<![CDATA[
مقدمة
المجموعة الماركسية الأممية (بالألمانية: Internationale Marxistische Gruppe، واختصارًا IMG) هو الاسم الذي أطلق على مجموعتين ماركسيتين ألمانيتين. تشكلت المجموعة الأولى في عام 1939، وكانت انشقاقًا عن الحزب الشيوعي الألماني (KPD) بسبب خلافات أيديولوجية وسياسية. أما المجموعة الثانية، فقد تأسست في عام 1969 وكانت تابعة للأممية الرابعة (الأمانة الموحدة). لعبت كلتا المجموعتين دورًا هامًا في المشهد السياسي الألماني في فترتيهما الزمنيتين، على الرغم من اختلاف توجهاتهما وظروف نشأتهما.
المجموعة الماركسية الأممية (1939-1945)
تأسست المجموعة الماركسية الأممية الأصلية في عام 1939 على يد مجموعة من الشيوعيين الألمان المعارضين لسياسات ستالين وتوجهات الحزب الشيوعي الألماني آنذاك. كان المؤسسون منتقدين بشدة لسياسات الجبهة الشعبية التي تبناها الكومنترن، واعتبروها تضحيًا بالمبادئ الثورية من أجل مكاسب تكتيكية قصيرة الأجل. كما انتقدوا بشدة القمع الستاليني للمعارضة داخل الحزب الشيوعي السوفيتي وخارجه.
كان من بين أبرز مؤسسي هذه المجموعة:
- جوليان جومبرت: وهو شخصية بارزة في الحركة الشيوعية الألمانية المعارضة، وكان له دور فعال في تنظيم المجموعة وتحديد توجهاتها الأيديولوجية.
- جاكوب فالشر: وهو ناشط شيوعي آخر انضم إلى المجموعة وساهم في نشاطاتها السرية في ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية.
عملت المجموعة بشكل سري في ألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية، وقامت بتوزيع منشورات مناهضة للحرب وكشف جرائم النظام النازي. كما حاولت تنظيم خلايا مقاومة سرية في المصانع والأحياء العمالية. واجهت المجموعة قمعًا شديدًا من قبل قوات الأمن النازية، وتم اعتقال العديد من أعضائها وتعذيبهم أو إعدامهم.
بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، انخرط أعضاء المجموعة الناجين في إعادة بناء الحركة الشيوعية في ألمانيا الغربية، وشاركوا في تأسيس منظمات شيوعية جديدة. ومع ذلك، لم تتمكن المجموعة الأصلية من استعادة قوتها ونفوذها السابقين، وتلاشت تدريجيًا في السنوات اللاحقة.
المجموعة الماركسية الأممية (1969-1991)
تأسست المجموعة الماركسية الأممية الثانية في عام 1969، وكانت منظمة تروتسكية ألمانية تابعة للأممية الرابعة (الأمانة الموحدة). تأسست هذه المجموعة في خضم الحركة الطلابية والعمالية التي اجتاحت أوروبا الغربية في أواخر الستينيات، وكانت تهدف إلى بناء حزب ثوري قوي قادر على قيادة الطبقة العاملة الألمانية نحو الثورة الاشتراكية.
كانت المجموعة الماركسية الأممية من بين أبرز المنظمات التروتسكية في ألمانيا الغربية، ولعبت دورًا هامًا في الحركة الطلابية والحركة المناهضة للحرب في السبعينيات والثمانينيات. شاركت المجموعة في العديد من الاحتجاجات والمظاهرات والإضرابات، وعملت على نشر الأفكار الماركسية الثورية بين العمال والطلاب.
كان من بين أبرز قادة المجموعة الماركسية الأممية:
- إرنست ماندل: وهو منظر ماركسي بلجيكي بارز، وكان له تأثير كبير على توجهات المجموعة الأيديولوجية والسياسية.
- ميخائيل لوي: وهو مفكر ماركسي فرنسي من أصل برازيلي، وكان أيضًا من الشخصيات المؤثرة في المجموعة.
- تاراس بورشيز: وهو ناشط سياسي ألماني، وكان من القادة البارزين في المجموعة.
دعمت المجموعة الماركسية الأممية العديد من الحركات التحررية في العالم الثالث، بما في ذلك حركات المقاومة في فيتنام وفلسطين وأمريكا اللاتينية. كما دعمت نضالات العمال والمضطهدين في جميع أنحاء العالم.
