مقياس ميدفيديف-سبونهاور-كارنيك (Medvedev–Sponheuer–Karnik scale)

تاريخ وتطور مقياس MSK

يعود أصل مقياس MSK إلى منتصف القرن العشرين، عندما قام العلماء السوفييت بتطويره كبديل لمقاييس الشدة الزلزالية الأخرى الموجودة في ذلك الوقت، مثل مقياس ميركالي المعدل (MM). كان الهدف هو إنشاء مقياس أكثر دقة وموثوقية لتقييم تأثيرات الزلازل. قام بتطوير هذا المقياس كل من سيرجي ميدفيديف، وويلهلم سبونهاور، وفيتز كارنيك، ومن هنا جاء اسم المقياس.

في عام 1964، تم نشر النسخة الأولى من المقياس، والتي عرفت باسم MSK-64. تميز هذا المقياس بتفصيله الدقيق لتأثيرات الزلازل على مجموعة متنوعة من العناصر، بما في ذلك المباني، والأشياء، والبشر، والبيئة. تم تقسيم المقياس إلى 12 درجة، كل درجة تمثل مستوى مختلفًا من الشدة، بدءًا من غير محسوس وصولاً إلى الدمار الكامل.

مع مرور الوقت، تم تعديل وتحديث مقياس MSK-64 عدة مرات لتحسين دقته وموثوقيته. في عام 1990، تم تحديث المقياس مرة أخرى ليعكس التقدم في فهم الزلازل وتأثيراتها. هذه التعديلات ساهمت في جعل المقياس أداة أكثر فائدة في تقييم المخاطر الزلزالية وتخطيط الاستجابة للطوارئ.

مكونات مقياس MSK

يعتمد مقياس MSK على ثلاثة مكونات رئيسية لتقييم شدة الزلزال:

تأثيرات على البشر: يشمل هذا المكون ردود فعل الناس أثناء الزلزال، مثل الإحساس بالاهتزاز، والشعور بالخوف، والصعوبة في الوقوف أو المشي.
تأثيرات على المباني: يقيم هذا المكون الضرر الذي يلحق بالمباني والهياكل الأخرى. يتم تصنيف الضرر إلى عدة فئات، بدءًا من التشققات الطفيفة وصولاً إلى الانهيار الكامل.
تأثيرات على البيئة: يتضمن هذا المكون الملاحظات المتعلقة بالظواهر الطبيعية التي تحدث أثناء الزلزال، مثل الانهيارات الأرضية، وتغيرات منسوب المياه الجوفية، والتشققات في الأرض.

يتم تحديد درجة الشدة الزلزالية لكل موقع من خلال تحليل هذه المكونات الثلاثة. على سبيل المثال، إذا كان الزلزال يسبب تشققات طفيفة في المباني وشعر به معظم الناس، فقد يتم تصنيفه على أنه ذو شدة متوسطة. أما إذا تسبب الزلزال في انهيار المباني وتسبب في إصابات خطيرة، فسيتم تصنيفه على أنه ذو شدة عالية.

درجات مقياس MSK

يتكون مقياس MSK من 12 درجة، كل درجة تمثل مستوى مختلفًا من الشدة. فيما يلي نظرة عامة على كل درجة:

