خلفية تاريخية
خلال الحرب العالمية الثانية، احتلت ألمانيا الدنمارك في 9 أبريل 1940. وعلى الرغم من أن الدنمارك أعلنت رسميًا الحياد، إلا أن الحكومة الدنماركية اتبعت سياسة التعاون مع السلطات الألمانية في محاولة للحفاظ على استقلال البلاد. ومع ذلك، كان هناك عدد قليل من الدنماركيين الذين اختاروا التعاون النشط مع الألمان، بما في ذلك أولئك الذين انضموا إلى الفيلق الدنماركي (Frikorps Danmark).
تأسس الفيلق الدنماركي في يونيو 1941 كجزء من القوات الألمانية المسلحة، وكان يتألف في الغالب من المتطوعين الدنماركيين الذين أيدوا القضية النازية أو الذين كانوا مدفوعين بالرغبة في المغامرة أو المصالح الاقتصادية. وقد شارك الفيلق في القتال على الجبهة الشرقية، حيث عانى من خسائر فادحة. وكان صليب شالبرغ يمثل تكريمًا لهؤلاء الجنود.
تصميم الصليب
صُمم صليب شالبرغ على شكل صليب حديدي (Eisernes Kreuz) معدل، وهو وسام عسكري ألماني مرموق. تميز الصليب بتصميم بسيط وأنيق. كان يتكون من صليب أسود مع حواف بيضاء. في منتصف الصليب، كان هناك شعار الفيلق الدنماركي، والذي كان يتضمن حرف “S”، وهو اختصار لكلمة “Schalburg”، وكذلك صورة لدرع الدنمارك الملكي، بالإضافة إلى التاريخين “1941-1945” للإشارة إلى فترة الحرب.
كان الصليب يصنع عادة من البرونز أو الفضة، وكان يمنح في فئات مختلفة بناءً على مستوى التضحية والشجاعة. تم تخصيص بعض الصُلبان بأسماء المستلمين وأرقامهم.
منح الصليب
منح صليب شالبرغ بشكل رئيسي لأفراد الفيلق الدنماركي، ولكن أيضًا لأولئك الذين خدموا في وحدات أخرى تابعة للفيرماخت أو الشرطة الألمانية في الدنمارك. تم منح الصليب في فئات مختلفة، بما في ذلك:
- صليب شالبرغ من الدرجة الأولى: مُنح للشجاعة الفائقة في القتال.
- صليب شالبرغ من الدرجة الثانية: مُنح للأعمال البطولية أو الخدمة المتميزة.
- صليب شالبرغ الفضي: مُنح لعدد محدود من الأفراد لتميّزهم الكبير.
تم منح الصليب في مناسبات مختلفة، غالبًا خلال الاحتفالات الرسمية أو بعد انتهاء العمليات القتالية. كان يحمل الصليب على الزي الرسمي، وكان يعتبر علامة على الانتماء إلى “النظام الجديد” في أوروبا.
الأهمية التاريخية والجدل
صليب شالبرغ هو رمز مثير للجدل في الدنمارك. فهو يمثل فترة مظلمة في التاريخ الدنماركي، وهي فترة التعاون مع النازيين. يرى البعض أن الصليب هو رمز للخيانة الوطنية، بينما يراه آخرون كتكريم للجنود الذين قاتلوا في سبيل قضية آمنوا بها، بغض النظر عن الجانب الذي اختاروه.
بعد الحرب العالمية الثانية، حُظرت العديد من المنظمات المتعاونة مع النازيين في الدنمارك. ومع ذلك، لم يُحظر صليب شالبرغ رسميًا. ومع ذلك، فإن ارتداءه أو عرضه في الأماكن العامة يمكن أن يثير انتقادات وتساؤلات.
اليوم، يعتبر صليب شالبرغ قطعة أثرية تاريخية نادرة، غالبًا ما يتم جمعها من قبل هواة التاريخ. على الرغم من ذلك، لا يزال يُنظر إليه على أنه رمز مثير للجدل، حيث يذكرنا بالخيانة والتعاون خلال الحرب العالمية الثانية.
شخصيات بارزة حصلت على الصليب
حصل عدد قليل من الشخصيات البارزة على صليب شالبرغ، وأبرزهم:
- كريستيان فريدريك فون شالبرغ (Christian Frederik von Schalburg): قائد الفيلق الدنماركي، والذي سمي الصليب على اسمه. قُتل في معركة في الجبهة الشرقية في عام 1942.
- كونراد كالين (Conrad Kalin): ضابط رفيع المستوى في الفيلق الدنماركي.
هؤلاء الأشخاص يمثلون الجانب القيادي والسياسي من هذه القضية، ويظهرون مدى تعقيد المشاركة الدنماركية في الحرب العالمية الثانية.
تأثير الصليب على الثقافة الشعبية
على الرغم من كونه رمزًا مثيرًا للجدل، إلا أن صليب شالبرغ قد ظهر في بعض الأعمال الثقافية الدنماركية، بما في ذلك الكتب والأفلام الوثائقية. هذه الأعمال تهدف إلى استكشاف هذا الجانب المعقد من التاريخ الدنماركي، وتقديم وجهات نظر مختلفة حول التعاون والخيانة خلال الحرب العالمية الثانية.
يساعدنا هذا في فهم الدوافع المعقدة التي دفعت الأفراد إلى اتخاذ قرارات صعبة في ظروف قاسية.
خاتمة
صليب شالبرغ هو رمز تاريخي معقد يمثل فترة التعاون والخيانة خلال الحرب العالمية الثانية في الدنمارك. منح هذا الصليب للدنماركيين الذين تطوعوا للقتال في صفوف القوات الألمانية، وهو يثير جدلاً مستمرًا حول قضايا الوطنية والخيانة والتضحية. وعلى الرغم من أنه لم يُحظر رسميًا، إلا أن ارتباطه بالنازية يجعله رمزًا مثيرًا للجدل في الثقافة الدنماركية.