الخلفية السياسية
بدأ القرن الثاني عشر في ويلز في ظل وجود عدد من الممالك الصغيرة المتنافسة. لم تكن هناك دولة ويلزية موحدة، بل كانت المنطقة مقسمة إلى عدة ممالك رئيسية، مثل غوينيد في الشمال، وديهوبارث في الجنوب الغربي، وبويس في الشرق، وغوينت في الجنوب الشرقي. كان الحكام في هذه الممالك في صراع مستمر على السلطة والنفوذ، وغالبًا ما تحالفوا مع أو ضد بعضهم البعض. بالإضافة إلى ذلك، كان عليهم التعامل مع الضغط المتزايد من إنجلترا النورماندية.
في عام 1066، غزا النورمانديون إنجلترا، وبدأوا في التوسع في ويلز. بدأ النورمانديون في بناء قلاع في ويلز للسيطرة على الأراضي و فرض سلطتهم. كان هذا بداية فترة من الصراع المستمر بين الويلزيين والنورمانديين. كان على الحكام الويلزيين الدفاع عن أراضيهم ضد الغارات النورماندية، بينما كان عليهم أيضًا الحفاظ على استقلالهم.
أحداث بارزة
- 1102: شهد هذا العام انتفاضة ضد هنري الأول ملك إنجلترا، بقيادة روبرت من بيليهام، أحد النبلاء النورمانديين، وشارك فيها بعض الحكام الويلزيين.
- 1137: وفاة الملك لويلين أب مرديد، حاكم غوينيد، الذي كان له دور كبير في مقاومة النفوذ الإنجليزي.
- 1159: تزوج هنري الثاني ملك إنجلترا من إليانور أوف أكيتاين، مما عزز نفوذه في جميع أنحاء بريطانيا.
- 1170: اغتيال أوين غوينيد، ملك غوينيد القوي.
- 1171: وصول الملك هنري الثاني إلى ويلز، وبداية فترة جديدة من العلاقات بين الويلزيين والإنجليز.
كانت هذه مجرد أمثلة قليلة على الأحداث التي شكلت القرن الثاني عشر في ويلز. شهد هذا القرن أيضًا العديد من الحروب والمعارك، وتغيرات في القيادة، وتشكيل تحالفات جديدة.
شخصيات مؤثرة
شهد القرن الثاني عشر ظهور عدد من الشخصيات المؤثرة التي تركت بصمات واضحة على تاريخ ويلز. من بين هؤلاء:
- غريغوري الكبير (Gregory the Great): كان أسقفًا، ولعب دورًا هامًا في الحفاظ على التقاليد الكنسية في ويلز.
- أوين غوينيد (Owain Gwynedd): كان ملكًا قويًا لغوينيد، واشتهر بمقاومته للغزو الإنجليزي.
- ريتشارد دي كلير (Richard de Clare): المعروف باسم “سترونغبو”، كان بارونًا نورمانديًا لعب دورًا رئيسيًا في غزو إيرلندا، وكان له تأثير على ويلز.
كانت هؤلاء القادة والشخصيات الأخرى هم من قادوا ويلز خلال هذه الفترة المضطربة، وساهموا في تشكيل مستقبلها.
التأثيرات النورماندية
كان للغزو النورماندي تأثير كبير على ويلز في القرن الثاني عشر. بدأ النورمانديون في بناء القلاع في جميع أنحاء البلاد، مثل قلعة كارديف وقلعة كونوي، للسيطرة على الأراضي. كما قاموا ببناء الكنائس والأديرة، وقدموا إلى ويلز أساليب معمارية جديدة. على الرغم من أن النورمانديين لم يتمكنوا من السيطرة على ويلز بالكامل، إلا أنهم تركوا بصمة واضحة على الثقافة والمجتمع الويلزي.
أدخل النورمانديون نظام الإقطاعية إلى ويلز، مما أثر على العلاقات الاجتماعية والاقتصادية. كما جلبوا معهم اللغة الفرنسية، التي أثرت على اللغة الويلزية. على الرغم من هذه التأثيرات، حافظ الويلزيون على ثقافتهم ولغتهم، وقاوموا محاولات النورمانديين للسيطرة عليهم.
الفن والثقافة
شهد القرن الثاني عشر ازدهارًا في الفن والثقافة في ويلز. ازدهرت الشعر الويلزي، وكتب الشعراء قصائد عن الحب والحرب والطبيعة. كما تطورت الموسيقى الويلزية، واستخدمت الآلات الموسيقية مثل القيثارة والمزمار. ازدهرت الحرف اليدوية أيضًا، وصنع الحرفيون الويلزيون المجوهرات والأسلحة والملابس الجميلة.
كانت الكنيسة تلعب دورًا مهمًا في الفن والثقافة. بنى الرهبان الكنائس والأديرة، وزينوها بالأعمال الفنية الجميلة. كما قاموا بنسخ المخطوطات القديمة، وحافظوا على المعرفة والتعليم.
التراث اللغوي
اللغة الويلزية، وهي لغة سلتية، ظلت حجر الزاوية في الهوية الويلزية خلال القرن الثاني عشر. على الرغم من تأثير اللغة الفرنسية بسبب النفوذ النورماندي، استمرت اللغة الويلزية في الازدهار، واستخدمت في الشعر والأدب والتواصل اليومي. كان الحفاظ على اللغة جزءًا أساسيًا من مقاومة الويلزيين للغزو الأجنبي والحفاظ على ثقافتهم.
تم تدوين عدد من النصوص الهامة باللغة الويلزية خلال هذه الفترة، مما ساهم في الحفاظ على اللغة وتطويرها. ساعد هذا على تعزيز الشعور بالوحدة الوطنية والهوية الويلزية.
الحياة اليومية
كانت الحياة اليومية في ويلز خلال القرن الثاني عشر صعبة في كثير من الأحيان. كان على الناس العمل في الزراعة أو الحرف اليدوية لكسب الرزق. كان عليهم أيضًا مواجهة الحروب والنزاعات، والتعامل مع تأثيرات النورمانديين. ومع ذلك، تمكن الويلزيون من الحفاظ على أسلوب حياتهم وثقافتهم، والاحتفال بالمناسبات الاجتماعية والروحية.
كانت القرى والبلدات هي مراكز الحياة الاجتماعية. هنا، تبادل الناس الأخبار، واحتفلوا بالمهرجانات، وتزوجوا وأنجبوا الأطفال. لعبت الكنيسة دورًا هامًا في حياة المجتمع، حيث وفرت التعليم والرعاية الصحية.
خاتمة
شكل القرن الثاني عشر فترة حاسمة في تاريخ ويلز. شهد هذا القرن صراعات سياسية واجتماعية وثقافية أثرت بعمق على المنطقة. من خلال مقاومة النفوذ النورماندي، والحفاظ على اللغة والثقافة الويلزية، وتطور الفن والأدب، وضعت ويلز أسس هويتها الوطنية. إن فهم هذه الفترة ضروري لفهم تاريخ ويلز وتراثها.