مقدمة
النظام المتطور للهاتف المحمول (AMPS) هو معيار تناظري لشبكات الهاتف المحمول، تم تطويره في الأصل بواسطة مختبرات بيل (Bell Labs) في الولايات المتحدة في الثمانينيات. كان AMPS أول نظام خلوي تجاري واسع النطاق يتم نشره في أمريكا الشمالية، وسرعان ما انتشر في جميع أنحاء العالم، مما مهد الطريق لثورة الاتصالات اللاسلكية. قبل AMPS، كانت خدمات الهاتف المحمول محدودة ومكلفة، وغالبًا ما تقتصر على التطبيقات المتخصصة. لقد غير AMPS هذا الوضع من خلال توفير سعة أكبر، وتغطية أوسع، وتكاليف أقل نسبيًا، مما جعله في متناول جمهور أوسع.
التطور التاريخي لـ AMPS
تعود جذور AMPS إلى أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات، عندما بدأت مختبرات بيل في استكشاف مفهوم الاتصالات الخلوية. كان التحدي الرئيسي هو كيفية توفير سعة كافية لخدمة عدد كبير من المستخدمين باستخدام نطاق تردد محدود. الحل الذي توصلوا إليه هو تقسيم المنطقة إلى خلايا صغيرة، مع وجود محطة قاعدية في كل خلية. يمكن إعادة استخدام نفس الترددات في خلايا مختلفة، مما يزيد بشكل كبير من السعة الإجمالية للنظام.
تمت الموافقة على AMPS رسميًا من قبل لجنة الاتصالات الفيدرالية الأمريكية (FCC) في عام 1983، وتم إطلاقه تجاريًا في نفس العام في شيكاغو. سرعان ما تبع ذلك نشر AMPS في مدن أخرى في جميع أنحاء الولايات المتحدة، ثم في بلدان أخرى حول العالم. على الرغم من أن AMPS كان نظامًا تناظريًا، إلا أنه تضمن العديد من الميزات المتقدمة في ذلك الوقت، مثل تسليم المكالمات بين الخلايا، مما يسمح للمستخدمين بالتنقل أثناء إجراء المكالمات دون انقطاع.
التقنية الأساسية لـ AMPS
يعتمد AMPS على تقنية الوصول المتعدد بتقسيم التردد (FDMA)، حيث يتم تخصيص تردد مختلف لكل مستخدم لإجراء مكالمة. يستخدم AMPS نطاق تردد 800 ميجاهرتز، مقسمًا إلى قنوات بعرض 30 كيلو هرتز. يتم تخصيص قناة لكل مستخدم لإرسال واستقبال الصوت. تستخدم AMPS أيضًا تقنية التحكم في الطاقة لتقليل التداخل وزيادة السعة.
تتكون شبكة AMPS من محطات قاعدية موزعة في جميع أنحاء المنطقة، وكل محطة قاعدية تغطي خلية معينة. تتصل المحطات القاعدية بمركز تحكم متنقل (MSC)، والذي يقوم بتوجيه المكالمات بين المحطات القاعدية وشبكة الهاتف العمومية (PSTN). عندما يتحرك المستخدم من خلية إلى أخرى أثناء إجراء مكالمة، يقوم مركز التحكم المتنقل بتسليم المكالمة إلى المحطة القاعدية الجديدة دون انقطاع.
ميزات AMPS
- تسليم المكالمات: يسمح للمستخدمين بالتنقل أثناء إجراء المكالمات دون انقطاع.
- التحكم في الطاقة: يقلل التداخل ويزيد السعة.
- خدمات التجوال: يسمح للمستخدمين باستخدام هواتفهم في مناطق خارج شبكتهم الأصلية.
- الوصول إلى المكالمات الطارئة (911): يوفر الوصول إلى خدمات الطوارئ.
عيوب AMPS
على الرغم من نجاح AMPS، إلا أنه كان لديه العديد من العيوب:
- السعة المحدودة: نظرًا لأنه نظام تناظري، كانت سعة AMPS محدودة مقارنة بالأنظمة الرقمية اللاحقة.
- الأمان: لم يكن AMPS آمنًا للغاية، حيث كان من السهل التنصت على المكالمات.
- جودة الصوت: كانت جودة الصوت في AMPS متغيرة، اعتمادًا على قوة الإشارة والظروف الأخرى.
- الحجم والوزن: كانت هواتف AMPS كبيرة وثقيلة مقارنة بالهواتف الحديثة.
الانتقال إلى التقنيات الرقمية
في التسعينيات، بدأت الأنظمة الرقمية مثل GSM و CDMA في الظهور، مما يوفر سعة أكبر وأمانًا أفضل وجودة صوت أفضل. بدأت AMPS في التلاشي تدريجيًا، وتم إيقاف تشغيل معظم شبكات AMPS بحلول عام 2008. ومع ذلك، لعبت AMPS دورًا حاسمًا في تطوير صناعة الهاتف المحمول، ومهدت الطريق للتقنيات اللاسلكية الحديثة.
