الحياة المبكرة والمسيرة المهنية
ولد فيلهلم فايس في 31 مارس 1892. تفاصيل حياته المبكرة وتعليمه قليلة، ولكن من المعروف أنه انضم إلى الجيش الألماني في بداية حياته المهنية. شارك في الحرب العالمية الأولى، وحصل على العديد من الأوسمة والجوائز لشجاعته في القتال. بعد الحرب، بقي في الجيش لفترة وجيزة قبل أن يتركه وينخرط في السياسة.
في أوائل العشرينات من القرن الماضي، انضم فايس إلى الحزب النازي، الذي كان آنذاك حركة سياسية صغيرة ومتطرفة. سرعان ما صعد في الرتب داخل الحزب، وذلك بفضل تفانيه وولائه لأدولف هتلر. في عام 1931، انضم إلى كتيبة العاصفة (SA)، وهي الذراع شبه العسكرية للحزب النازي.
الصعود في صفوف كتيبة العاصفة (SA)
كانت كتيبة العاصفة (SA) قوة ضخمة لعبت دورًا حاسمًا في صعود الحزب النازي إلى السلطة. كانت مهمتها الأساسية هي حماية مسيرات الحزب النازي واجتماعاته، وترهيب المعارضين السياسيين، ونشر الدعاية النازية. كان أفراد كتيبة العاصفة معروفين بعنفهم ووحشيتهم، وكثيرًا ما كانوا يشاركون في أعمال شغب وهجمات على اليهود والشيوعيين وغيرهم من “أعداء الدولة”.
تميز فايس في صفوف كتيبة العاصفة بمهاراته القيادية وتنظيمه الفعال. سرعان ما تمت ترقيته إلى رتب أعلى، وفي نهاية المطاف أصبح قائدًا لمجموعة كتيبة العاصفة (SA-Obergruppenführer)، وهي واحدة من أعلى الرتب في المنظمة. كقائد كبير، كان فايس مسؤولاً عن قيادة وتنسيق أنشطة كتيبة العاصفة في منطقة جغرافية معينة.
كان فايس يتمتع بعلاقات وثيقة مع قادة نازيين بارزين آخرين، بما في ذلك أدولف هتلر وإرنست روم. كان روم، رئيس كتيبة العاصفة (SA)، شخصية قوية ومؤثرة في الحزب النازي، وكان فايس يعتبر من المقربين إليه. ومع ذلك، فإن هذه العلاقة الوثيقة ستثبت فيما بعد أنها كارثية بالنسبة لفايس.
ليلة السكاكين الطويلة وتداعياتها
في صيف عام 1934، أطلق هتلر حملة تطهير دموية داخل الحزب النازي، والمعروفة باسم “ليلة السكاكين الطويلة” (بالألمانية: Nacht der langen Messer). كان الهدف الرئيسي من هذه الحملة هو إزالة إرنست روم وغيره من قادة كتيبة العاصفة (SA) الذين اعتبرهم هتلر تهديدًا لسلطته. كان هتلر قلقًا بشأن طموحات روم المتزايدة وشعبية كتيبة العاصفة، التي كانت تضم أكثر من مليوني عضو في ذلك الوقت.
خلال ليلة السكاكين الطويلة، تم اعتقال مئات من قادة كتيبة العاصفة وإعدامهم بدون محاكمة. كان فايس من بين الضحايا. نظرًا لعلاقته الوثيقة بإرنست روم، تم اعتباره أيضًا تهديدًا محتملاً لسلطة هتلر. تم القبض عليه وإعدامه في 24 فبراير 1950، منهياً بذلك حياته المهنية الصاعدة.
تمثل “ليلة السكاكين الطويلة” نقطة تحول حاسمة في تاريخ الحزب النازي. أدت إلى تصفية كتيبة العاصفة (SA) كقوة سياسية وعسكرية مستقلة، ووطدت سلطة هتلر المطلقة. كما أظهرت استعداد هتلر لاستخدام العنف والقسوة للحفاظ على سلطته والقضاء على أي معارضة.
دور كتيبة العاصفة (SA) في المحرقة
على الرغم من أن كتيبة العاصفة (SA) فقدت الكثير من نفوذها بعد “ليلة السكاكين الطويلة”، إلا أنها استمرت في لعب دور في اضطهاد اليهود وغيرهم من الأقليات خلال فترة الهولوكوست. شارك أفراد كتيبة العاصفة في العديد من أعمال العنف والتمييز ضد اليهود، بما في ذلك تخريب الممتلكات اليهودية، ومقاطعة الشركات اليهودية، والاعتداء على اليهود في الأماكن العامة.
كانت كتيبة العاصفة أيضًا مسؤولة عن تنظيم وتنفيذ “ليلة البلور” (بالألمانية: Kristallnacht) في نوفمبر 1938، وهي عبارة عن سلسلة من الهجمات المنسقة على المعابد اليهودية والشركات والمنازل في جميع أنحاء ألمانيا والنمسا. تم تدمير أو إحراق أكثر من 1000 معبد يهودي، وتم تخريب آلاف الشركات والمنازل اليهودية، وقُتل العشرات من اليهود. كانت “ليلة البلور” بمثابة مقدمة للهولوكوست، حيث أظهرت تصميم النظام النازي على تدمير اليهود في أوروبا.
إرث فيلهلم فايس
يظل فيلهلم فايس شخصية مثيرة للجدل في التاريخ الألماني. من ناحية، كان جنديًا شجاعًا خدم بلاده في الحرب العالمية الأولى. من ناحية أخرى، كان أيضًا عضوًا ملتزمًا في الحزب النازي وشارك في جرائم النظام النازي. موته خلال ليلة السكاكين الطويلة يجعله شخصية فريدة في التاريخ النازي، حيث كان ضحية للتطهير الداخلي الذي قام به هتلر نفسه.
إن صعود فايس السريع في صفوف كتيبة العاصفة (SA) يعكس الطبيعة الفوضوية والعنيفة للحركة النازية. كما يسلط الضوء على أهمية الولاء والطاعة في النظام النازي. أولئك الذين كانوا على استعداد لخدمة النظام بلا قيد أو شرط تمت مكافأتهم بمناصب السلطة والنفوذ، بينما أولئك الذين اعتبروا تهديدًا لسلطة هتلر تم القضاء عليهم بلا رحمة.
إن قصة فيلهلم فايس هي تذكير مأساوي بمخاطر التطرف السياسي وأهمية الدفاع عن حقوق الإنسان والديمقراطية. يجب علينا أن نتعلم من أخطاء الماضي لضمان عدم تكرار مثل هذه الفظائع مرة أخرى.
خاتمة
كان فيلهلم فايس شخصية بارزة في الحزب النازي وكتيبة العاصفة (SA)، حيث وصل إلى رتبة SA-Obergruppenführer. صعوده السريع في صفوف الحزب يعكس طبيعة العنف والفوضى التي كانت تميز الحركة النازية. على الرغم من خدمته في الحرب العالمية الأولى، إلا أنه انخرط في جرائم النظام النازي وتم إعدامه خلال ليلة السكاكين الطويلة. تظل قصة فايس تذكيرًا بمخاطر التطرف السياسي وأهمية الدفاع عن حقوق الإنسان والديمقراطية.