نشأته وتعليمه
ولد هوغو فون زيلينغر في بيالا، سيليزيا النمساوية (الآن بييلسكو-بيالا، بولندا) في عام 1849. تلقى تعليمه المبكر في بيالا وبريسلاو (فروتسواف حالياً)، حيث أظهر اهتماماً مبكراً بالرياضيات والعلوم الطبيعية. التحق بجامعة هايدلبرغ، حيث درس علم الفلك والرياضيات والفيزياء، وحصل على درجة الدكتوراه في عام 1871 تحت إشراف عالم الفلك الشهير فيلهلم فالنتينر.
مسيرته المهنية
بعد حصوله على الدكتوراه، عمل زيلينغر في مرصد بون، حيث شارك في مشاريع رصدية مختلفة. في عام 1874، انتقل إلى مرصد لايبزيغ، حيث عمل كمساعد فلكي. في عام 1882، عُيّن أستاذاً لعلم الفلك في جامعة ميونيخ، وتولى منصب مدير مرصد ميونيخ في عام 1887، وهو المنصب الذي شغله حتى وفاته في عام 1924.
إسهاماته العلمية
توزيع النجوم في مجرة درب التبانة:
كان زيلينغر رائداً في دراسة توزيع النجوم في مجرة درب التبانة. قام بتحليل دقيق لعمليات الرصد النجمية، ووضع نموذجاً رياضياً لوصف كيفية تغير كثافة النجوم مع المسافة من الشمس. أظهرت أعماله أن كثافة النجوم تزداد بشكل كبير باتجاه مركز المجرة، مما يوفر دليلاً مبكراً على وجود بنية مجرية معقدة.
نظرية الضوء المنتشر:
اشتهر زيلينغر بنظريته حول الضوء المنتشر في الفضاء بين النجوم. لاحظ أن الضوء القادم من النجوم البعيدة يخضع لعملية امتصاص وتشتت بواسطة جزيئات الغبار والغاز الموجودة في الفضاء بين النجوم. طور نموذجاً رياضياً لوصف كيفية تأثير هذا التشتت على سطوع النجوم وألوانها، مما ساعد في تفسير العديد من الظواهر الرصدية.
تُعرف هذه الظاهرة باسم “تأثير زيلينغر” (Seeliger effect) في سياق الكويكبات والأجرام السماوية الأخرى التي لا تبعث الضوء من تلقاء نفسها، بل تعكس ضوء الشمس. يحدث هذا التأثير عندما يكون الجسم السماوي في وضع يجعله مضاءً بشكل كامل من وجهة نظر الراصد (على الأرض)، مما يؤدي إلى زيادة ملحوظة في سطوعه. السبب الرئيسي لهذا التأثير هو أن الجزيئات الموجودة على سطح الجسم تعكس الضوء بشكل أفضل عندما تكون زاوية الرؤية قريبة من زاوية الإضاءة.
دراسة الكويكبات والمذنبات:
أجرى زيلينغر دراسات مكثفة للكويكبات والمذنبات، وقام بتحليل مداراتها وخصائصها الفيزيائية. كان من أوائل الفلكيين الذين استخدموا القياسات الضوئية لتحديد حجم وشكل الكويكبات. كما قدم تفسيرات مهمة لظاهرة ذيل المذنب، واقترح أن الذيل يتكون من جزيئات صغيرة تتأثر بالإشعاع الشمسي.
أعمال أخرى:
- ساهم في تطوير أدوات وتقنيات الرصد الفلكي.
- أشرف على العديد من الطلاب الذين أصبحوا فيما بعد فلكيين بارزين.
- نشر العديد من الكتب والمقالات العلمية التي كان لها تأثير كبير على علم الفلك.
مناصب وجوائز
تقديراً لإسهاماته العلمية، حصل زيلينغر على العديد من الجوائز والأوسمة، بما في ذلك:
- عضوية الأكاديمية البافارية للعلوم.
- ميدالية بروس الذهبية من الجمعية الفلكية في المحيط الهادئ.
- وسام الاستحقاق البافاري.
تم تسمية فوهة زيلينغر على سطح القمر تكريماً له.
تلاميذه
أشرف زيلينغر على العديد من الطلاب الذين أصبحوا فيما بعد فلكيين بارزين، من بينهم:
- إرنست هيرتزشبرونغ
- أوغوست كوبف
- ريتشارد شوريغ
إرثه
ترك هوغو فون زيلينغر إرثاً دائماً في علم الفلك. ساهمت أبحاثه في فهمنا لتوزيع النجوم، والضوء المنتشر، والكويكبات، والمذنبات. كان معلماً ملهماً للعديد من الطلاب، وساهم في تطوير علم الفلك في ألمانيا وخارجها. لا يزال اسمه يتردد في الأوساط الفلكية حتى اليوم، ويُنظر إليه كواحد من الرواد في علم الفلك الحديث.
خاتمة
كان هوغو فون زيلينغر شخصية بارزة في تاريخ علم الفلك، حيث قدم إسهامات كبيرة في فهمنا للكون. من خلال أبحاثه الرائدة في توزيع النجوم، والضوء المنتشر، ودراسة الكويكبات والمذنبات، ترك بصمة لا تُمحى على هذا المجال. يظل إرثه العلمي مصدر إلهام للأجيال القادمة من الفلكيين.