خلفية تاريخية
في عام 1923، منحت بريطانيا جنوب روديسيا الحكم الذاتي، مما سمح للمستعمرة بإدارة شؤونها الداخلية. أدى هذا إلى تأسيس برلمان يتألف من أعضاء منتخبين. سيطر الحزب المسؤول (Responsible Party) على المشهد السياسي في جنوب روديسيا خلال فترة ما بين الحربين العالميتين. كان هذا الحزب يمثل مصالح المستوطنين البيض ودافع عن سياسات التمييز العنصري.
بحلول عام 1939، كان هناك عدد من القضايا التي أثرت على السياسة في جنوب روديسيا. وشملت هذه القضايا التحديات الاقتصادية الناجمة عن الكساد الكبير، والتوترات الاجتماعية المتزايدة بين البيض والسود، والتهديد المتزايد للحرب في أوروبا. كان على الأحزاب السياسية أن تتعامل مع هذه القضايا في حملاتها الانتخابية.
الأحزاب المتنافسة
شاركت عدة أحزاب سياسية في انتخابات عام 1939. كان الحزب المسؤول هو الحزب المهيمن، وكان يتمتع بدعم قوي من المستوطنين البيض. كان الحزب يتبنى سياسات محافظة تؤيد الحكم الذاتي والتمييز العنصري. كان من بين الأحزاب الأخرى التي شاركت في الانتخابات: حزب العمال، الذي دافع عن حقوق العمال البيض؛ والحزب المركزي، الذي سعى إلى تمثيل مصالح جميع السكان، بغض النظر عن العرق.
الحزب المسؤول: كان الحزب المسؤول هو الحزب الحاكم في ذلك الوقت. كان يترأسه السير جودفري هوغكينز، الذي شغل منصب رئيس وزراء جنوب روديسيا منذ عام 1933. ركز الحزب على الحفاظ على الحكم الذاتي وتعزيز مصالح المستوطنين البيض. أيد الحزب سياسات التمييز العنصري التي حرمت الأفارقة من حقوق سياسية واقتصادية كاملة.
حزب العمال: دافع حزب العمال عن مصالح العمال البيض. طالب الحزب بتحسين ظروف العمل وزيادة الأجور. كما عارض الحزب سياسات التمييز العنصري، على الرغم من أنه لم يكن لديه الكثير من الدعم من الناخبين السود.
الحزب المركزي: كان الحزب المركزي حزبًا صغيرًا سعى إلى تمثيل مصالح جميع السكان، بغض النظر عن العرق. دافع الحزب عن المساواة في الحقوق والفرص لجميع المواطنين. ومع ذلك، لم يتمكن الحزب من الحصول على الكثير من الدعم من الناخبين، وخاصة من المستوطنين البيض.
الحملة الانتخابية
تركزت الحملة الانتخابية على عدد من القضايا الرئيسية. كانت القضية الأكثر أهمية هي مسألة الحكم الذاتي. أيد الحزب المسؤول بقوة الحكم الذاتي، بينما كان حزب العمال والحزب المركزي أكثر حذرًا. كما ناقش المرشحون القضايا الاقتصادية، بما في ذلك البطالة والفقر. بالإضافة إلى ذلك، كانت مسألة التمييز العنصري موضوعًا مهمًا في الحملة الانتخابية.
استراتيجيات الحملة: استخدمت الأحزاب السياسية مجموعة متنوعة من الاستراتيجيات لكسب أصوات الناخبين. أجرى الحزب المسؤول حملات مكثفة في المناطق الريفية، حيث كان يتمتع بدعم قوي. استخدم حزب العمال والحزب المركزي الاجتماعات العامة والمنشورات للوصول إلى الناخبين. استخدمت جميع الأحزاب وسائل الإعلام، بما في ذلك الصحف والإذاعة، لنشر رسائلها.
المواقف السياسية: اتخذت الأحزاب مواقف مختلفة بشأن القضايا الرئيسية. دافع الحزب المسؤول عن الحكم الذاتي و سياسات التمييز العنصري. دعم حزب العمال تحسين ظروف العمل وزيادة الأجور، ولكنه كان مترددًا في معارضة سياسات التمييز العنصري بشكل كامل. دافع الحزب المركزي عن المساواة في الحقوق والفرص لجميع السكان.
نتائج الانتخابات
فاز الحزب المسؤول بأغلبية المقاعد في البرلمان. حصل الحزب على 23 مقعدًا من أصل 30 مقعدًا. فاز حزب العمال بـ 2 مقعدين، وفاز مرشح مستقل واحد بمقعد. لم يفز الحزب المركزي بأي مقاعد. أظهرت النتائج سيطرة الحزب المسؤول على المشهد السياسي في جنوب روديسيا واستمرار سياساته المحافظة.
تحليل النتائج: عكست نتائج الانتخابات الدعم الواسع الذي يتمتع به الحزب المسؤول بين المستوطنين البيض. كما أظهرت النتائج أن حزب العمال والحزب المركزي لم يتمكنا من الحصول على الدعم الكافي من الناخبين. أدت نتائج الانتخابات إلى ترسيخ سيطرة الحزب المسؤول على السلطة واستمراره في تنفيذ سياسات التمييز العنصري.
تأثير الانتخابات
كانت لانتخابات عام 1939 تأثير كبير على سياسة جنوب روديسيا. عززت الانتخابات سيطرة الحزب المسؤول على السلطة، مما أدى إلى استمرار سياساته المحافظة والتمييزية. كما أظهرت الانتخابات أن حزب العمال والحزب المركزي لم يتمكنا من تحدي سيطرة الحزب المسؤول. أثرت الانتخابات على مسار تاريخ جنوب روديسيا وأدت إلى استمرار التوترات الاجتماعية والسياسية.