في عام 1991، اندمجت المجموعة الماركسية الأممية مع حزب البديل الاشتراكي (Sozialistische Alternative) لتشكيل منظمة جديدة تسمى “الاشتراكيون الأمميون” (Internationale Sozialisten). وقد استمرت هذه المنظمة في النشاط السياسي في ألمانيا حتى تم حلها في عام 2016.
الأيديولوجيا
تأثرت المجموعة الماركسية الأممية (1969-1991) بشكل كبير بالأفكار الماركسية التروتسكية. اعتقدت المجموعة أن الثورة الاشتراكية يجب أن تكون أممية، وأن الطبقة العاملة في جميع أنحاء العالم يجب أن تتحد للإطاحة بالنظام الرأسمالي. كما اعتقدت المجموعة أن الدولة السوفيتية قد انحرفت عن مسارها الصحيح في عهد ستالين، وأن الثورة المضادة قد انتصرت في الاتحاد السوفيتي. دعت المجموعة إلى ثورة سياسية في الاتحاد السوفيتي لإعادة السلطة إلى الطبقة العاملة.
كانت المجموعة الماركسية الأممية تنتقد بشدة الأحزاب الشيوعية التقليدية، واعتبرتها أحزابًا إصلاحية تخلت عن الأهداف الثورية. كما كانت تنتقد الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية، واعتبرتها أحزابًا برجوازية تسعى إلى تحسين النظام الرأسمالي بدلاً من الإطاحة به.
دعت المجموعة الماركسية الأممية إلى بناء أحزاب ثورية قوية في جميع أنحاء العالم، قادرة على قيادة الطبقة العاملة نحو الثورة الاشتراكية. كما دعت إلى الوحدة بين جميع القوى الثورية في العالم، بغض النظر عن اختلافاتهم الأيديولوجية.
النشاط السياسي
شاركت المجموعة الماركسية الأممية (1969-1991) في العديد من الحملات والاحتجاجات السياسية. دعمت المجموعة إضرابات العمال واحتجاجات الطلاب وحركات السلام. كما شاركت المجموعة في الحملات المناهضة للعنصرية والتمييز ضد المرأة وحماية البيئة.
كانت المجموعة الماركسية الأممية نشطة بشكل خاص في الحركة المناهضة للحرب. عارضت المجموعة حرب فيتنام والغزو السوفيتي لأفغانستان وحرب الخليج. كما دعمت المجموعة حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.
نشرت المجموعة الماركسية الأممية العديد من الصحف والمجلات والكتب. كان هدف المجموعة هو نشر الأفكار الماركسية الثورية بين العمال والطلاب والمثقفين. كما نظمت المجموعة العديد من المؤتمرات والندوات والمدارس الصيفية.
التنظيم
كانت المجموعة الماركسية الأممية (1969-1991) منظمة مركزية ديمقراطية. تم انتخاب قادة المجموعة من قبل أعضاء المجموعة. وكان لأعضاء المجموعة الحق في التعبير عن آرائهم وانتقاد سياسات المجموعة.
كانت المجموعة الماركسية الأممية منظمة أممية. كان للمجموعة فروع في العديد من البلدان حول العالم. كانت المجموعة تابعة للأممية الرابعة (الأمانة الموحدة).
الأهمية التاريخية
على الرغم من أن المجموعة الماركسية الأممية (1969-1991) لم تنجح في تحقيق أهدافها الثورية، إلا أنها لعبت دورًا هامًا في المشهد السياسي الألماني في السبعينيات والثمانينيات. ساهمت المجموعة في نشر الأفكار الماركسية الثورية بين العمال والطلاب والمثقفين. كما ساهمت المجموعة في تنظيم العديد من الحملات والاحتجاجات السياسية.
كانت المجموعة الماركسية الأممية جزءًا من الحركة التروتسكية العالمية. ساهمت المجموعة في تطوير النظرية التروتسكية وفي تنظيم الحركة التروتسكية في جميع أنحاء العالم.
خاتمة
المجموعة الماركسية الأممية، بشقيها التاريخيين، تمثل نموذجًا للمجموعات الماركسية التي سعت إلى تطبيق الأفكار الماركسية في سياقات تاريخية مختلفة. المجموعة الأولى، التي نشأت في ظل الحرب العالمية الثانية، جسدت مقاومة سرية للنظام النازي، بينما كانت المجموعة الثانية، التي ظهرت في فترة المدّ الطلابي والعمالي، تسعى إلى تحقيق الثورة الاشتراكية. على الرغم من اختلاف الظروف والأهداف، فإن كلا المجموعتين تعبران عن رغبة في تغيير جذري للمجتمع وتحقيق العدالة الاجتماعية.