نشأته وتعليمه
ولد آغنر كراروب إرلانغ في لونبورغ، الدنمارك، في الأول من يناير عام 1878. كان والده مدير مدرسة محلية، وشجع آغنر على التفوق في دراسته. أظهر آغنر نبوغًا مبكرًا في الرياضيات، وحصل على منحة للدراسة في جامعة كوبنهاغن. تخرج من الجامعة عام 1901 بدرجة الماجستير في الرياضيات.
بداية حياته المهنية
بعد تخرجه، عمل إرلانغ مدرسًا لمدة سبع سنوات قبل أن ينضم إلى شركة كوبنهاغن للتيليفونات عام 1908. كانت هذه الشركة في ذلك الوقت تواجه تحديات كبيرة في إدارة حركة المرور الهاتفية المتزايدة. كانت المشكلة الرئيسية هي تحديد عدد الخطوط الهاتفية اللازمة لتلبية الطلب المتوقع، مع ضمان عدم وجود تأخيرات طويلة للمتصلين.
إسهاماته في نظرية الطابور
بدأ إرلانغ في دراسة حركة المرور الهاتفية باستخدام الأدوات الرياضية والإحصائية. كان من أوائل من طبقوا نظرية الاحتمالات على مشاكل الاتصالات. قام بتطوير نماذج رياضية تصف سلوك المتصلين ونظام الانتظار، مما سمح له بتقدير احتمالية وجود خطوط مشغولة في أي وقت معين. هذه النماذج أصبحت فيما بعد تعرف باسم “صيغ إرلانغ”.
أهم إسهامات إرلانغ في نظرية الطابور تشمل:
- صيغة إرلانغ B: تستخدم لحساب احتمالية حظر المكالمة (أي عدم وجود خط متاح) في نظام انتظار لا يسمح بانتظار المكالمات المحظورة. تُستخدم هذه الصيغة على نطاق واسع في تصميم شبكات الهاتف لتحديد عدد الخطوط المطلوبة لتحقيق مستوى خدمة معين.
- صيغة إرلانغ C: تستخدم لحساب احتمالية تأخير المكالمة في نظام انتظار يسمح بانتظار المكالمات في طابور. هذه الصيغة مفيدة في تصميم مراكز الاتصال وأنظمة خدمة العملاء.
كانت صيغ إرلانغ ثورية لأنها قدمت طريقة علمية لتصميم شبكات الاتصالات. قبل ذلك، كان تصميم الشبكات يعتمد إلى حد كبير على الخبرة والتخمين. سمحت صيغ إرلانغ للمهندسين بتحسين كفاءة الشبكات وتقليل التكاليف وتحسين جودة الخدمة.
تأثير عمله
لم يقتصر تأثير عمل إرلانغ على صناعة الاتصالات فقط. فقد تم تطبيق نظرياته على مجموعة واسعة من المجالات الأخرى، بما في ذلك:
- إدارة حركة المرور: تستخدم نماذج إرلانغ لتحسين تدفق حركة المرور على الطرق السريعة وفي المطارات.
- تصميم أنظمة الكمبيوتر: تستخدم لتحسين أداء الخوادم وشبكات الكمبيوتر.
- الرعاية الصحية: تستخدم لتحسين كفاءة المستشفيات والعيادات.
- الخدمات اللوجستية: تستخدم لتحسين إدارة المخزون وسلاسل التوريد.
يعتبر عمل إرلانغ حجر الزاوية في العديد من التقنيات الحديثة. بدون مساهماته، سيكون من الصعب تخيل عالم اليوم المتصل بالإنترنت.
تقدير وذكرى
على الرغم من أهمية عمله، لم يحظ إرلانغ بشهرة واسعة خلال حياته. كان شخصًا متواضعًا ومنعزلًا، وفضل العمل بمفرده على المشاركة في المؤتمرات والاجتماعات. ومع ذلك، فقد تم الاعتراف بمساهماته بعد وفاته. يعتبر اليوم أحد رواد نظرية الطابور وهندسة حركة المرور الهاتفية.
تكريمًا لإسهاماته، تم تسمية وحدة قياس كثافة حركة المرور الهاتفية باسم “إرلانغ”. تُستخدم هذه الوحدة لقياس متوسط عدد المكالمات التي يتم إجراؤها في فترة زمنية معينة. كما تم تسمية العديد من الجوائز والمنظمات باسمه.
حياته الشخصية
كان إرلانغ شخصًا بسيطًا ومتواضعًا. لم يتزوج قط، وعاش حياة هادئة ومتقشفة. كان شغوفًا بالرياضيات والإحصاء، وقضى معظم وقته في البحث والدراسة. كان يتمتع بصحة جيدة حتى أصيب بمرض مفاجئ في عام 1929 وتوفي عن عمر يناهز 51 عامًا.
إرثه
لا يزال إرث آغنر كراروب إرلانغ حيًا حتى اليوم. تستخدم نظرياته على نطاق واسع في تصميم وتحسين شبكات الاتصالات وأنظمة الكمبيوتر وأنظمة النقل وأنظمة الرعاية الصحية. يعتبر عمله أساسًا للعديد من التقنيات الحديثة التي نعتمد عليها في حياتنا اليومية.
لقد أحدث إرلانغ ثورة في الطريقة التي نفهم بها وندير بها حركة المرور الهاتفية. قدم أدوات رياضية قوية لتحليل وتحسين أداء الشبكات. بفضل عمله، أصبحنا قادرين على التواصل مع بعضنا البعض بشكل أسرع وأكثر كفاءة.
أهم مؤلفاته
نشر إرلانغ العديد من المقالات والأوراق البحثية حول نظرية الطابور وهندسة حركة المرور الهاتفية. من بين أهم مؤلفاته:
- “The Theory of Probabilities and Telephone Conversations” (1909)
- “Solution of Some Problems in the Theory of Probabilities of Significance in Automatic Telephone Exchanges” (1917)
- “Telephone Waiting Times” (1920)
على الرغم من أن هذه الأعمال قد تبدو تقنية للغاية، إلا أنها كانت رائدة في وقتها. قدمت مفاهيم وأدوات جديدة أدت إلى تحسين كبير في تصميم وتشغيل شبكات الاتصالات.
تأثيره على هندسة الاتصالات الحديثة
لا يمكن المبالغة في تقدير تأثير إرلانغ على هندسة الاتصالات الحديثة. فقد وضع الأساس النظري لتصميم وتحسين شبكات الهاتف والإنترنت وشبكات الاتصالات اللاسلكية. تستخدم نماذجه على نطاق واسع في تصميم أنظمة الاتصالات المتنقلة وأنظمة البث التلفزيوني وأنظمة الراديو. بدون عمله، سيكون من الصعب بناء شبكات اتصالات موثوقة وفعالة.
خاتمة
كان آغنر كراروب إرلانغ عالمًا دنماركيًا لامعًا ترك بصمة لا تُمحى في عالم الاتصالات. من خلال عمله الرائد في نظرية الطابور، أحدث ثورة في تصميم شبكات الاتصالات، مما أدى إلى تحسين كبير في كفاءة وجودة الخدمة. على الرغم من أنه لم يحظ بشهرة واسعة خلال حياته، إلا أن مساهماته تُقدر اليوم على نطاق واسع، ويعتبر عمله أساسًا للعديد من التقنيات الحديثة.