الآثار السياسية: أدت الانتخابات إلى تعزيز سيطرة الحزب المسؤول على السلطة، مما أدى إلى استمرار سياساته المحافظة والتمييزية. ساهمت هذه السياسات في التوترات الاجتماعية والسياسية في جنوب روديسيا. كما أدت الانتخابات إلى تهميش الأحزاب الأخرى، مما جعل من الصعب عليها تحدي سيطرة الحزب المسؤول.
التأثيرات الاجتماعية: أثرت الانتخابات على الحياة الاجتماعية في جنوب روديسيا. أدت سياسات التمييز العنصري التي أقرها الحزب المسؤول إلى زيادة التوترات بين البيض والسود. كما أدت الانتخابات إلى تعزيز الشعور بالظلم والإحباط بين الأفارقة، مما ساهم في ظهور الحركات الوطنية في المستقبل.
الظروف التي سبقت الانتخابات
شهدت فترة ما قبل الانتخابات عدة تطورات هامة أثرت على المناخ السياسي. كان الكساد الكبير لا يزال يؤثر على الاقتصاد، مما أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة والفقر. أثرت هذه الظروف الاقتصادية على الرأي العام وأدت إلى زيادة الدعم للأحزاب التي وعدت بتحسين الأوضاع الاقتصادية. بالإضافة إلى ذلك، أدت التوترات الاجتماعية المتزايدة بين البيض والسود إلى زيادة الاستقطاب السياسي.
الكساد الكبير: كان الكساد الكبير له تأثير كبير على اقتصاد جنوب روديسيا. أدى انخفاض أسعار السلع الأساسية إلى انخفاض الصادرات وارتفاع البطالة. أثرت هذه الظروف الاقتصادية على حياة الناس وأدت إلى زيادة الدعم للأحزاب التي وعدت بتحسين الأوضاع الاقتصادية. حاول الحزب المسؤول التعامل مع الكساد من خلال تطبيق سياسات مالية محافظة.
التوترات الاجتماعية: ازدادت التوترات الاجتماعية بين البيض والسود في فترة ما قبل الانتخابات. كان المستوطنون البيض قلقين بشأن التهديد المتزايد من الأفارقة، الذين طالبوا بالمزيد من الحقوق. كما كان الأفارقة محبطين بسبب سياسات التمييز العنصري التي تتبعها الحكومة. ساهمت هذه التوترات في زيادة الاستقطاب السياسي.
الأهمية التاريخية
تعتبر انتخابات عام 1939 حدثًا تاريخيًا هامًا في تاريخ جنوب روديسيا. عززت الانتخابات سيطرة الحزب المسؤول على السلطة وساهمت في استمرار سياساته المحافظة والتمييزية. كما أظهرت الانتخابات أن الأحزاب الأخرى لم تتمكن من تحدي سيطرة الحزب المسؤول. شكلت الانتخابات جزءًا من التطورات التي أدت في النهاية إلى استقلال زيمبابوي في عام 1980.
إرث الانتخابات: تركت انتخابات عام 1939 إرثًا دائمًا في تاريخ جنوب روديسيا. ساهمت في تشكيل المشهد السياسي والاجتماعي للمستعمرة. أدت سياسات التمييز العنصري التي أقرها الحزب المسؤول إلى زيادة التوترات بين البيض والسود. أثرت الانتخابات على مسار تاريخ جنوب روديسيا وأدت إلى استمرار التحديات التي واجهتها البلاد.
الانتخابات في سياق أوسع
يجب فهم انتخابات عام 1939 في سياق أوسع للتاريخ الأفريقي والاستعماري. كانت جنوب روديسيا جزءًا من الإمبراطورية البريطانية، وكانت تخضع للحكم الاستعماري. كانت الانتخابات جزءًا من عملية الحكم الذاتي التي سمحت للمستوطنين البيض بإدارة شؤونهم الداخلية. عكست الانتخابات التحديات التي تواجهها المجتمعات الاستعمارية، بما في ذلك التمييز العنصري والصراعات الاجتماعية.
الحكم الاستعماري: كان الحكم الاستعماري له تأثير كبير على جنوب روديسيا. أدى الحكم الاستعماري إلى تقسيم المجتمع إلى فئتين، البيض والسود. تمتع المستوطنون البيض بالعديد من الحقوق والامتيازات، بينما عانى الأفارقة من التمييز والظلم. أثرت الانتخابات على مسار الحكم الاستعماري في جنوب روديسيا.
الحركة الوطنية: ساهمت الانتخابات في ظهور الحركة الوطنية في جنوب روديسيا. أدى التمييز العنصري والظلم الذي عانى منه الأفارقة إلى ظهور حركات تطالب بالمساواة في الحقوق والفرص. كانت هذه الحركات جزءًا من التطورات التي أدت في النهاية إلى استقلال زيمبابوي في عام 1980.
خاتمة
كانت الانتخابات العامة في جنوب روديسيا عام 1939 حدثًا مهمًا في تاريخ المستعمرة. عززت الانتخابات سيطرة الحزب المسؤول على السلطة وساهمت في استمرار سياساته المحافظة والتمييزية. كما أظهرت الانتخابات التحديات التي تواجهها المجتمعات الاستعمارية في ذلك الوقت. أثرت الانتخابات على مسار تاريخ جنوب روديسيا وساهمت في التطورات التي أدت إلى استقلال زيمبابوي في عام 1980.
المراجع
- مقال ويكيبيديا عن انتخابات 1939 في جنوب روديسيا
- تاريخ جنوب أفريقيا – انتخابات جنوب روديسيا عام 1939
- مقالة بحثية حول التاريخ السياسي لجنوب روديسيا
“`