الحياة المبكرة والتعليم
ولد ستيبان سكريبنيك في 10 أبريل 1898، في قرية خوروشيف بمنطقة زولوتشيف، في غاليسيا (الآن في أوكرانيا). نشأ في عائلة ذات تقاليد قوية في الأرثوذكسية الأوكرانية. تلقى تعليمه المبكر في بلدته الأصلية، ثم التحق بمدرسة ثانوية في مدينة لفيف. أظهر في شبابه اهتمامًا عميقًا بالدين والثقافة الأوكرانية.
خلال الحرب العالمية الأولى، انخرط سكريبنيك في الأنشطة الوطنية الأوكرانية. بعد الحرب، تابع دراساته في جامعة لفيف، حيث درس القانون والفلسفة. في هذه الفترة، أصبح ناشطًا سياسيًا، وشارك في الحركات التي سعت إلى تحقيق الاستقلال الأوكراني. تأثر سكريبنيك بشدة بالزعماء الدينيين والسياسيين الذين عملوا من أجل تعزيز الهوية الوطنية الأوكرانية.
الخدمة الدينية والنشاط السياسي
في عام 1942، تمت رسامة ستيبان سكريبنيك كاهنًا في الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية. وبدأ خدمته في ظل الاحتلال النازي لأوكرانيا، مما جعله يواجه تحديات صعبة. بعد الحرب العالمية الثانية، هاجر سكريبنيك إلى الخارج، واستقر في البداية في ألمانيا، حيث واصل نشاطه الديني والوطني. في عام 1947، انتخب أسقفًا في الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية في الشتات.
كرّس سكريبنيك حياته لخدمة الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية، والعمل على الحفاظ على الروحانية الأوكرانية. لعب دورًا حاسمًا في تأسيس وتعزيز الكنائس الأوكرانية في الشتات في أوروبا وأمريكا الشمالية وأستراليا. عمل على الحفاظ على التراث الروحي والثقافي الأوكراني، وتنظيم الحياة الدينية للجالية الأوكرانية في الخارج. شارك في العديد من المؤتمرات والاجتماعات الأرثوذكسية، وألقى الخطب والمقالات التي دافعت عن حقوق الكنيسة الأوكرانية.
بالإضافة إلى نشاطه الديني، كان سكريبنيك ناشطًا سياسيًا. كان يؤمن بأهمية استقلال أوكرانيا، ودعم الحركات التي سعت إلى تحقيق هذا الهدف. خلال الحرب الباردة، عارض الشيوعية بشدة، ودافع عن حقوق الإنسان والحريات الدينية في أوكرانيا. حافظ على علاقات وثيقة مع المنظمات الأوكرانية في الشتات، وعمل على توحيد الجهود من أجل قضية الاستقلال.
العودة إلى أوكرانيا وتوحيد الكنيسة
بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في عام 1991، أتيحت لسكريبنيك الفرصة للعودة إلى أوكرانيا. في عام 1990، انتخب بطريركًا للكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية، وأصبح أول بطريرك للكنيسة في أوكرانيا المستقلة. قاد الكنيسة في فترة تحول تاريخي، وسعى إلى توحيد الفصائل المختلفة للكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية.
واجه سكريبنيك تحديات كبيرة في توحيد الكنيسة. كان هناك انقسامات داخل الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية، بالإضافة إلى صراع مع الكنيسة الأرثوذكسية الروسية. عمل سكريبنيك بجد للتغلب على هذه الانقسامات، وتعزيز الحوار والتعاون بين الفصائل المختلفة. قام بزيارات إلى مختلف الكنائس والأبرشيات، وألقى الخطب التي دعت إلى الوحدة والمصالحة.
تحت قيادة سكريبنيك، اتخذت الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية خطوات مهمة نحو الاستقلال والاعتراف بها من قبل الكنائس الأرثوذكسية الأخرى. قام بتطوير العلاقات مع الكنائس الأرثوذكسية في جميع أنحاء العالم، والعمل على تعزيز مكانة الكنيسة الأوكرانية في العالم الأرثوذكسي. ساهم في إعادة بناء الكنائس والأديرة التي دمرت في الحقبة السوفيتية، ودعم الأنشطة الثقافية والتعليمية للكنيسة.
الإرث والوفاة
ترك البطريرك مستيسلاف إرثًا دينيًا وروحيًا وثقافيًا وسياسيًا دائمًا في أوكرانيا والعالم الأرثوذكسي. كان قائدًا روحيًا عظيمًا، وعمل بجد لتعزيز الإيمان الأرثوذكسي والحفاظ على التراث الروحي والثقافي الأوكراني. لعب دورًا حاسمًا في استقلال الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية، وتوحيد الفصائل المختلفة للكنيسة.
توفي البطريرك مستيسلاف في 11 يونيو 1993، عن عمر يناهز 95 عامًا. تم دفنه في كييف، في كاتدرائية القديس فولوديمير، التي تعتبر مركزًا روحيًا مهمًا للكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية. أقيمت مراسم جنازته بحضور الآلاف من المؤمنين، الذين أتوا لتكريمه وتوديعه. لا يزال يذكر كشخصية رئيسية في تاريخ أوكرانيا الحديث، ورمزًا للوحدة الوطنية والإيمان الأرثوذكسي.
خلال حياته، حصل البطريرك مستيسلاف على العديد من الجوائز والأوسمة تقديرًا لخدمته الدينية والوطنية. حصل على وسام الأمير ياروسلاف الحكيم من الدرجة الأولى، وهو أعلى وسام في أوكرانيا. كما حصل على العديد من الأوسمة الأخرى من الكنائس الأرثوذكسية المختلفة.
أهمية مساهماته
كانت مساهمات البطريرك مستيسلاف كبيرة ومتعددة الجوانب. فيما يلي بعض النقاط الرئيسية:
- قيادة روحية: قاد الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية في فترة تحول تاريخي، وعمل على تعزيز الإيمان والروحانية.
- الحفاظ على الهوية الوطنية: حافظ على التراث الروحي والثقافي الأوكراني، ودافع عن حقوق الشعب الأوكراني.
- توحيد الكنيسة: عمل على توحيد الفصائل المختلفة للكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية، وتعزيز الوحدة والمصالحة.
- الاستقلال: لعب دورًا حاسمًا في استقلال الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية، والاعتراف بها من قبل الكنائس الأرثوذكسية الأخرى.
- العلاقات الدولية: طور العلاقات مع الكنائس الأرثوذكسية في جميع أنحاء العالم، وعمل على تعزيز مكانة الكنيسة الأوكرانية في العالم الأرثوذكسي.
كان البطريرك مستيسلاف شخصية مؤثرة في تاريخ أوكرانيا، ولا يزال إرثه حيًا في قلوب المؤمنين والمؤرخين على حد سواء. لقد أظهر التزامه بالدين والوطن، وعمل بجد لخدمة شعبه وكنيسته.
خاتمة
البطريرك مستيسلاف (ستيبان سكريبنيك) كان شخصية بارزة في تاريخ أوكرانيا، حيث جمع بين القيادة الدينية والنشاط السياسي. ساهم في الحفاظ على الروحانية الأوكرانية، وتعزيز الوحدة الوطنية، وتحقيق الاستقلال للكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية. إرثه يظل حيًا كرمز للإيمان، والوحدة، والالتزام بالقضية الأوكرانية.
المراجع
- OCA – Memory of His Beatitude Patriarch Mstyslav of Kyiv
- Encyclopedia of Ukraine – Skrypnyk, Stepan
- Religious Information Service of Ukraine – Patriarch Mstyslav in historical memory
- Find a Grave – Mstyslav
“`