نشأته وحياته المبكرة
ولد باتريك ستيوارت حوالي عام 1566 في أوركني، لاسكتلندا. كان الابن غير الشرعي لروبرت ستيوارت، إيرل أوركني الأول، والذي كان أيضًا الابن غير الشرعي لجيمس الخامس ملك اسكتلندا. نشأ باتريك في ظل والده في أوركني، وتعلم في وقت مبكر عن طبيعة السلطة والسياسة في هذه الجزر البعيدة. ورث باتريك لقب إيرل أوركني بعد وفاة والده عام 1593، وحصل أيضًا على لقب لورد زتلاند.
خلال فترة حكم والده، شغل باتريك منصبًا في مجلس الإيرل، وتمرن على إدارة شؤون الجزر. وقد أظهر في وقت مبكر استبداده وميله إلى استخدام القوة لفرض إرادته. كانت جزر أوركني وزتلاند في ذلك الوقت مناطق معزولة، وحكمها الإيرل كأنه ملك صغير، مع سلطة كبيرة على حياة السكان.
حكمه كإيرل أوركني
بعد أن ورث باتريك لقب إيرل أوركني، شرع في سلسلة من الإجراءات التي زادت من استيائه. لقد أراد بناء قصر فخم، وكلف العمال المحليين بالعمل في البناء، غالبًا دون أجر أو بأجر زهيد. كما فرض ضرائب باهظة على السكان، واستخدم هذه الأموال لتحقيق أهدافه الشخصية وتعزيز قوته.
قام باتريك بتوسيع نطاق نفوذه من خلال الزواج من ابنة ويليام كيث، إيرل مارشال، مما عزز مكانته في المجتمع الاسكتلندي. ومع ذلك، فإن أساليبه المستبدة أثارت استياءً واسع النطاق بين السكان المحليين، الذين سئموا من حكمه القمعي. بدأ الناس في تقديم الشكاوى إلى الحكومة الاسكتلندية، مطالبين بالتدخل.
الصراع مع السكان
تفاقمت العلاقات بين باتريك وشعبه بسبب سوء إدارته وظلمه. قام بإغلاق الكنائس، واحتكر التجارة، واستغل الموارد المحلية لتحقيق مكاسبه الخاصة. وقد عانى السكان من الفقر، بينما ازدهر باتريك وأتباعه. أدت هذه الظروف إلى العديد من الانتفاضات المحلية، والتي قمعها باتريك بقسوة.
أحد أبرز مظاهر قمعه كان سجنه وتعذيبه لـ “كريستوفر بيلتون”، وهو رجل دين محلي، بسبب انتقاده لسلوكه. كما قام باتريك أيضًا بتدمير ممتلكات الأشخاص الذين عارضوه. وقد تفاقمت هذه الأعمال من خلال حقيقة أن باتريك كان يمتلك حاشية كبيرة من الجنود المرتزقة، الذين استخدمهم لإرهاب السكان وفرض سيطرته.
محاولات التمرد والتدخل الحكومي
نتيجة لمعاناة السكان، بدأت الوفود في السفر إلى اسكتلندا لتقديم شكواهم إلى الملك جيمس السادس. في البداية، تردد الملك في التدخل مباشرة، خوفًا من تعريض الاستقرار في المنطقة للخطر. ومع ذلك، مع استمرار الشكاوى، بدأ الملك في إدراك الحاجة إلى التحرك.
في عام 1609، أرسل الملك لجنة للتحقيق في سلوك باتريك. وجدت اللجنة أدلة على سوء الإدارة والظلم، وأوصت بفرض قيود على سلطته. ومع ذلك، تجاهل باتريك هذه التوصيات، واستمر في حكمه المستبد.
في عام 1614، اندلعت انتفاضة واسعة النطاق في أوركني وزتلاند. استغل باتريك هذه الفرصة لقمع المزيد من الناس، مما أدى إلى تفاقم الأزمة. أخيرًا، قرر الملك جيمس السادس أن التدخل ضروري.
محاكمته وإعدامه
تم القبض على باتريك في عام 1614، وحُكم عليه بالخيانة بسبب أفعاله. حوكم في بيرث في فبراير 1615، وأدين. حكم عليه بالإعدام، وتم إعدامه في 6 فبراير 1615. كان إعدامه بمثابة نهاية لحكمه الاستبدادي، ورسالة واضحة مفادها أن سلوكه لن يتم التسامح معه.
بعد إعدام باتريك، استعادت الحكومة الاسكتلندية السيطرة على جزر أوركني وزتلاند. تم تخفيف بعض السياسات القمعية التي فرضها باتريك، وبدأ السكان في الاستمتاع بقدر أكبر من الاستقرار والحرية. ومع ذلك، ظلت سمعة باتريك كطاغية محفورة في ذاكرة أوركني.
إرثه
يُذكر باتريك ستيوارت في المقام الأول على أنه طاغية مستبد. ترك حكمه آثارًا دائمة على جزر أوركني وزتلاند، حيث أدى إلى معاناة واسعة النطاق وتأثيرات اقتصادية سلبية. ومع ذلك، فقد ترك أيضًا بعض الإرث المعماري، بما في ذلك بعض المباني التي بدأ في بنائها.
يعتبر “جسر باتريك ستيوارت” في كيركوال، أوركني، وهو برج دفاعي بناه باتريك، أحد الأمثلة على إرثه المعماري. ومع ذلك، فإن إرثه الحقيقي يكمن في تحذير من الإفراط في استخدام السلطة، وأهمية الحكم العادل والمسؤول.
خاتمة
كان باتريك ستيوارت، إيرل أوركني الثاني، شخصية مثيرة للجدل في التاريخ الاسكتلندي. على الرغم من أنه ورث سلطة كبيرة، إلا أنه أساء استخدامها، وأصبح رمزًا للاستبداد والظلم. أدت أفعاله إلى انتفاضة واسعة النطاق، وأدت في النهاية إلى إعدامه. إن قصة باتريك ستيوارت بمثابة تذكير بأهمية الحكم الرشيد والعادل، وعواقب الحكم المستبد.
المراجع
- Patrick Stewart, 2nd Earl of Orkney
- Earl Patrick Stewart’s Palace
- Patrick Stewart, 2nd Earl of Orkney – Wikipedia
- Orkney History and Heritage
“`