نشأته وبداية حياته المهنية
ولد إرنست هنري ويلسون في بلدة تشيفينغتون، وهي قرية صغيرة في مقاطعة وارويكشاير بإنجلترا. نشأ في بيئة ريفية، مما ساعد على تنمية اهتمامه بالطبيعة في سن مبكرة. بعد تخرجه من المدرسة، بدأ العمل في الحدائق النباتية الملكية، كيو، حيث تلقى تدريبًا رسميًا في علم النبات وعلم البستنة. خلال فترة عمله في كيو، أظهر ويلسون شغفًا كبيرًا بالنباتات وتعلم المهارات الأساسية لجمع النباتات وتصنيفها والحفاظ عليها. وقد ساهم هذا التدريب في وضع الأساس لمسيرته المهنية الاستثنائية كجامع نباتات.
رحلاته الاستكشافية في آسيا
بدأ ويلسون أولى رحلاته الاستكشافية إلى آسيا في عام 1899، عندما أرسلته شركة فيتش آند صن، وهي شركة مشهورة لإنتاج البذور، للبحث عن نباتات جديدة في الصين. استغرقت هذه الرحلة ثلاث سنوات، وتمكن خلالها من جمع عينات نباتية كبيرة وأرسلها إلى أوروبا. أدت هذه الرحلة إلى اكتشافات مهمة، بما في ذلك نباتات مثل زنبق النمر (Lilium lancifolium) وشجرة التنوب الصينية (Picea brachytyla).
في عام 1903، عاد ويلسون إلى الصين مرة أخرى، ولكن هذه المرة لصالح الحدائق النباتية الملكية، كيو. وخلال هذه الرحلة، جمع مجموعة واسعة من النباتات، بما في ذلك بذور وأزهار وأشجار مختلفة. كانت هذه الرحلة ناجحة للغاية، وقدمت مساهمات كبيرة في المعرفة النباتية في الغرب. اكتشف ويلسون العديد من النباتات الجديدة، بما في ذلك أنواع من القيقب (Acer) و الرودودندرون (Rhododendron).
أصبحت رحلة ويلسون إلى الصين الثانية هي الأكثر شهرة له. في عام 1904، أُرسل من قبل السير ألبرت كيتشنر، الرئيس التنفيذي لحدائق أرنولد في جامعة هارفارد، لجمع عينات من الأشجار والشجيرات لزراعتها في الحدائق. استغرقت هذه الرحلة ثلاث سنوات، وغطت مناطق واسعة من غرب ووسط الصين. كان الهدف الرئيسي هو العثور على شجرة الخشخاش الأزرق، وهي نبات نادر جدًا، وحقق ويلسون هذا الهدف بنجاح.
خلال إحدى رحلاته في عام 1910، تعرض لحادث مأساوي في سكة حديدية، حيث كسر ساقه. وعلى الرغم من هذا، فقد تمكن من الاستمرار في عمله وجمع النباتات. في تلك الرحلة، اكتشف ويلسون العديد من النباتات الجديدة، بما في ذلك أنواع من الكمثرى (Pyrus) و الكرز (Prunus).
قام ويلسون بعدة رحلات أخرى إلى شرق آسيا على مر السنين، بما في ذلك رحلات إلى كوريا واليابان وتايوان. جمع خلال هذه الرحلات الآلاف من العينات النباتية، والتي ساهمت في إثراء الحدائق النباتية والمجموعات النباتية في جميع أنحاء العالم.
أهم إنجازاته ومساهماته
كانت مساهمات ويلسون في علم النبات وعلم البستنة كبيرة جدًا. بعض أبرز إنجازاته تشمل:
- اكتشاف وإدخال أنواع جديدة من النباتات: أدخل ويلسون إلى الغرب العديد من النباتات الجديدة، بما في ذلك العديد من الأنواع من الأشجار والشجيرات والأزهار، والتي أصبحت الآن جزءًا أساسيًا من المناظر الطبيعية في جميع أنحاء العالم.
- جمع وتوثيق العينات النباتية: جمع ويلسون الآلاف من العينات النباتية، والتي قدمت معلومات قيمة عن تنوع النباتات في شرق آسيا.
- الكتابة عن النباتات: كتب ويلسون العديد من الكتب والمقالات حول النباتات، والتي ساعدت في نشر المعرفة عن النباتات التي جمعها. من أشهر كتبه “نباتات ويلسون الصينية” (China, Mother of Gardens)
- التصوير الفوتوغرافي: كان لدى ويلسون موهبة في التصوير الفوتوغرافي، وقد التقط صورًا رائعة للنباتات والمناظر الطبيعية في شرق آسيا.
النباتات التي أدخلها
أدخل ويلسون إلى الغرب العديد من النباتات الهامة التي نراها اليوم في الحدائق والمتنزهات. من بين هذه النباتات:
- القيقب الوردي (Acer griseum): شجرة معروفة بقشرتها البرونزية المتقشرة.
