الحياة المبكرة والتعليم
ولد نيكوليسكو في بلوينيشت، رومانيا، ونشأ في عائلة اهتمت بالعلوم والفنون. تلقى تعليمه في رومانيا قبل أن ينتقل إلى فرنسا لمتابعة دراساته العليا. حصل على درجة الدكتوراه في الفيزياء النظرية من جامعة بيير وماري كوري (جامعة باريس السادسة) في عام 1970. كان أستاذه في الدكتوراه هو الفيزيائي الفرنسي المشهور أوغستين كوبيني.
المسيرة المهنية والإسهامات العلمية
بدأ نيكوليسكو مسيرته المهنية في المركز الوطني للبحث العلمي (CNRS) في فرنسا، حيث عمل كباحث في مجال الفيزياء النظرية. تخصص في فيزياء الجسيمات الأولية ونظرية الحقول الكمومية. قدم نيكوليسكو مساهمات مهمة في فهم نظرية الأوتار، وهي نظرية تسعى إلى توحيد جميع القوى الأساسية للطبيعة. كما شارك في تطوير نماذج رياضية لوصف سلوك الجسيمات دون الذرية.
بالإضافة إلى عمله في الفيزياء، اشتهر نيكوليسكو بتطوير مفهوم “الواقع المتعدد”. يجادل نيكوليسكو بأن الواقع ليس بسيطًا أو أحاديًا، بل يتكون من مستويات متعددة من الواقع، مرتبطة ببعضها البعض من خلال ما يسميه “المجالات العابرة”. هذه المجالات تسمح بالتبادل والتفاعل بين المستويات المختلفة من الواقع. يعتمد هذا المفهوم على مبادئ الفيزياء الكمومية وعلم الكونيات والفلسفة، ويهدف إلى تجاوز القيود المفروضة على التفكير التقليدي.
من أبرز إسهاماته أيضًا، تركيزه على النهج العابر للتخصصات. يعتقد نيكوليسكو أن العلوم يجب أن تتجاوز الحدود الضيقة للتخصصات التقليدية وأن تتفاعل مع مجالات أخرى مثل الفلسفة والفن والأدب. وقد أسس نيكوليسكو مركزًا للبحوث العابرة للتخصصات في باريس، وهو يهدف إلى تعزيز الحوار بين العلماء والفنانين والفلاسفة والباحثين في مجالات مختلفة.
النهج العابر للتخصصات
يعد النهج العابر للتخصصات في فكر نيكوليسكو جوهر رؤيته للعلم والمعرفة. إنه يرى أن المشكلات المعقدة في عالم اليوم تتطلب مناهج شاملة تتجاوز الحدود التقليدية بين التخصصات الأكاديمية. يعتقد أن التعاون بين العلماء والفنانين والفلاسفة والباحثين في مجالات مختلفة ضروري لفهم العالم بشكل كامل وحل المشكلات التي نواجهها.
يعتمد النهج العابر للتخصصات على عدة مبادئ أساسية:
- تجاوز الحدود: يتطلب النهج العابر للتخصصات تجاوز الحدود التقليدية بين التخصصات الأكاديمية.
- الحوار والتبادل: يشجع على الحوار والتبادل بين مختلف التخصصات والوجهات النظر.
- الشمولية: يسعى إلى فهم الظواهر المعقدة بشكل شامل، مع مراعاة جميع جوانبها.
- الابتكار: يشجع على الابتكار والإبداع في البحث عن الحلول.
قام نيكوليسكو بتأسيس مركز الأبحاث العابرة للتخصصات في باريس بهدف تعزيز هذا النهج. يعمل المركز على تنظيم المؤتمرات والندوات وورش العمل التي تجمع بين العلماء والفنانين والفلاسفة من مختلف أنحاء العالم.
