نشأته وحياته المبكرة
ولد كريستيان فريدريك فون شالبرج في أوبرهاوزن، ألمانيا، في 15 أبريل 1906. كان والده ضابطًا في الجيش الدنماركي، مما ساهم في نشأة شالبرج في بيئة عسكرية. تلقى شالبرج تعليمه في الدنمارك، والتحق بالجيش الدنماركي في عام 1926. تميز بذكائه وقدرته القيادية، وصعد في الرتب العسكرية بسرعة. خلال فترة وجوده في الجيش، أظهر اهتمامًا متزايدًا بالأيديولوجية الفاشية والنازية، وتأثر بشكل خاص بالأفكار السياسية التي انتشرت في أوروبا في تلك الفترة.
تزوج شالبرج من “مارجريت ستاينس” في عام 1936، وأنجبا طفلين. على الرغم من حياته الشخصية، استمر شالبرج في تعميق التزامه السياسي، وانضم إلى الحزب النازي الدنماركي في عام 1940، بعد احتلال ألمانيا للدنمارك في الحرب العالمية الثانية. كان هذا القرار نقطة تحول في حياته، حيث وضعه على مسار أصبح فيه شخصية رئيسية في التعاون الدنماركي مع ألمانيا النازية.
الحرب العالمية الثانية وفيلق الحرية الدنماركي
بعد احتلال الدنمارك، بدأت ألمانيا في تجنيد متطوعين أجانب للقتال في صفوف الجيش الألماني. استغل شالبرج هذه الفرصة للتعبير عن إيمانه بالقضية النازية، وانضم إلى “فيلق الحرية الدنماركي” في صيف عام 1941. تم تشكيل هذا الفيلق من قبل الدنماركيين الذين دعموا ألمانيا النازية، وأرسل للقتال على الجبهة الشرقية ضد الاتحاد السوفيتي. تم تعيين شالبرج في البداية كقائد لفصيلة، لكنه سرعان ما ارتقى في الرتب، ليصبح قائدًا للفيلق في مارس 1942.
تحت قيادة شالبرج، شارك فيلق الحرية الدنماركي في العديد من العمليات القتالية العنيفة. اشتهر شالبرج بشجاعته في القتال، لكنه كان أيضًا معروفًا بقسوته تجاه جنوده. كان يتبنى أسلوبًا قياديًا يعتمد على الانضباط الصارم والعقوبات القاسية. كان شالبرج يؤمن إيمانًا راسخًا بالقضية النازية، وكان مستعدًا للتضحية بكل شيء من أجلها. لقد اعتبر القتال ضد الشيوعية واجباً مقدساً، وعمل على تعزيز الروح المعنوية لجنوده من خلال الدعاية الأيديولوجية.
خلال فترة قيادته، أصبح فيلق الحرية الدنماركي معروفًا ببسالته في القتال، وكذلك بارتكاب بعض الفظائع ضد المدنيين. اتهم الفيلق بقتل المدنيين، وتدمير الممتلكات، وارتكاب جرائم حرب أخرى. على الرغم من هذه الاتهامات، بقي شالبرج يحظى باحترام جنوده، والذين رأوا فيه قائداً شجاعًا ومخلصًا.
وفاته
توفي كريستيان فريدريك فون شالبرج في 2 يونيو 1942، أثناء القتال في الجبهة الشرقية. توفي في منطقة ديميانسك، خلال هجوم سوفيتي. لم يتم تحديد سبب وفاته على وجه الدقة، ولكن يُعتقد أنه قتل بنيران المدفعية أو الأسلحة الصغيرة. كان لموته تأثير كبير على الروح المعنوية للفيلق، والذي فقد قائده الأكثر كاريزمية وشجاعة. دفن شالبرج في الدنمارك بعد وفاته، وأقيمت له جنازة رسمية حضرها العديد من الشخصيات النازية البارزة.
بعد وفاته، استمر فيلق الحرية الدنماركي في القتال على الجبهة الشرقية، ولكن أدائه تدهور بشكل ملحوظ. تم استبدال شالبرج بقادة آخرين، لكنهم لم يتمكنوا من تحقيق نفس مستوى الروح المعنوية والفعالية القتالية. في النهاية، تم حل الفيلق في عام 1943، بعد تعرضه لخسائر فادحة في القتال.
الإرث
لا يزال إرث كريستيان فريدريك فون شالبرج موضوعًا مثيرًا للجدل في الدنمارك. يراه البعض بطلاً قوميًا، بينما يراه آخرون خائنًا لبلاده. يعتبره البعض مثالًا على الشجاعة والتفاني، بينما يراه آخرون تجسيدًا للخيانة والتعاون مع العدو. بغض النظر عن وجهات النظر المختلفة، لا يمكن إنكار أن شالبرج كان شخصية مهمة في تاريخ الدنمارك خلال الحرب العالمية الثانية. إن أفعاله وقراراته لا تزال تثير النقاش والجدل حتى يومنا هذا.
بعد الحرب، تعرضت عائلة شالبرج للتهميش والنبذ. اتهم العديد من الدنماركيين عائلته بالتعاون مع النازيين، وعانوا من صعوبات اجتماعية واقتصادية. ومع ذلك، بقي بعض المؤرخين والباحثين مهتمين بدراسة حياة شالبرج، في محاولة لفهم دوافعه وأفعاله بشكل أفضل. يعكس إرث شالبرج الانقسامات العميقة التي سببتها الحرب العالمية الثانية في الدنمارك، ويعتبر تذكيراً دائمًا بتعقيد التاريخ البشري.
خاتمة
كان كريستيان فريدريك فون شالبرج ضابطًا دنماركيًا في الجيش، وقائدًا لفيلق الحرية الدنماركي خلال الحرب العالمية الثانية. كان شخصية مثيرة للجدل، اشتهر بشجاعته والتزامه بالفكر النازي. توفي في القتال على الجبهة الشرقية عام 1942، تاركًا وراءه إرثًا معقدًا لا يزال يثير النقاش والجدل في الدنمارك حتى يومنا هذا. إن حياته تذكرنا بأهوال الحرب وتعقيداتها، وكيف يمكن للأيديولوجيات المتطرفة أن تؤثر على الأفراد والمجتمعات.