نشأته وبداية مسيرته المهنية
ولد ماكس شوبرت في بلدة ماونت باري، في ولاية جنوب أستراليا. بدأ شغفه بصناعة النبيذ في سن مبكرة، حيث تعلم الأساسيات في مزرعة عائلته. انضم شوبرت إلى شركة بينفولدز في عام 1931، وبدأ مسيرته المهنية كمتدرب. في ذلك الوقت، كانت بينفولدز شركة رائدة في صناعة النبيذ، وكانت تمتلك تاريخًا طويلًا من الإنتاج عالي الجودة.
في بداية عمله، عمل شوبرت في مختلف جوانب صناعة النبيذ، من زراعة العنب إلى عملية التخمير. ساعدته هذه التجربة الشاملة على اكتساب فهم عميق لعملية صناعة النبيذ بأكملها. بالإضافة إلى ذلك، سافر شوبرت إلى أوروبا في الخمسينيات من القرن العشرين، حيث درس تقنيات صناعة النبيذ في فرنسا وإسبانيا. تأثر شوبرت بشكل كبير بالنبيذ الأحمر الفرنسي، وخاصة نبيذ بوردو.
ولادة بينفولدز غرانج
في عام 1951، بدأ شوبرت في العمل على مشروع سري يهدف إلى إنتاج نبيذ أسترالي فاخر يمكن أن يضاهي أفضل أنواع النبيذ في العالم. كان هذا المشروع، الذي عرف فيما بعد باسم بينفولدز غرانج، بمثابة تحدٍ كبير، حيث لم يكن هناك سابقة لمثل هذا النوع من النبيذ في أستراليا. استخدم شوبرت في هذا المشروع مزيجًا من عنب الشيراز عالي الجودة، والذي كان يزرع في مناطق مختلفة في ولاية جنوب أستراليا.
واجه شوبرت العديد من التحديات خلال تطوير نبيذ غرانج. لم يكن لديه المعدات أو التكنولوجيا اللازمة، وكان عليه أن يتعلم من خلال التجربة والخطأ. بالإضافة إلى ذلك، لم يكن لدى بينفولدز أي خطط لتسويق مثل هذا النبيذ الفاخر، وبالتالي كان على شوبرت أن يبني المشروع من الصفر.
لم يتم الكشف عن نبيذ غرانج علنًا إلا في عام 1956. في البداية، لم يكن هناك الكثير من الحماس لهذا النبيذ الجديد. أعرب العديد من النقاد عن شكوكهم حول قدرة أستراليا على إنتاج نبيذ فاخر. ومع ذلك، أثبت شوبرت أنهم على خطأ. اكتسب نبيذ غرانج سمعة سريعة كواحد من أفضل أنواع النبيذ في العالم.
مواجهة الصعوبات والنجاح
بسبب عدم دعم إدارة بينفولدز في البداية لمشروع غرانج، استمر شوبرت في إنتاج النبيذ سرًا على مدار عدة سنوات. كان يقوم بتخزين النبيذ في زجاجات في أماكن سرية داخل المصنع. عندما اكتشفت الإدارة الأمر، أمرته بالتوقف عن إنتاج النبيذ. ومع ذلك، رفض شوبرت، واستمر في عمله، مدركًا الإمكانات الهائلة لهذا النبيذ.
لحسن الحظ، بعد بضع سنوات، سمحت له الإدارة بالعودة إلى إنتاج غرانج رسميًا. في عام 1960، تم إطلاق أول إصدار تجاري من بينفولدز غرانج، وسرعان ما حقق نجاحًا باهرًا. فاز النبيذ بالعديد من الجوائز، بما في ذلك ميدالية ذهبية في معرض أستراليا الملكي في عام 1962. ساهم هذا النجاح في ترسيخ مكانة بينفولدز غرانج كنبيذ أسترالي أيقوني.
إسهاماته في صناعة النبيذ الأسترالية
ساهم ماكس شوبرت بشكل كبير في تطوير صناعة النبيذ الأسترالية. كان رائدًا في استخدام تقنيات صناعة النبيذ الحديثة، كما أنه كان له دور أساسي في إدخال زراعة عنب الشيراز في أستراليا. بالإضافة إلى ذلك، ساعد شوبرت في رفع مستوى الوعي العالمي بالنبيذ الأسترالي.
