جذور رهاب الكاثوليكية
تعود جذور رهاب الكاثوليكية في الولايات المتحدة إلى الإصلاح البروتستانتي في القرن السادس عشر. أدت الخلافات اللاهوتية والسياسية بين الكاثوليك والبروتستانت إلى خلق أجواء من عدم الثقة والعداء. اعتقد البروتستانت أن الكاثوليك كانوا يتبعون ديانة فاسدة تسيطر عليها روما، وأنهم يهددون القيم الأمريكية. كما اتهموا الكاثوليك بالولاء المزدوج، معتقدين أنهم يدينون بالولاء للبابا أكثر من ولائهم للولايات المتحدة.
وصل هذا التحيز إلى المستعمرات الأمريكية مع المستوطنين البروتستانت الأوائل. في المستعمرات، تم اعتبار الكاثوليك غرباء مشبوهين. لقد مُنعوا في كثير من الأحيان من تولي مناصب عامة، والتصويت، وحتى ممارسة دينهم بحرية. في ولاية ماريلاند، التي تأسست كملاذ للكاثوليك، تم إلغاء التسامح الديني تدريجياً مع مرور الوقت.
تطور رهاب الكاثوليكية في القرن التاسع عشر
شهد القرن التاسع عشر زيادة كبيرة في الهجرة الكاثوليكية إلى الولايات المتحدة، وخاصة من أيرلندا وألمانيا وإيطاليا. أدى هذا التدفق المفاجئ للمهاجرين الكاثوليك إلى تفاقم التحيز الموجود بالفعل. نظر العديد من الأمريكيين البروتستانت إلى الكاثوليك على أنهم يشكلون تهديدًا على الهوية الثقافية والسياسية للبلاد. لقد خافوا من أن الكاثوليك سوف يغمرون القيم البروتستانتية ويخضعون الولايات المتحدة لسيطرة البابا.
تم التعبير عن هذا الخوف من خلال مجموعة متنوعة من الطرق. تشكلت منظمات مناهضة للكاثوليكية مثل حزب “لا أعرف شيئًا” (Know Nothing) الذي كان لديه برنامج سياسي مناهض للمهاجرين والكاثوليك، ووصل إلى السلطة لفترة وجيزة في الخمسينيات من القرن التاسع عشر. غالبًا ما تعرض الكاثوليك للعنف، بما في ذلك حرق الكنائس والمدارس، والاعتداء الجسدي.
كما لعبت الصحافة دورًا في نشر رهاب الكاثوليكية. نشرت الصحف والمجلات قصصًا متحيزة ومبالغ فيها عن الكاثوليك، مما ساهم في خلق صورة نمطية سلبية عنهم. تم تصوير الكاثوليك على أنهم غير متعلمين، وغير أخلاقيين، ومدمنين على الكحول. تم استخدام هذه الصورة النمطية لتبرير التمييز والاضطهاد.
رهاب الكاثوليكية في القرن العشرين
استمر رهاب الكاثوليكية في القرن العشرين، على الرغم من أنه اتخذ أشكالاً مختلفة. في أوائل القرن العشرين، كان القلق الرئيسي يتعلق بالولاء المزدوج للكاثوليك خلال الحرب العالمية الأولى. اتهم بعض الأمريكيين الكاثوليك بأنهم غير مخلصين للولايات المتحدة، وبأنهم يفضلون ولاءهم للبابا. هذا أدى إلى مزيد من التمييز والتحيز.
في منتصف القرن العشرين، كان هناك انخفاض تدريجي في رهاب الكاثوليكية. ساعد انتخاب جون ف. كينيدي، وهو كاثوليكي، كرئيس في عام 1960 على كسر بعض الحواجز. ومع ذلك، استمر رهاب الكاثوليكية في الظهور في بعض المجالات، مثل السياسة والتعليم. استمرت بعض الجماعات المحافظة في إثارة المخاوف بشأن تأثير الكاثوليكية على القيم الأمريكية.
أشكال رهاب الكاثوليكية
تجلى رهاب الكاثوليكية في الولايات المتحدة في مجموعة متنوعة من الأشكال، بما في ذلك:
- التمييز الاجتماعي: تم استبعاد الكاثوليك في كثير من الأحيان من النوادي الاجتماعية والمناصب المرموقة.
- التمييز الاقتصادي: واجه الكاثوليك صعوبة في الحصول على وظائف والترقيات.
- العنف الجسدي: تعرض الكاثوليك في بعض الأحيان للهجوم أو التهديد بالعنف.
- التمييز في التعليم: مُنع الكاثوليك في بعض الأحيان من الالتحاق بالمدارس العامة أو تعرضوا للتمييز في المدارس التي التحقوا بها.
- الخطاب المعادي للكاثوليكية: تم نشر مقالات ومقالات وخطابات معادية للكاثوليكية في الصحف والمجلات.
أسباب رهاب الكاثوليكية
هناك عدد من العوامل التي ساهمت في انتشار رهاب الكاثوليكية في الولايات المتحدة. وتشمل هذه:
- الخلافات اللاهوتية: أدت الخلافات اللاهوتية بين الكاثوليك والبروتستانت إلى خلق جو من عدم الثقة والعداء.
- الخوف من السيطرة الأجنبية: خاف العديد من الأمريكيين البروتستانت من أن الكاثوليك سوف يخضعون الولايات المتحدة لسيطرة البابا.
- التحيز الثقافي: نظر العديد من الأمريكيين البروتستانت إلى الكاثوليك على أنهم غرباء وغير أمريكيين.
- العوامل الاقتصادية: في بعض الأحيان، كان يتم إلقاء اللوم على الكاثوليك في المشاكل الاقتصادية، مثل البطالة.
تراجع رهاب الكاثوليكية
شهد رهاب الكاثوليكية في الولايات المتحدة انخفاضًا كبيرًا في العقود الأخيرة. هناك عدد من العوامل التي ساهمت في هذا التراجع، بما في ذلك:
- الاندماج الاجتماعي والاقتصادي: اندمج الكاثوليك بشكل متزايد في المجتمع الأمريكي، وحققوا نجاحًا في مجالات مختلفة.
- التعليم: ساعد التعليم على تقليل الجهل والخوف من الكاثوليكية.
- العلاقات المسكونية: ساعدت العلاقات الأفضل بين الكاثوليك والبروتستانت على تعزيز التفاهم المتبادل.
- انتخاب جون ف. كينيدي: ساعد انتخاب كاثوليكي كرئيس على كسر بعض الحواجز.
الحالة الراهنة
على الرغم من الانخفاض العام في رهاب الكاثوليكية، إلا أنه لا يزال موجودًا في الولايات المتحدة. يمكن أن يظهر في الخطاب السياسي، وفي بعض الأحيان في الأعمال المعادية للكنائس الكاثوليكية. من المهم أن نتذكر تاريخ رهاب الكاثوليكية وأن نواصل العمل على بناء مجتمع أكثر شمولاً وتسامحًا.
خاتمة
رهاب الكاثوليكية في الولايات المتحدة هو تاريخ معقد يمتد لعدة قرون. لقد تجلى التحيز ضد الكاثوليك في مجموعة متنوعة من الأشكال، من التمييز الاجتماعي والاقتصادي إلى العنف الجسدي. على الرغم من أن رهاب الكاثوليكية قد تضاءل بشكل ملحوظ في العقود الأخيرة، إلا أنه لا يزال من المهم فهم تاريخه وتأثيره المستمر. من خلال التعرف على جذور رهاب الكاثوليكية وتأثيره، يمكننا أن نعمل على بناء مجتمع أكثر عدلاً وإنصافًا للجميع.