خلفية الانتخابات
قبل انتخابات عام 1920، كانت حكومة الوحدة، بقيادة الجنرال جان سموتس، في السلطة. تشكلت حكومة الوحدة خلال الحرب العالمية الأولى لتوحيد قوى البيض الناطقين باللغة الإنجليزية والأفريكانية (البوير) في مواجهة التحديات الخارجية. ومع ذلك، بعد الحرب، بدأت الانقسامات الداخلية في الظهور مجدداً، مما أدى إلى تفكك هذا التحالف الهش.
كانت هناك عدة عوامل ساهمت في هذه الانقسامات، منها:
- القضايا الاقتصادية: أدت المشاكل الاقتصادية التي أعقبت الحرب إلى تفاقم التوترات بين مختلف المجموعات العرقية والاجتماعية.
- الخلافات العرقية: استمرت التوترات بين الناطقين باللغة الإنجليزية والأفريكانية في التفاقم، خاصة فيما يتعلق بالمسائل المتعلقة باللغة والثقافة.
- قضايا العمل: شهدت جنوب أفريقيا إضرابات واسعة النطاق واضطرابات عمالية، مما أدى إلى استياء واسع النطاق من الحكومة.
أدت هذه العوامل مجتمعة إلى خلق مناخ سياسي متوتر وغير مستقر، مما مهد الطريق لانتخابات عام 1920.
الأحزاب المتنافسة
شهدت انتخابات عام 1920 تنافس عدد من الأحزاب السياسية الرئيسية، بما في ذلك:
- حزب جنوب إفريقيا (South African Party): بقيادة الجنرال جان سموتس، كان يمثل مصالح البيض الناطقين باللغة الإنجليزية والمزارعين الكبار.
- الحزب الوطني (National Party): بقيادة الجنرال جيمس باري مونيك هيرتزوغ، كان يمثل مصالح الأفريكان (البوير) ويدعو إلى مزيد من الاستقلال عن بريطانيا.
- حزب العمال (Labour Party): كان يمثل مصالح العمال البيض ويدعو إلى تحسين ظروف العمل وزيادة الأجور.
- حزب الاتحاد الديمقراطي (Unionist Party): كان يمثل مصالح الشركات الكبرى والمستثمرين البريطانيين.
تميزت الحملة الانتخابية بخطابات حادة واتهامات متبادلة بين الأحزاب، مما زاد من حدة الانقسامات العرقية والاجتماعية.
نتائج الانتخابات
أسفرت انتخابات عام 1920 عن نتائج مفاجئة، حيث لم يتمكن أي حزب من الحصول على أغلبية مطلقة في مجلس الجمعية. كانت النتائج على النحو التالي:
- حزب جنوب إفريقيا: 41 مقعداً
- الحزب الوطني: 44 مقعداً
- حزب العمال: 21 مقعداً
- حزب الاتحاد الديمقراطي: 25 مقعداً
- مستقلون: 3 مقاعد
أدت هذه النتائج إلى برلمان معلق، حيث لم يتمكن أي حزب بمفرده من تشكيل حكومة مستقرة.
تشكيل الحكومة
بعد الانتخابات، دخل حزب جنوب إفريقيا بزعامة سموتس في مفاوضات مع حزب الاتحاد الديمقراطي لتشكيل ائتلاف حكومي. توصل الحزبان إلى اتفاق، وتمكن سموتس من البقاء في منصبه كرئيس للوزراء.
ومع ذلك، كان هذا الائتلاف ضعيفاً وغير مستقر، حيث كان يعتمد على دعم حزب الاتحاد الديمقراطي، الذي كان يمثل مصالح مختلفة تماماً عن مصالح حزب جنوب إفريقيا.
تأثيرات الانتخابات
كانت لانتخابات عام 1920 تأثيرات كبيرة على السياسة الجنوب أفريقية، منها:
- صعود الحزب الوطني: أظهرت الانتخابات قوة الحزب الوطني كقوة سياسية رئيسية في جنوب إفريقيا، مما مهد الطريق لصعوده إلى السلطة في وقت لاحق.
- ضعف حكومة الوحدة: كشفت الانتخابات عن هشاشة حكومة الوحدة وعدم قدرتها على الاستمرار في مواجهة الانقسامات الداخلية.
- زيادة الاستقطاب السياسي: أدت الانتخابات إلى زيادة الاستقطاب السياسي في جنوب إفريقيا، حيث أصبحت الانقسامات العرقية والاجتماعية أكثر وضوحاً.
- تأثير قضايا العمل: أظهرت الانتخابات أهمية قضايا العمل في السياسة الجنوب أفريقية، حيث تمكن حزب العمال من الحصول على عدد كبير من المقاعد في البرلمان.
بشكل عام، كانت انتخابات عام 1920 بمثابة نقطة تحول في تاريخ جنوب إفريقيا، حيث أدت إلى تحولات كبيرة في الخريطة السياسية وتوازنات القوى، وكان لها تأثير عميق على مستقبل البلاد.