كان شوبرت رجلًا يتمتع بروح المبادرة والشجاعة. لم يخف أبدًا من تحدي الوضع الراهن، وكان دائمًا على استعداد لتجربة أشياء جديدة. كان لديه أيضًا شغف كبير بصناعة النبيذ، وكان ملتزمًا بإنتاج أفضل أنواع النبيذ في العالم. ألهم شوبرت العديد من صانعي النبيذ الآخرين في أستراليا وحول العالم.
بسبب إسهاماته، حصل شوبرت على العديد من الجوائز والتكريمات، بما في ذلك وسام الإمبراطورية البريطانية في عام 1988. كما تم إدراجه في قاعة مشاهير صناعة النبيذ الأسترالية.
تقنيات صناعة النبيذ الفريدة
استخدم شوبرت تقنيات فريدة في صناعة النبيذ، والتي ساهمت في جودة نبيذ غرانج الاستثنائية. من بين هذه التقنيات:
- اختيار العنب: كان شوبرت يختار العنب بعناية من أفضل مزارع العنب في ولاية جنوب أستراليا.
- التخمير: استخدم شوبرت تقنيات التخمير الحديثة، مثل التحكم في درجة الحرارة، لتحقيق أفضل النتائج.
- التقادم: كان شوبرت يترك النبيذ يتقادم في براميل البلوط الفرنسية لمدة تصل إلى 18 شهرًا، مما يساهم في تعقيد النكهة.
كان شوبرت مؤمنًا بأهمية التجربة والخطأ. لم يتردد في تجربة تقنيات جديدة، حتى لو كانت غير تقليدية. ساعدته هذه الروح التجريبية على إنتاج نبيذ فريد من نوعه.
تأثيره على صناعة النبيذ العالمية
لم يقتصر تأثير ماكس شوبرت على صناعة النبيذ الأسترالية. كان له تأثير كبير على صناعة النبيذ العالمية أيضًا. كان أول من أثبت أنه يمكن لأستراليا إنتاج نبيذ عالي الجودة يمكن أن يضاهي أفضل أنواع النبيذ في العالم. ألهم هذا صانعي النبيذ في جميع أنحاء العالم لتجربة تقنيات جديدة وزراعة أنواع جديدة من العنب.
يعتبر بينفولدز غرانج الآن نبيذًا مرغوبًا فيه للغاية من قبل جامعي النبيذ والمتحمسين في جميع أنحاء العالم. ساهم شوبرت في رفع مستوى الوعي العالمي بالنبيذ الأسترالي، وساعد في وضع أستراليا على الخريطة العالمية لصناعة النبيذ.
إرثه
ترك ماكس شوبرت إرثًا دائمًا في عالم صناعة النبيذ. يعتبر بينفولدز غرانج أحد أفضل أنواع النبيذ في العالم، ويستمر في الحصول على التقدير والجوائز. ألهم شوبرت العديد من صانعي النبيذ الآخرين في جميع أنحاء العالم، ولا يزال عمله يمثل مصدر إلهام لهم.
يتم الاحتفال بذكرى ماكس شوبرت في أستراليا والعالم بأسره. يمثل إسهامه في صناعة النبيذ الأسترالية شهادة على رؤيته وشغفه وقيادته. سيظل اسمه مرتبطًا إلى الأبد بنبيذ بينفولدز غرانج، والذي يعتبر جوهرة تاج صناعة النبيذ الأسترالية.
السنوات الأخيرة والوفاة
بعد تقاعده من بينفولدز، ظل شوبرت نشطًا في صناعة النبيذ، وقام بتقديم المشورة للعديد من الشركات. كان يحظى باحترام كبير في مجتمع صناعة النبيذ، واستمر في تلقي التقدير على مساهماته. توفي ماكس شوبرت في 6 مارس 1994، عن عمر يناهز 79 عامًا. لكن إرثه سيستمر من خلال نبيذ بينفولدز غرانج، والذي سيظل رمزًا للتميز في صناعة النبيذ.
خاتمة
كان ماكس شوبرت شخصية تاريخية محورية في صناعة النبيذ الأسترالية. بفضل رؤيته وشغفه، تمكن من إنتاج نبيذ بينفولدز غرانج، الذي أصبح رمزًا للتميز العالمي. على الرغم من التحديات التي واجهها، أصر شوبرت على رؤيته، وألهم جيله وصناع النبيذ من بعده. يعتبر إرثه مثالًا على الإبداع والابتكار في عالم صناعة النبيذ.