الدرجة الأولى (غير محسوس): لا يشعر به الناس.
الدرجة الثانية (ضعيف): يشعر به عدد قليل من الناس في حالة راحة.
الدرجة الثالثة (ضعيف): يشعر به بعض الناس في الداخل، وقد يتم التعرف عليه على أنه زلزال.
الدرجة الرابعة (متوسط): يشعر به الكثيرون في الداخل، وبعض الناس في الخارج. قد تنزعج الأطباق والنوافذ والأبواب.
الدرجة الخامسة (قوي): يشعر به الجميع تقريبًا في الداخل والخارج. قد تتضرر بعض المباني، وتتوقف الساعة، وتسقط الأشياء الصغيرة.
الدرجة السادسة (قوي جدًا): يشعر به الجميع. يتضرر العديد من المباني بشكل طفيف، ويسقط الأثاث الثقيل، وتحدث بعض التشققات في الجدران.
الدرجة السابعة (قوي جدًا): يتضرر العديد من المباني بشكل كبير، وتسقط المداخن، وتحدث تشققات كبيرة في الجدران.
الدرجة الثامنة (مدمر): ينهار جزء كبير من المباني، وتسقط العديد من المداخن، وتحدث انهيارات أرضية صغيرة.
الدرجة التاسعة (مدمر جدًا): ينهار عدد كبير من المباني، وتحدث انهيارات أرضية كبيرة، وتظهر تشققات في الأرض.
الدرجة العاشرة (تدميري): ينهار معظم المباني، وتظهر تشققات واسعة في الأرض، وتحدث انهيارات أرضية ضخمة.
الدرجة الحادية عشرة (كارثي): ينهار جميع المباني تقريبًا، وتحدث تشققات واسعة جدًا في الأرض، وتتغير التضاريس.
الدرجة الثانية عشرة (كارثي): الدمار الكامل، مع تغيرات كبيرة في التضاريس، وتشوه كامل للبيئة.

من المهم ملاحظة أن هذه الدرجات تعتمد على التقديرات، ويتم تحديدها من خلال جمع البيانات من المناطق المتضررة بعد وقوع الزلزال. يتم تحليل التقارير من الشهود وتقييم الأضرار لتحديد درجة الشدة لكل موقع.

استخدامات مقياس MSK

يستخدم مقياس MSK في مجموعة متنوعة من التطبيقات في علم الزلازل والهندسة الزلزالية، بما في ذلك:

تقييم المخاطر الزلزالية: يساعد المقياس في تقييم المخاطر الزلزالية في منطقة معينة من خلال تحليل الزلازل السابقة وتأثيراتها.
تخطيط الاستجابة للطوارئ: يوفر المقياس معلومات قيمة للسلطات لتخطيط الاستجابة للطوارئ بعد وقوع الزلزال، بما في ذلك تحديد المناطق الأكثر تضررًا وتخصيص الموارد.
تصميم المباني والهياكل: يستخدم المهندسون مقياس MSK في تصميم المباني والهياكل لتلبية معايير السلامة الزلزالية وضمان قدرتها على تحمل الزلازل المحتملة.
دراسة تاريخ الزلازل: يمكن استخدام المقياس في دراسة تاريخ الزلازل في منطقة معينة من خلال تحليل سجلات الزلازل السابقة وتأثيراتها.
المقارنة بين الزلازل: يسمح المقياس بمقارنة تأثيرات الزلازل المختلفة وتقييم شدتها النسبية.

تعتبر هذه الاستخدامات حاسمة في الحد من الخسائر الناجمة عن الزلازل. من خلال فهم تأثيرات الزلازل وتحديد المناطق الأكثر عرضة للخطر، يمكن للمجتمعات اتخاذ خطوات لتقليل المخاطر وحماية الأرواح والممتلكات.

مقارنة مع المقاييس الأخرى

على الرغم من أن مقياس MSK يعتبر أداة قياسية في العديد من البلدان، إلا أنه ليس المقياس الوحيد المستخدم لتقييم شدة الزلازل. هناك مقاييس أخرى شائعة الاستخدام، مثل مقياس ميركالي المعدل (MM) ومقياس شدة الزلازل الياباني (JMA). لكل من هذه المقاييس نقاط قوة ونقاط ضعف، ويتم اختيار المقياس المناسب بناءً على السياق والهدف من التقييم.

مقياس ميركالي المعدل (MM): هو مقياس آخر لتقييم شدة الزلازل، ولكنه يختلف عن مقياس MSK في بعض الجوانب. يعتمد مقياس MM بشكل أكبر على تأثيرات الزلزال على المباني والهياكل، بينما يولي مقياس MSK اهتمامًا أكبر بتأثيرات الزلزال على البشر والبيئة. يعتمد مقياس MM على 12 درجة من الشدة، مثل مقياس MSK.

