نشأته وبداياته
ولد ستانلي روثر في 27 مارس 1935، في مدينة أوكلاهوما، أوكلاهوما. كان الأكبر بين أربعة أطفال في عائلة مزارعين كاثوليكيين ألمان. نشأ في مزرعة العائلة وتعلم قيمة العمل الجاد والإخلاص. أظهر روثر في سن مبكرة اهتمامًا بالدين، وعمل كخادم مذبح في كنيسة البلدة. بعد تخرجه من المدرسة الثانوية، التحق بمعهد القديس يوسف في شوغرتون، أوكلاهوما، حيث بدأ دراسته الإكليريكية.
أظهر روثر في البداية صعوبة في الدراسة، خاصة في اللغات اللاتينية واليونانية. ومع ذلك، كان يتمتع بشخصية ودودة ومحبة، وكان محبوبًا من قبل زملائه في الدراسة والأساتذة. بعد بعض التردد، تم قبوله في المدرسة الإكليريكية الإقليمية في سان أنطونيو، تكساس. وفي عام 1963، تم رسامته كاهنًا في أبرشية أوكلاهوما سيتي.
الخدمة في غواتيمالا
بعد رسامته، عمل روثر في عدة رعايا في أوكلاهوما. في عام 1968، تطوع للخدمة في بعثة أبرشية أوكلاهوما سيتي في سانتياغو أتيتلان، غواتيمالا. كانت هذه المنطقة تسكنها في الغالب قبيلة تسوتوهيل المايا. وصل روثر إلى غواتيمالا في عام 1968 وبدأ في تعلم لغة تسوتوهيل. سرعان ما أصبح محبوبًا من قبل الناس بسبب تفانيه في خدمتهم وطبيعته المتعاطفة.
عمل روثر بلا كلل لمساعدة شعب تسوتوهيل. قام ببناء مستشفى صغير، وأنشأ أول محطة إذاعية كاثوليكية في المنطقة، وأنشأ برنامجًا للتدريب الزراعي. كان أيضًا ناشطًا في الدفاع عن حقوق السكان الأصليين في مواجهة الظلم والتمييز. قام بترجمة الكتاب المقدس والصلوات إلى لغة تسوتوهيل، مما جعل الدين في متناول الشعب بشكل أكبر.
التهديدات والعنف
في سبعينيات القرن العشرين، أصبحت غواتيمالا ساحة حرب بين الحكومة والجماعات الماركسية. اتُهم العديد من الكهنة والنشطاء الكاثوليك بالتعاطف مع المتمردين. بدأ العنف في التصاعد، وتلقى روثر تهديدات بالقتل. في عام 1980، عاد إلى أوكلاهوما لفترة وجيزة للتشاور مع رؤسائه حول الوضع في غواتيمالا.
على الرغم من المخاطر، قرر روثر العودة إلى غواتيمالا لمواصلة خدمته لشعبه. كان يعلم أنه قد يكون في خطر، لكنه كان مقتنعًا بأنه لا يستطيع ترك رعيته في وقت حاجتهم. في الأشهر التي سبقت وفاته، تلقى تهديدات متزايدة. في إحدى المرات، عثر على اسمه على قائمة الموت. قام بإرسال ممتلكاته إلى أوكلاهوما تحسبًا لما قد يحدث.
الاستشهاد
في 28 يوليو 1981، اقتحم مسلحون كنيسة روثر في سانتياغو أتيتلان وقتلوه بالرصاص. كان عمره 46 عامًا. أصبح استشهاده رمزًا للتفاني في خدمة الفقراء والمهمشين. اعتبره العديد من الناس شهيدًا، واعتبروه مخلصًا للإيمان الكاثوليكي. أقيمت مراسم جنازته في سانتياغو أتيتلان، وحضر الآلاف من الناس لتكريمه.
أعيد جثمان روثر إلى أوكلاهوما ودفن في مقبرة كنيسة القديس يوسف في أوكلاهوما سيتي. في عام 2017، تم تطويبه من قبل الكنيسة الكاثوليكية، مما جعله أول قديس أمريكي من أصل أمريكي. أقيمت مراسم التطويب في أوكلاهوما سيتي، وحضرها الآلاف من المؤمنين.
إرثه
يُذكر ستانلي روثر كرمز للخدمة والتضحية بالنفس. ألهمت حياته وموته عددًا لا يحصى من الناس في جميع أنحاء العالم. تستمر كنيسة القديس ستانلي روثر في سانتياغو أتيتلان في خدمة شعب تسوتوهيل، وهي الآن مزار للحجاج من جميع أنحاء العالم. كما تم إنشاء العديد من المدارس والمؤسسات الأخرى تكريمًا له.
كان روثر شخصية بارزة في الكنيسة الكاثوليكية الأمريكية. يمثل إيمانه الراسخ وتفانيه في خدمة الآخرين قيمًا مهمة للكنيسة والمجتمع ككل. لقد ترك إرثًا دائمًا من الحب والرحمة والتضحية.
الحياة والعمل في سانتياغو أتيتلان
عند وصوله إلى سانتياغو أتيتلان، انخرط روثر على الفور في حياة المجتمع. تعلم لغة تسوتوهيل بطلاقة، مما سمح له بالتواصل مع الناس على مستوى أعمق. كان يصلي معهم، ويعمل معهم، ويشاركهم أفراحهم وأحزانهم. كان يحضر المزارعين في حقولهم، ويعلم الأطفال في المدارس، ويزور المرضى في منازلهم.
