نشأتها وبداياتها
ولدت سابريي تنبيركن في ألمانيا. فقدت بصرها في سن الثانية عشرة نتيجة لمرض. على الرغم من هذه الإعاقة، أظهرت سابريي إصرارًا وشغفًا بالتعلم، وتفوقت في دراستها، وحصلت على شهادة جامعية في علم التبت، بالإضافة إلى دراسات في علم الاجتماع.
خلال دراستها، طورت سابريي اهتمامًا خاصًا بالتبت وثقافتها الفريدة. قررت زيارة التبت لفهم احتياجات الأشخاص المكفوفين هناك، حيث لم تكن هناك أنظمة تعليمية مناسبة لهم. أدركت سابريي أن هناك حاجة ماسة إلى توفير التعليم والتدريب للمكفوفين، مما دفعها إلى اتخاذ خطوات جريئة لتغيير الوضع.
تأسيس “برايل بلا حدود”
في عام 1997، أسست سابريي تنبيركن، بالتعاون مع بول كونيغ، منظمة “برايل بلا حدود” (Braille Without Borders). كانت رؤيتها هي توفير التعليم والتدريب للمكفوفين في التبت، وتمكينهم من العيش باستقلالية وكرامة. بدأت المنظمة بتأسيس مدرسة داخلية للمكفوفين في لاسا، عاصمة التبت. كانت هذه المدرسة الأولى من نوعها في المنطقة، حيث قدمت التعليم بلغة برايل، والتدريب على المهارات الحياتية، والفرص التعليمية والمهنية.
ركزت “برايل بلا حدود” على توفير تعليم عالي الجودة، وتدريب على المهارات التي تمكن المكفوفين من المشاركة الكاملة في المجتمع. تضمن ذلك تعليم اللغة الإنجليزية، والرياضيات، والعلوم، والفنون، بالإضافة إلى مهارات الحاسوب والاتصال. كما قدمت المنظمة الدعم النفسي والاجتماعي للطلاب وأسرهم.
تأثير “برايل بلا حدود”
كان لتأسيس “برايل بلا حدود” تأثير عميق على حياة الآلاف من الأشخاص المكفوفين في التبت. فقد تمكن الطلاب من الحصول على التعليم والتدريب الذي لم يكن متاحًا لهم من قبل. اكتسبوا المهارات اللازمة للعيش باستقلالية، والحصول على وظائف، والمساهمة في مجتمعاتهم. لم يقتصر تأثير المنظمة على الطلاب فحسب، بل امتد ليشمل أسرهم ومجتمعاتهم المحلية، حيث تغيرت نظرة الناس إلى الإعاقة.
وسعت “برايل بلا حدود” نطاق عملها ليشمل برامج التوعية، والتدريب على حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وتعزيز الشمولية في المجتمع. عملت المنظمة أيضًا على توفير الكتب والمواد التعليمية بطريقة برايل، وتدريب المعلمين على طرق التدريس المناسبة للمكفوفين.
مشاريع أخرى
بالإضافة إلى عملها مع “برايل بلا حدود”، شاركت سابريي تنبيركن في العديد من المشاريع الأخرى. ألفت كتابًا بعنوان “رؤية من الظلام”، والذي يروي قصتها وتجربتها في التبت. كما شاركت في إنتاج فيلم وثائقي عن عملها، بعنوان “التبت: رؤية من الظلام”. ساهمت هذه الأعمال في زيادة الوعي بقضايا المكفوفين وتعزيز التفاهم بين الثقافات.
لعبت تنبيركن دورًا مهمًا في الدعوة إلى حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة على المستوى العالمي. ألقت محاضرات في العديد من المؤتمرات والندوات، وشاركت في مناقشات حول قضايا الإعاقة والشمولية. عملت أيضًا مع منظمات دولية لتحسين السياسات والممارسات المتعلقة بالأشخاص ذوي الإعاقة.
الجوائز والتكريمات
حصلت سابريي تنبيركن على العديد من الجوائز والتكريمات تقديرًا لعملها. من بين هذه الجوائز:
- جائزة “أفضل امرأة في أوروبا”
- جائزة “راعي السلام”
- وسام الاستحقاق من جمهورية ألمانيا الاتحادية
تعتبر هذه الجوائز شهادة على تفانيها والتزامها بتحسين حياة الأشخاص المكفوفين، وجهودها في تعزيز الشمولية والتفاهم بين الثقافات.
التحديات والمستقبل
واجهت سابريي تنبيركن ومنظمة “برايل بلا حدود” العديد من التحديات خلال عملهما في التبت. تضمنت هذه التحديات العقبات السياسية، والصعوبات اللوجستية، والحاجة إلى جمع التبرعات. ومع ذلك، استمرت المنظمة في النمو والتوسع، بفضل تفاني موظفيها ومتطوعيها، والدعم الذي تلقوه من الأفراد والمنظمات.
في المستقبل، تهدف “برايل بلا حدود” إلى مواصلة عملها في التبت، وتوسيع نطاق برامجها لتشمل المزيد من الأشخاص ذوي الإعاقة. كما تسعى المنظمة إلى مشاركة خبرتها مع منظمات أخرى في جميع أنحاء العالم، وتعزيز التعاون الدولي في مجال الإعاقة.
تطمح سابريي تنبيركن إلى مواصلة عملها في الدعوة إلى حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وتعزيز الشمولية في جميع جوانب الحياة. تؤمن سابريي بأن كل شخص، بغض النظر عن إعاقته، يستحق فرصة عادلة للعيش بكرامة وتحقيق إمكاناته الكاملة.
أهمية عملها
يُعتبر عمل سابريي تنبيركن ومنظمة “برايل بلا حدود” مثالًا ملهمًا على الإصرار والتفاني في خدمة الآخرين. فقد تمكنت من تحويل حياة الآلاف من الأشخاص المكفوفين في التبت، وتغيير نظرة المجتمع إلى الإعاقة. عملت على كسر الحواجز وفتح الأبواب أمام التعليم والتدريب، وتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من المشاركة الكاملة في المجتمع.
يُظهر عمل سابريي أهمية التعليم والتدريب في تحسين حياة الأشخاص ذوي الإعاقة. كما يؤكد على ضرورة توفير الدعم النفسي والاجتماعي، وتعزيز الشمولية في جميع جوانب الحياة. تعتبر قصتها مصدر إلهام للجميع، وتدعو إلى العمل من أجل عالم أكثر عدالة وإنصافًا.
خاتمة
سابريي تنبيركن هي شخصية استثنائية، تركت بصمة واضحة في مجال الإعاقة. من خلال عملها مع “برايل بلا حدود”، تمكنت من تغيير حياة الآلاف من الأشخاص المكفوفين في التبت. عملها يمثل نموذجًا للقيادة والإلهام، ويدعو إلى العمل من أجل عالم أكثر شمولية وإنصافًا. جهودها المستمرة في الدعوة إلى حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة تجعلها قدوة يحتذى بها.