مقياس شدة الزلازل الياباني (JMA): يستخدم هذا المقياس في اليابان وهو مصمم خصيصًا للظروف الزلزالية في تلك المنطقة. يعتمد المقياس على قياس التسارع الأرضي، وهو مقياس موضوعي لشدة الزلزال. يتكون المقياس من 10 درجات، وتعتمد الدرجة المحددة على التسارع الأرضي المقاس.

اختيار المقياس المناسب يعتمد على عدة عوامل، بما في ذلك المنطقة التي حدث فيها الزلزال، والغرض من التقييم، وتوافر البيانات. في بعض الحالات، قد يستخدم العلماء والمهندسون مزيجًا من المقاييس للحصول على تقييم شامل لتأثيرات الزلزال.

أهمية مقياس MSK في عالمنا اليوم

في عالم يواجه فيه العديد من المناطق خطر الزلازل، يلعب مقياس MSK دورًا حيويًا في الحفاظ على سلامة المجتمعات. إن قدرته على توفير تقييم شامل لتأثيرات الزلازل، من خلال النظر في تأثيرات على البشر، والمباني، والبيئة، تجعله أداة قيمة لتقييم المخاطر والتخطيط للطوارئ.

مع استمرار تطور التكنولوجيا، يتم دمج مقياس MSK في أنظمة إدارة الكوارث الحديثة. يتم استخدام البيانات التي يوفرها المقياس في تصميم خرائط المخاطر الزلزالية، وتحديد المناطق الأكثر عرضة للخطر، وتطوير خطط الإخلاء. بالإضافة إلى ذلك، يساعد المقياس في توعية الجمهور حول مخاطر الزلازل وكيفية الاستعداد لها.

يعد مقياس MSK أيضًا أداة أساسية للتعاون الدولي في مجال الاستجابة للكوارث. من خلال توفير لغة مشتركة لتقييم تأثيرات الزلازل، يمكن للمقياس أن يسهل التعاون بين البلدان والمنظمات المختلفة في تقديم المساعدة والإغاثة للمناطق المتضررة.

تحديات مقياس MSK

على الرغم من أهميته، يواجه مقياس MSK بعض التحديات. أحد هذه التحديات هو الاعتماد على التقارير الذاتية من الشهود. قد تختلف التقارير بناءً على العوامل الشخصية، مثل مستوى الخوف أو عدم القدرة على تقدير الأضرار بدقة. بالإضافة إلى ذلك، قد تكون هناك صعوبة في الحصول على معلومات دقيقة في المناطق النائية أو التي يصعب الوصول إليها.

لتخطي هذه التحديات، يبذل العلماء والمهندسون جهودًا لتحسين دقة وموثوقية مقياس MSK. يتضمن ذلك تطوير طرق جديدة لجمع البيانات، مثل استخدام أجهزة الاستشعار عن بعد وتحليل صور الأقمار الصناعية. كما يتم تطوير تقنيات جديدة لتحليل البيانات وتقييم الأضرار بشكل أكثر موضوعية.

من الضروري أن تظل المجتمعات على دراية بمخاطر الزلازل وأن تتخذ خطوات للاستعداد لها. من خلال التعرف على مقياس MSK وفهم كيفية استخدامه، يمكن للأفراد والمجتمعات أن يلعبوا دورًا فعالًا في تقليل الخسائر الناجمة عن الزلازل.

خاتمة

مقياس ميدفيديف-سبونهاور-كارنيك (MSK) هو أداة حاسمة في علم الزلازل لتقييم شدة الزلازل وتأثيراتها. من خلال النظر في تأثيرات الزلازل على البشر، والمباني، والبيئة، يوفر المقياس تقييمًا شاملاً للمخاطر الزلزالية. على الرغم من بعض التحديات، لا يزال مقياس MSK أداة قيمة في تقييم المخاطر والتخطيط للطوارئ، كما يساهم في جهود التعاون الدولي في مجال الاستجابة للكوارث. إن فهم هذا المقياس وأهميته أمر ضروري للمجتمعات التي تعيش في مناطق معرضة للزلازل.

المراجع

“`