خلفية تاريخية
شهدت فترة استعادة الملكية في إنجلترا (1660-1685) تحولًا كبيرًا في المشهد الثقافي، بما في ذلك المسرح. بعد إغلاق المسارح في عهد الكومنولث، أعيد افتتاحها، مصحوبة بتغييرات كبيرة. من بين هذه التغييرات، صعود النساء الممثلات اللاتي ظهرن على المسرح لأول مرة، وتراجع الأخلاق البيوريتانية، وظهور أساليب مسرحية جديدة. السير ويليام دافينانت، الذي كان يتمتع بعلاقات قوية مع البلاط الملكي، كان له دور فعال في إعادة بناء المسرح البريطاني.
أُسست شركة الدوق (Duke’s Company) في عام 1660 من قبل ويليام دافينانت، وتنافست مع شركة الملك (King’s Company) التي أسسها توماس كيلجرو. أدت كلتا الشركتين مسرحيات في مسارح لندن، لكن كل منهما تبنت أساليب مختلفة في الإنتاج والتمثيل. كان لشركة الدوق أسلوب أكثر تطوراً، واستخدمت الإضاءة والآلات المسرحية بشكل أكثر كثافة. قدمت شركة الدوق “القانون ضد العشاق” في عام 1662، وهو اقتباس من شكسبير، مما يدل على اهتمام الشركة بتقديم أعمال كلاسيكية مع تعديلات تناسب أذواق الجمهور الجديد.
ملخص الحبكة
يعتمد “القانون ضد العشاق” بشكل أساسي على حبكة “قياس للقياس” لشكسبير، ولكنه يضيف عناصر جديدة ويغير بعض التفاصيل. تدور أحداث المسرحية في فيينا، حيث يتولى الدوق (Duke) حكم المدينة. يترك الدوق السلطة في يد نائبه أنجيلو (Angelo)، وهو شخصية صارمة وصارمة الأخلاق. يقوم أنجيلو بسن قوانين صارمة ضد الزنا ويحكم على كلاوديو (Claudio) بالإعدام بسبب إنجابه طفلاً خارج إطار الزواج. كلاوديو هو خطيب إيزابيلا (Isabella)، وهي راهبة شابة تقرر التماس العفو عنه.
تذهب إيزابيلا إلى أنجيلو لتطلب منه الرحمة لأخيها. يقع أنجيلو في حب إيزابيلا ويحاول استغلالها جنسياً مقابل إطلاق سراح أخيه. توافق إيزابيلا على أن تفعل أي شيء باستثناء خسارة عفتها. يتآمر الدوق، الذي لا يزال يتنكر، لكشف فساد أنجيلو وتحقيق العدالة. في النهاية، يكشف الدوق عن هويته الحقيقية، ويعاقب أنجيلو، ويوحد إيزابيلا مع الدوق.
التعديلات على شكسبير
قام دافينانت بتعديل مسرحية شكسبير الأصلية بعدة طرق. أضاف شخصيات جديدة، وغير في الأدوار القائمة، ووسع بعض الخطوط الدرامية. أحد أهم التغييرات هو التركيز على الجوانب الكوميدية للمسرحية. أضاف دافينانت شخصية “فالنتين” (Valentine)، وهي شخصية ثانوية، لتقديم المزيد من التسلية. كما أنه قام بتخفيف بعض العناصر الدرامية القاسية في شكسبير. قام دافينانت بتبسيط نهاية المسرحية، مما جعلها أكثر وضوحًا للجمهور.
أدت هذه التغييرات إلى مسرحية مختلفة عن الأصل. في حين أن “قياس للقياس” لشكسبير هي مسرحية معقدة، تدرس قضايا العدالة والرحمة والأخلاق، فإن “القانون ضد العشاق” لدافينانت يركز بشكل أكبر على الترفيه. كان هذا التغيير يعكس أذواق الجمهور في فترة الاستعادة، الذين فضلوا المسرحيات التي تجمع بين الكوميديا والرومانسية.
الأهمية الثقافية
يعتبر “القانون ضد العشاق” مثالاً على كيفية إعادة تفسير الأعمال الكلاسيكية وتكييفها لتناسب أذواق جمهور مختلف. يعكس هذا العمل التغيرات في المسرح الإنجليزي في فترة الاستعادة، من خلال التركيز على الترفيه والتأكيد على الجماليات البصرية. تظهر المسرحية أيضًا كيف تأثر الكتاب المسرحيون في ذلك الوقت بمسرح شكسبير، في محاولة منهم لمواصلة إرثه.
بالإضافة إلى ذلك، يقدم “القانون ضد العشاق” نظرة ثاقبة على القضايا الاجتماعية والأخلاقية في القرن السابع عشر. تعكس المسرحية الاهتمام بالقانون والعدالة، وتعرض التوتر بين القانون الأخلاقي والقانون الرسمي. من خلال تصوير شخصيات مثل أنجيلو وإيزابيلا، تستكشف المسرحية قضايا السلطة، والفساد، والتحكم في الذات، والرحمة.
الإرث
على الرغم من أن “القانون ضد العشاق” لم يحقق نفس الشهرة التي حظيت بها مسرحية شكسبير الأصلية، إلا أنه لا يزال عملًا مهمًا في تاريخ المسرح الإنجليزي. يمثل هذا العمل فترة انتقالية في المسرح، عندما بدأ الكتاب والمخرجون في تجربة أساليب جديدة وتغيير الطريقة التي يتم بها تقديم المسرحيات. كان “القانون ضد العشاق” ناجحًا في وقته، وأثر على أعمال مسرحية أخرى في تلك الفترة.
يُظهر هذا العمل أيضًا أهمية التكيف الثقافي. لقد أظهر دافينانت كيف يمكن تكييف الأعمال الكلاسيكية لتلبية احتياجات جمهور مختلف. تذكرنا هذه العملية بأن الفن يتطور باستمرار، وأن الأعمال الفنية يمكن أن تتغير في المعنى والأهمية بمرور الوقت.
خاتمة
باختصار، “القانون ضد العشاق” هو اقتباس درامي من شكسبير، أعده دافينانت وعرضته شركة الدوق في القرن السابع عشر. يمثل هذا العمل فترة انتقالية في المسرح الإنجليزي، ويعكس التغيرات في الذوق المسرحي والقضايا الاجتماعية والأخلاقية في عصره. من خلال تغييرات دافينانت، أصبحت المسرحية أكثر تركيزًا على الترفيه، مما يعكس أذواق جمهور الاستعادة. لا يزال “القانون ضد العشاق” مهمًا لفهم تطور المسرح الإنجليزي وتكيف الأعمال الكلاسيكية.