خلفية تاريخية
قبل الحرب العالمية الثانية، كانت دانزيج مدينة حرة تحت رعاية عصبة الأمم، وكانت ذات أهمية استراتيجية واقتصادية كبيرة لكل من بولندا وألمانيا. بولندا، التي كانت تحاول تأمين وصولها إلى البحر، أنشأت مكتب بريد في دانزيج لخدمة الجالية البولندية الكبيرة في المدينة. كان هذا المكتب بمثابة مركز حيوي للاتصالات، حيث يربط بولندا بالخارج. أصرت ألمانيا النازية، التي كانت تسعى إلى ضم دانزيج إلى الرايخ، على إنهاء هذا الوجود البولندي.
بدأت التوترات في التصاعد في الأشهر التي سبقت الحرب. طالبت ألمانيا بضم دانزيج، وأيدت الحركات المؤيدة لألمانيا في المدينة، وأطلقت حملة ترهيب ضد السكان البولنديين. في الوقت نفسه، أدركت الحكومة البولندية أن الهجوم الوشيك قد يكون وشيكًا، وعززت وجودها في دانزيج بإرسال مجموعة صغيرة من موظفي البريد المسلحين للدفاع عن مكتب البريد. كان من المفترض أن يكون هؤلاء الرجال بمثابة رمز للمقاومة، على أمل أن يؤخروا الألمان لفترة كافية للسماح للقوات البولندية بالوصول وتعزيز الدفاعات.
الاستعدادات للدفاع
في الأسابيع التي سبقت الحرب، اتخذ موظفو البريد البولنديون في دانزيج تدابير تحضيرية للدفاع عن المكتب. كان عددهم 56 شخصًا، معظمهم من الموظفين المدنيين، وبعضهم من الاحتياطيين العسكريين. كان لديهم أسلحة خفيفة، بما في ذلك البنادق والمسدسات والقنابل اليدوية، ولكن كان لديهم القليل من التدريب العسكري. قاموا بتحصين المبنى قدر الإمكان، حيث قاموا بتحصين النوافذ والأبواب، وبناء الحواجز، وتخزين الطعام والإمدادات.
بيد أن الإعدادات كانت غير كافية على الإطلاق لمواجهة الهجوم الألماني الذي كان وشيكًا. لم يكن لديهم مدفعية ثقيلة أو أسلحة مضادة للدبابات. علاوة على ذلك، كان لديهم عدد قليل جدًا من الذخيرة والإمدادات الطبية. ومع ذلك، كان لديهم تصميم على الدفاع عن المكتب حتى النهاية.
الهجوم الألماني
في صباح الأول من سبتمبر عام 1939، في نفس اليوم الذي غزت فيه القوات الألمانية بولندا، بدأ الألمان في الهجوم على مكتب البريد البولندي في دانزيج. بدأ الهجوم في الساعة 04:45 صباحًا، قبل ساعات من هجوم القوات الألمانية الأخرى على بولندا. كان الهجوم الأول عبارة عن إطلاق نار، يليه هجوم من قبل وحدات شرطة دانزيج وميليشيا قوات الدفاع عن الوطن في المدينة، ووحدات من الجيش الألماني. تعرض المدافعون عن مكتب البريد للهجوم من قبل القوات الألمانية المتفوقة عدديًا والمسلحة بشكل أفضل.
كانت معركة عنيفة. استخدم الألمان المدفعية والرشاشات لإطلاق النار على المبنى. رد المدافعون، باستخدام أسلحتهم الصغيرة، بكل ما لديهم من قوة. على الرغم من كونهم أقل عددًا وأقل تجهيزًا، فقد تمكنوا من صد الهجوم الأولي. دمرت النيران الألمانية المبنى، مما تسبب في أضرار جسيمة. سقط العديد من الضحايا من كلا الجانبين.
استمرت المعركة لمدة 14 ساعة. بعد عدة هجمات فاشلة، تمكن الألمان من اختراق الدفاعات البولندية بحلول المساء. استسلم معظم المدافعين عندما نفدت ذخيرتهم أو أصيبوا بجروح خطيرة. تم أسر الناجين.