أدرك روثر أن الفقر والظلم كانا من أكبر التحديات التي تواجه شعب تسوتوهيل. لذلك، بدأ في العمل على تحسين ظروف حياتهم. ساعد في إنشاء تعاونيات زراعية، وقدم الدعم للمشاريع الصغيرة، ودافع عن حقوقهم في مواجهة الحكومة. كان روثر مدافعًا عن السلام والعدالة الاجتماعية، وقد آمن بأن جميع الناس يستحقون أن يعيشوا حياة كريمة.
تحدياته
واجه روثر العديد من التحديات في عمله. كان عليه أن يتعامل مع الفقر المدقع، والعنف السياسي، والتمييز العنصري. كان عليه أيضًا أن يعمل في بيئة معادية في بعض الأحيان للكنيسة الكاثوليكية. ومع ذلك، لم يتخل عن إيمانه أو التزامه بخدمة شعبه.
بصفته كاهنًا، واجه روثر صعوبات في ترجمة المفاهيم اللاهوتية المعقدة إلى لغة تسوتوهيل. كان عليه أيضًا أن يكافح من أجل الحفاظ على إيمانه في مواجهة العنف والخوف. على الرغم من هذه التحديات، استمر في إلهام الآخرين من خلال إيمانه القوي وشهادته على الحياة.
أعماله وأثره
تركت أعمال روثر أثرًا دائمًا على حياة الناس في سانتياغو أتيتلان. لقد قام ببناء مستشفى صغير قدم الرعاية الصحية الأساسية للمجتمع. أنشأ أيضًا أول محطة إذاعية كاثوليكية في المنطقة، والتي وفرت معلومات وتعليمًا دينيًا. بالإضافة إلى ذلك، ساعد في تأسيس العديد من المدارس والمراكز المجتمعية.
شجع روثر على الحوار بين الأديان، وعمل مع الزعماء الدينيين الآخرين لتعزيز السلام والتفاهم. كان يؤمن بأن الجميع يستحقون أن يعيشوا حياة سلمية ومزدهرة. أصبح روثر رمزًا للأمل والعدالة بالنسبة للعديد من الناس في غواتيمالا.
الاعتراف به كقديس
تم تطويب ستانلي روثر في 23 سبتمبر 2017، في مدينة أوكلاهوما. هذه خطوة مهمة في عملية تقديسه. يتطلب التقديس إثبات معجزة منسوبة لشفاعة الشخص. في حالة روثر، كانت المعجزة شفاء طفل من السرطان.
تم الاحتفال بالتطويب في حفل كبير حضره الآلاف من الناس، بمن فيهم عائلة روثر، وأصدقائه، وزملائه. كان هذا اعترافًا رسميًا من الكنيسة الكاثوليكية بحياة روثر المقدسة وتفانيه في خدمة الآخرين.
بعد التطويب، يُطلق على ستانلي روثر اسم “المبجل” في الكنيسة الكاثوليكية. يمكن للمؤمنين الآن أن يصلوا من أجله طالبين شفاعته. سيتم تقديسه رسميًا كقديس عندما يتم إثبات معجزة أخرى منسوبة لشفاعته.
موقعه الحالي
تعتبر كنيسة القديس ستانلي روثر في سانتياغو أتيتلان مزارًا للحجاج من جميع أنحاء العالم. يأتي الناس لزيارة قبره، والصلاة، وتكريم إرثه. تم بناء العديد من المدارس والمؤسسات الأخرى على اسمه، وهو يستمر في إلهام الآخرين في جميع أنحاء العالم.
يستمر إرث روثر في العيش من خلال الأشخاص الذين ألهمهم. يعتبر مثالًا على التفاني في خدمة الآخرين والشهادة على الإيمان. لقد أصبح رمزًا للأمل والعدالة للجميع.
ملخص لأهم أعماله
- التبشير: كرّس روثر حياته للتبشير بالإنجيل، ونشر كلمة الله بين شعب تسوتوهيل.
- الخدمة الاجتماعية: عمل روثر بلا كلل لتحسين الظروف المعيشية لشعب تسوتوهيل، وبنى مستشفى صغيرًا، وأنشأ محطة إذاعية، ودافع عن حقوقهم.
- الشهادة: ضحى روثر بحياته دفاعًا عن إيمانه، وأصبح رمزًا للتفاني والتضحية بالنفس.
- التطويب: في عام 2017، تم تطويب روثر، مما جعله أول قديس أمريكي من أصل أمريكي.
خاتمة
ستانلي روثر كان كاهنًا أمريكيًا ترك بصمة لا تمحى في غواتيمالا، وخاصة في مجتمع تسوتوهيل. خدمهم بتفانٍ وإخلاص، وترجم الكتاب المقدس إلى لغتهم، وبنى المستشفيات والمدارس. قاوم العنف والظلم، ودفع حياته ثمنًا لذلك، ليصبح رمزًا للشهادة والإيمان. تطويبه في عام 2017 يمثل اعترافًا رسميًا بإرثه الدائم في الكنيسة الكاثوليكية والعالم أجمع.