- الخشخاش الأزرق التبتي (Meconopsis betonicifolia): زهرة زرقاء جميلة غالبًا ما تزرع في الحدائق.
- زنبق النمر (Lilium lancifolium): زهرة برتقالية منقطة شائعة في الحدائق.
- الكرز المزهر (Prunus serrulata): أشجار الكرز التي تشتهر بأزهارها الجميلة.
- الرودودندرونات (Rhododendrons): مجموعة متنوعة من الشجيرات المزهرة التي تأتي في مجموعة واسعة من الألوان.
إرثه
ترك إرنست هنري ويلسون إرثًا دائمًا في عالم علم النبات والبستنة. لا تزال النباتات التي اكتشفها وأدخلها إلى الغرب تحظى بالتقدير من قبل البستانيين وعلماء النبات في جميع أنحاء العالم. ساهم عمله بشكل كبير في فهمنا لتنوع النباتات في شرق آسيا، ولا يزال يعتبر واحدًا من أهم جامعي النباتات في التاريخ.
تم تسمية العديد من النباتات على اسم ويلسون تكريمًا له، بما في ذلك القيقب ويلسوني (Acer wilsonii). بالإضافة إلى ذلك، أقيمت العديد من المعارض والنصب التذكارية لتخليد ذكراه.
حياته الشخصية
تزوج ويلسون من إيلين كاثرينا غانتر في عام 1905. أنجبا طفلين، موريال وماريون. كان ويلسون شخصًا شغوفًا بعمله، وكان يحب السفر والاستكشاف. كان يتمتع بشخصية ودية وروح دعابة، وكان يحظى باحترام كبير من قبل زملائه. توفي في حادث سيارة في الولايات المتحدة في عام 1930، تاركًا وراءه إرثًا دائمًا.
مواقع عمله
عمل ويلسون في العديد من المواقع والمناطق، بما في ذلك:
- الحدائق النباتية الملكية، كيو (Royal Botanic Gardens, Kew): حيث تلقى تدريبه.
- شركة فيتش آند صن (Fitch & Sons): أرسلته في رحلته الأولى إلى الصين.
- حدائق أرنولد (Arnold Arboretum): عمل لديهم معظم حياته المهنية.
وقد سافر وعمل في مناطق مختلفة في شرق آسيا، بما في ذلك الصين وكوريا واليابان وتايوان.
تأثيره على علم البستنة
كان لعمل ويلسون تأثير كبير على علم البستنة. لقد أدخل العديد من النباتات الجديدة إلى الغرب، والتي أصبحت الآن جزءًا أساسيًا من المناظر الطبيعية في جميع أنحاء العالم. ساعدت مساهماته في توسيع نطاق النباتات المتاحة للبستانيين، كما ساهمت في زيادة فهمنا لتنوع النباتات في العالم. ألهم عمله أجيالًا من البستانيين وعلماء النبات، ولا يزال يعتبر واحدًا من أهم الشخصيات في تاريخ علم البستنة.
نصائح لزراعة النباتات التي جمعها ويلسون
إذا كنت ترغب في زراعة بعض النباتات التي جمعها ويلسون، فإليك بعض النصائح:
- ابحث عن النباتات المناسبة لمناخك: تأكد من أن النباتات التي تختارها مناسبة للمناخ والظروف المناخية في منطقتك.
- اختر مكانًا مناسبًا للزراعة: تحتاج معظم هذه النباتات إلى موقع مشمس أو شبه مظلل وتربة جيدة التصريف.
- اعتني بالنباتات: قم بري النباتات بانتظام وقدم لها الأسمدة حسب الحاجة.
- احمِ النباتات من الآفات والأمراض: افحص النباتات بانتظام بحثًا عن علامات الإصابة بالآفات والأمراض، واتخذ الإجراءات اللازمة لمكافحتها.
خاتمة
إرنست هنري ويلسون كان شخصية استثنائية في تاريخ علم النبات والبستنة. من خلال رحلاته الاستكشافية المكثفة إلى شرق آسيا، قام بجمع وتوثيق عدد كبير من النباتات، وأدخل العديد من الأنواع الجديدة إلى الغرب. ساهمت مساهماته بشكل كبير في توسيع معرفتنا بتنوع النباتات وإثراء علم البستنة. لا تزال النباتات التي جمعها ويلسون تحظى بالتقدير والزراعة في جميع أنحاء العالم، مما يخلد ذكراه كأحد أعظم جامعي النباتات على الإطلاق.
المراجع
- موسوعة بريتانيكا – إرنست هنري ويلسون
- حديقة الزيارة – إرنست هنري ويلسون
- حديقة أرنولد – إرنست هنري ويلسون، جامع نباتات
“`