تأثير AMPS على صناعة الاتصالات
كان لنظام AMPS تأثير عميق على صناعة الاتصالات. لقد جعل الاتصالات المتنقلة في متناول ملايين الأشخاص حول العالم، وساعد في إنشاء صناعة بمليارات الدولارات. مهد AMPS الطريق للتقنيات اللاسلكية اللاحقة، مثل GSM و CDMA و LTE. كما ساهم AMPS في تطوير معايير الاتصالات، مثل معايير TDMA و CDMA.
بالإضافة إلى ذلك، حفز AMPS الابتكار في مجال تصميم وإنتاج الهواتف المحمولة. أدت المنافسة بين الشركات المصنعة إلى تطوير هواتف أصغر حجمًا وأخف وزنًا وأكثر قوة. كما ساهم AMPS في تطوير البنية التحتية للشبكات اللاسلكية، مثل المحطات القاعدية ومراكز التحكم المتنقلة.
الدروس المستفادة من AMPS
يوفر نجاح وفشل AMPS العديد من الدروس القيمة لصناعة الاتصالات:
- أهمية الابتكار: كان AMPS ابتكارًا ثوريًا في وقته، لكنه سرعان ما تجاوزه التقنيات الأحدث. يجب على الشركات الاستمرار في الابتكار من أجل البقاء في المنافسة.
- أهمية المعايير: ساعدت معايير AMPS على ضمان التوافق التشغيلي بين مختلف الشركات المصنعة ومقدمي الخدمات. يجب على الصناعة مواصلة تطوير معايير مفتوحة لتعزيز الابتكار والقدرة التشغيلية المتبادلة.
- أهمية التخطيط طويل الأجل: لم يتم تصميم AMPS للتوسع إلى الحد الذي وصل إليه. يجب على الشركات التخطيط طويل الأجل والتأكد من أن أنظمتها يمكن أن تتكيف مع الاحتياجات المتغيرة.
- أهمية الأمان: لم يكن AMPS آمنًا للغاية، مما أدى إلى مشاكل مثل التنصت على المكالمات. يجب على الشركات إعطاء الأولوية للأمان في تصميم أنظمتها.
AMPS في العالم الحديث
على الرغم من أن AMPS لم يعد مستخدمًا على نطاق واسع، إلا أن تقنيته لا تزال ذات صلة في بعض التطبيقات المتخصصة. على سبيل المثال، لا تزال بعض أنظمة الاتصالات ثنائية الاتجاه تستخدم تقنيات مشابهة لـ AMPS. بالإضافة إلى ذلك، تستخدم بعض أنظمة الاتصالات اللاسلكية القديمة، مثل أجهزة النداء، تقنيات مشابهة لـ AMPS.
علاوة على ذلك، يمثل AMPS دراسة حالة مهمة في تاريخ الاتصالات اللاسلكية. إنه يوضح كيف يمكن لابتكار واحد أن يغير صناعة بأكملها، وكيف يمكن أن تؤدي التطورات التكنولوجية إلى تحسينات كبيرة في حياة الناس.
مستقبل الاتصالات اللاسلكية
تستمر الاتصالات اللاسلكية في التطور بوتيرة سريعة. تقود تقنيات الجيل الخامس (5G) الطريق، مما يوفر سرعات أعلى وزمن وصول أقل وسعة أكبر من التقنيات السابقة. من المتوقع أن تحدث تقنية الجيل الخامس (5G) ثورة في العديد من الصناعات، مثل الرعاية الصحية والنقل والتصنيع.
بالإضافة إلى تقنية الجيل الخامس (5G)، هناك العديد من التقنيات اللاسلكية الأخرى قيد التطوير، مثل Wi-Fi 6E و Wi-Fi 7. من المتوقع أن توفر هذه التقنيات سرعات أعلى وزمن وصول أقل من Wi-Fi 6. كما يجري استكشاف تقنيات جديدة مثل الاتصالات عبر الأقمار الصناعية والاتصالات الكمومية.
مستقبل الاتصالات اللاسلكية مشرق. مع استمرار التقنيات اللاسلكية في التطور، ستصبح الاتصالات أسرع وأكثر موثوقية وأكثر سهولة. هذا سيؤدي إلى تحسينات كبيرة في حياة الناس في جميع أنحاء العالم.
خاتمة
كان النظام المتطور للهاتف المحمول (AMPS) علامة فارقة في تاريخ الاتصالات اللاسلكية. لقد جعل الاتصالات المتنقلة في متناول ملايين الأشخاص حول العالم، ومهد الطريق للتقنيات اللاسلكية الحديثة. على الرغم من أن AMPS لم يعد مستخدمًا على نطاق واسع، إلا أن تقنيته لا تزال ذات صلة في بعض التطبيقات المتخصصة، ويمثل دراسة حالة مهمة في تاريخ الابتكار التكنولوجي.