تحديات حكومة سموتس الائتلافية
واجهت حكومة سموتس الائتلافية العديد من التحديات، سواء من الداخل أو الخارج. من بين هذه التحديات:
- الاضطرابات العمالية: استمرت الإضرابات والاضطرابات العمالية في إثارة المشاكل للحكومة، حيث كان العمال يطالبون بتحسين ظروف العمل وزيادة الأجور.
- المعارضة من الحزب الوطني: استمر الحزب الوطني في معارضة حكومة سموتس، مستغلاً المشاعر القومية للأفريكان (البوير) والناقمين على سياسات الحكومة.
- الخلافات داخل الائتلاف: نشأت خلافات داخل الائتلاف الحاكم بين حزب جنوب إفريقيا وحزب الاتحاد الديمقراطي حول العديد من القضايا، مما أضعف الحكومة.
- القضايا العرقية: استمرت القضايا العرقية في إثارة التوترات في جنوب إفريقيا، حيث كانت هناك مطالب متزايدة بمنح المزيد من الحقوق للأفارقة والملونين.
لم تتمكن حكومة سموتس من التغلب على هذه التحديات، مما أدى في النهاية إلى سقوطها في انتخابات عام 1924.
نتائج لاحقة وتأثير طويل الأمد
مهدت انتخابات عام 1920 الطريق لانتخابات عام 1924، حيث تمكن الحزب الوطني وحزب العمال من تشكيل ائتلاف حكومي بقيادة الجنرال هيرتزوغ. كان هذا بمثابة بداية حقبة جديدة في تاريخ جنوب إفريقيا، حيث بدأت الحكومة في تنفيذ سياسات تهدف إلى تعزيز مصالح الأفريكان (البوير) وتقييد حقوق الأفارقة والملونين.
كانت لانتخابات عام 1920 تأثير طويل الأمد على السياسة الجنوب أفريقية، حيث ساهمت في ترسيخ الانقسامات العرقية والاجتماعية، ومهدت الطريق لنظام الفصل العنصري الذي استمر لعقود.
دور المرأة في الانتخابات
في انتخابات عام 1920، لم يكن للمرأة البيضاء في جنوب إفريقيا الحق في التصويت على المستوى الوطني. ومع ذلك، كانت هناك بعض المقاطعات، مثل مقاطعة كيب، حيث كان بإمكانهن التصويت في الانتخابات المحلية. كان هناك نشاط متزايد من قبل الحركات النسائية التي طالبت بمنح المرأة حق التصويت الكامل على المستوى الوطني.
بعد سنوات من النضال، مُنحت المرأة البيضاء في جنوب إفريقيا حق التصويت في عام 1930، بينما استمر حرمان النساء غير البيض من هذا الحق حتى نهاية نظام الفصل العنصري.
الأقليات العرقية والانتخابات
كانت المشاركة السياسية للأقليات العرقية في انتخابات عام 1920 محدودة للغاية. لم يكن للأفارقة الأصليين والملونين (الأشخاص ذوي الأصل المختلط) الحق في التصويت في معظم أنحاء البلاد. كان هناك عدد قليل من الأفارقة المؤهلين للتصويت في مقاطعة كيب بموجب شروط محددة، ولكن هذا العدد كان ضئيلاً جداً مقارنة بالسكان البيض.
كانت هذه الانتخابات تعكس نظاماً سياسياً واجتماعياً عنصرياً، حيث كانت السلطة السياسية في يد الأقلية البيضاء، بينما كانت الأغلبية الأفريقية محرومة من حقوقها السياسية.
تغطية وسائل الإعلام للانتخابات
لعبت وسائل الإعلام دوراً هاماً في تغطية انتخابات عام 1920، حيث كانت الصحف والإذاعات تنقل أخبار الحملات الانتخابية ونتائج التصويت. ومع ذلك، كانت تغطية وسائل الإعلام منحازة في الغالب لصالح المصالح البيضاء، حيث كانت تعكس آراء ومواقف الأحزاب السياسية البيضاء.
كانت هناك بعض الصحف التي تمثل مصالح الأفريكان (البوير)، لكنها كانت أقل انتشاراً وتأثيراً من الصحف الناطقة باللغة الإنجليزية. بشكل عام، لم تكن وسائل الإعلام تعكس بشكل كافٍ آراء ومصالح الأغلبية الأفريقية.
خاتمة
كانت انتخابات جنوب إفريقيا العامة في عام 1920 حدثاً محورياً في تاريخ البلاد، حيث كشفت عن الانقسامات العميقة داخل المجتمع الجنوب أفريقي ومهدت الطريق لتطورات سياسية واجتماعية هامة. على الرغم من أن الانتخابات لم تؤد إلى تغيير فوري في السلطة، إلا أنها ساهمت في صعود الحزب الوطني وتشكيل تحالفات سياسية جديدة. كما سلطت الضوء على التحديات التي تواجهها حكومة الوحدة وأهمية قضايا العمل والقضايا العرقية في السياسة الجنوب أفريقية. في نهاية المطاف، كان لانتخابات عام 1920 تأثير دائم على مسار تاريخ جنوب إفريقيا.