عواقب المعركة
بعد انتهاء القتال، تم إعدام معظم المدافعين عن مكتب البريد البولندي من قبل الألمان. تم إعدام عدد كبير منهم رميًا بالرصاص بعد استسلامهم، مما يشير إلى انتهاك خطير لقوانين الحرب. اتهم الألمان المدافعين بالقتال كميليشيا غير نظامية، وهي ذريعة لإعدامهم. كان هذا العمل بمثابة جريمة حرب.
اعتقلت السلطات الألمانية الناجين، بمن فيهم موظفو البريد البولنديون والموظفون المدنيون. تم الزج بهم في معسكرات الاعتقال أو سجنهم، حيث عانوا من قسوة كبيرة. لم يتمكن سوى عدد قليل من الناجين من البقاء على قيد الحياة حتى نهاية الحرب. بعد الحرب، أصبح موقع مكتب البريد البولندي في دانزيج موقعًا تذكاريًا. يمثل شجاعة وشجاعة المدافعين عنه.
كان الدفاع عن مكتب البريد البولندي في دانزيج رمزًا للمقاومة البولندية ضد الغزو الألماني. على الرغم من أن المعركة كانت قصيرة وانتهت بهزيمة، فقد أظهرت تصميم الشعب البولندي على القتال من أجل حريته واستقلاله. أثار الدفاع عن مكتب البريد غضبًا عالميًا وساهم في بداية الحرب العالمية الثانية.
في النهاية، أصبح الدفاع عن مكتب البريد البولندي في دانزيج أحد الأحداث البارزة في بداية الحرب العالمية الثانية. أظهرت شجاعة واستعداد المدافعين البولنديين، على الرغم من قلة عددهم وأسلحتهم، على المقاومة. ومع ذلك، أظهرت أيضًا وحشية النازيين، الذين أعدموا معظم المدافعين بعد استسلامهم.
دروس من الدفاع
أظهرت معركة الدفاع عن مكتب البريد البولندي في دانزيج دروسًا مهمة:
- أهمية المقاومة: على الرغم من أن المعركة انتهت بهزيمة، إلا أنها أظهرت أهمية المقاومة في وجه الظلم والقوة الغاشمة.
- قيمة التضحية: أظهرت المعركة قيمة التضحية بالنفس من أجل قضية أسمى.
- وحشية الحرب: أظهرت المعركة وحشية الحرب وعواقبها المدمرة على المدنيين.
إرث الدفاع
ظل الدفاع عن مكتب البريد البولندي في دانزيج حدثًا مهمًا في الذاكرة البولندية. إنه يمثل رمزًا للشجاعة والتضحية من أجل الحرية. يقع الآن متحف في موقع مكتب البريد، والذي يخلد ذكرى المدافعين عنه. بالإضافة إلى ذلك، هناك العديد من النصب التذكارية في جميع أنحاء بولندا التي تخلد ذكرى هؤلاء الأبطال. أصبح الدفاع عن مكتب البريد البولندي في دانزيج مصدر إلهام للأجيال القادمة، وتذكيرًا دائمًا بأهمية الوقوف في وجه الظلم.
خاتمة
كان الدفاع عن مكتب البريد البولندي في دانزيج عملاً بطوليًا من المقاومة في بداية الحرب العالمية الثانية. على الرغم من كونهم قلة قليلة، فقد صمد موظفو البريد البولنديون ضد هجوم ألماني متفوق عدديًا ومسلحًا بشكل أفضل لمدة 14 ساعة. على الرغم من خسارة المعركة، فقد أصبح هذا الحدث رمزًا للشجاعة البولندية والتصميم على مقاومة الاحتلال. بعد الحرب، أصبح موقع مكتب البريد موقعًا تذكاريًا وتكريمًا للمدافعين الذين ضحوا بحياتهم. يمثل الدفاع عن مكتب البريد البولندي في دانزيج رمزًا مهمًا من رموز الحرب العالمية الثانية، ويذكرنا بأهمية المقاومة في وجه الظلم.
المراجع
- Defense of the Polish Post Office in Danzig – Wikipedia
- Polish Post Museum in Gdańsk
- Germany Attacks Poland – HISTORY
“`