام للكثيرين، وستظل مساهماته في مجال التنمية محفورة في التاريخ.
وفاته
توفي السير فضل حسن عابد في 20 ديسمبر 2019، عن عمر يناهز 83 عامًا. كان لوفاته حزن عميق على نطاق واسع في بنغلاديش وحول العالم. أشاد الكثيرون بإسهاماته في مجال التنمية، وأشادوا بشخصيته القيادية ورؤيته.
خاتمة
كان فضل حسن عابد رائدًا في مجال التنمية، وترك إرثًا دائمًا. من خلال تأسيسه لمنظمة برّاك، أحدث تأثيرًا عميقًا على حياة ملايين الأشخاص في جميع أنحاء العالم. كان نهجه المبتكر في الحد من الفقر والتمكين الاجتماعي مصدر إلهام للكثيرين. لقد كان قائدًا يتمتع برؤية ثاقبة، وقد أظهر للعالم أن التغيير ممكن من خلال التفاني والابتكار والعمل الجماعي. سيظل إرثه مصدر إلهام للأجيال القادمة.