فلسفة العلوم
بالإضافة إلى عمله في الفيزياء، يعتبر نيكوليسكو فيلسوفًا للعلوم. يدرس العلاقة بين العلم والفلسفة والدين والفن، ويسعى إلى إيجاد رؤية شاملة للمعرفة. يرى أن العلم ليس مجرد مجموعة من الحقائق، بل هو وسيلة لفهم العالم وتغييره. يؤكد على أهمية الوعي بالقيود المفروضة على المعرفة العلمية، ويدعو إلى الانفتاح على وجهات نظر أخرى.
يركز نيكوليسكو في فلسفته على عدة قضايا رئيسية:
- الواقع المتعدد: يرى أن الواقع ليس بسيطًا أو أحاديًا، بل يتكون من مستويات متعددة من الواقع.
- النهج العابر للتخصصات: يؤكد على أهمية التعاون بين التخصصات المختلفة لفهم العالم بشكل كامل.
- الوعي: يشدد على أهمية الوعي بالقيود المفروضة على المعرفة العلمية.
- الأخلاق: يرى أن العلم يجب أن يخدم الإنسانية وأن يكون له بعد أخلاقي.
يعد عمل نيكوليسكو في فلسفة العلوم بمثابة مساهمة قيمة في الفكر المعاصر. يقدم منظورًا جديدًا للعلاقة بين العلم والفلسفة، ويدعو إلى رؤية أكثر شمولية للمعرفة.
الجوائز والتكريمات
حصل نيكوليسكو على العديد من الجوائز والتكريمات خلال مسيرته المهنية. تشمل هذه الجوائز:
- وسام جوقة الشرف
- جائزة الإنجاز مدى الحياة من أكاديمية العلوم الرومانية
- دكتوراه فخرية من جامعات مختلفة
أعمال مختارة
قام نيكوليسكو بتأليف العديد من الكتب والمقالات التي ساهمت في نشر أفكاره. من بين هذه الأعمال:
- “الفيزياء والروح” (Physics and the Spirit)
- “الواقع المتعدد” (The Multiple Reality)
- “ما بعد الفيزياء: نحو علم جديد” (Beyond Physics: Towards a New Science)
- “المنهج العابر للتخصصات: نحو علم جديد” (Transdisciplinarity: Towards a New Science)
تُرجمت هذه الأعمال إلى العديد من اللغات، مما ساهم في انتشار أفكاره على نطاق واسع.
التأثير والإرث
ترك نيكوليسكو بصمة واضحة في مجالات الفيزياء النظرية وفلسفة العلوم والنهج العابر للتخصصات. أثرت أفكاره في العديد من العلماء والفلاسفة والفنانين، وألهمت أجيالًا جديدة من الباحثين. يعتبر نيكوليسكو رائدًا في مجال النهج العابر للتخصصات، وقد ساهم في تغيير طريقة تفكيرنا في العلم والمعرفة.
تتمثل أهمية إرث نيكوليسكو في:
- تعزيز النهج العابر للتخصصات: ساهم في نشر الوعي بأهمية التعاون بين التخصصات المختلفة.
- تطوير مفهوم الواقع المتعدد: قدم رؤية جديدة للعلاقة بين الواقع والمعرفة.
- إلهام العلماء والفلاسفة والفنانين: ألهم العديد من الباحثين في مجالات مختلفة.
خاتمة
باساراب نيكوليسكو هو عالم فيزياء نظرية وفيلسوف للعلوم رائد، قدم مساهمات كبيرة في مجال الفيزياء النظرية من خلال نظريته في الأوتار، وطور مفهوم “الواقع المتعدد”. كما أنه من رواد النهج العابر للتخصصات، وهو يدعو إلى التعاون بين العلوم والإنسانيات والفنون لفهم العالم بشكل أفضل. أثرت أفكاره في العديد من العلماء والفلاسفة، ولا يزال إرثه يمثل مصدر إلهام للباحثين في جميع أنحاء العالم.
المراجع
- صفحة باساراب نيكوليسكو على ويكيبيديا الإنجليزية
- الموقع الرسمي لباساراب نيكوليسكو (باللغة الإنجليزية)
- صفحة باساراب نيكوليسكو على موقع Goodreads
- صفحة باساراب نيكوليسكو على موقع CNRS (باللغة الفرنسية)
“`