نشأته وتعليمه
ولد لوريستون شارب في 24 مارس 1907. حصل على درجة البكالوريوس في علم الاجتماع من جامعة ويسكونسن-ماديسون في عام 1930. ثم انتقل إلى جامعة هارفارد، حيث حصل على درجة الماجستير والدكتوراه في علم الإنسان. كان من بين أساتذته في هارفارد ألفريد كروبر وكلايد كلوكهوهن، اللذين أثرا بشكل كبير في تطوره الفكري والمنهجي. أكسبته دراسته في هارفارد أسسًا قوية في علم الإنسان، وشجعته على الاهتمام بالدراسات الثقافية والإثنوغرافية.
عمله الميداني في تايلاند
بدأ شارب عمله الميداني في تايلاند في الثلاثينيات من القرن العشرين، وركز على دراسة المجتمعات الريفية في منطقة إيسان. اختار هذه المنطقة بسبب تنوعها الثقافي والاجتماعي، ولأنه كان يعتقد أنها تمثل تحديًا مثيرًا للاهتمام للمفاهيم الغربية حول التنمية والتغيير. قضى شارب سنوات عديدة في تايلاند، وتعلم اللغة التايلاندية واللهجات المحلية، مما سمح له بالتعمق في فهم الثقافة والمجتمع التايلانديين. ركز عمله الميداني على عدة جوانب رئيسية:
- العلاقات الاجتماعية: درس شارب كيفية تنظيم العلاقات الاجتماعية في القرى التايلاندية، وكيف تؤثر هذه العلاقات على حياة الناس.
- الاقتصاد: بحث في أنماط الإنتاج الزراعي، والتجارة، وأنظمة العمل، وكيف تؤثر هذه العوامل على التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
- الدين والمعتقدات: درس دور الدين والمعتقدات في حياة الناس، وكيف تؤثر على سلوكهم وقيمهم.
- التغيير الثقافي: اهتم بدراسة التغيرات التي تحدث في الثقافة التايلاندية، وكيف تتأثر هذه التغيرات بالعوامل الداخلية والخارجية.
أنتجت أبحاث شارب في تايلاند العديد من المقالات والكتب التي أثرت بشكل كبير في مجال علم الإنسان والدراسات الآسيوية. ساهمت دراساته في توضيح تعقيد العلاقات الاجتماعية والثقافية في المجتمعات الريفية، وكيف تتأثر هذه المجتمعات بالتغيرات الاقتصادية والسياسية. كما قدمت أعماله رؤى قيمة حول التنمية الريفية، وكيف يمكن تحسين حياة الناس في المناطق الريفية.
مساهماته الأكاديمية
بالإضافة إلى عمله الميداني، كان شارب أستاذًا لامعًا في جامعة كورنيل. قام بتدريس مجموعة واسعة من الدورات التدريبية في علم الإنسان والدراسات الآسيوية، وأشرف على عدد كبير من طلاب الدراسات العليا الذين أصبحوا باحثين بارزين في مجالاتهم. من بين مساهماته الأكاديمية البارزة:
- تطوير نظريات التغيير الاجتماعي: ساهم شارب في تطوير فهمنا للتغيير الاجتماعي، وكيف يحدث في المجتمعات التقليدية.
- دراسة التنمية الريفية: قدم رؤى قيمة حول تحديات وفرص التنمية الريفية في جنوب شرق آسيا.
- الترويج للدراسات الإثنوغرافية: شجع على استخدام الأساليب الإثنوغرافية في دراسة المجتمعات والثقافات المختلفة.
- تأثيره على الأجيال القادمة: أثر شارب على عدد كبير من الطلاب والباحثين، الذين واصلوا مسيرته في دراسة المجتمعات والثقافات في جميع أنحاء العالم.
ألف شارب العديد من الكتب والمقالات التي تعتبر من الكلاسيكيات في مجال علم الإنسان. من أشهر أعماله مقال بعنوان “عن ثقافة التغيير”، والذي يدرس كيفية استجابة المجتمعات للتغيرات الخارجية. كما كتب العديد من المقالات حول الزراعة والقرى التايلاندية. تميز شارب بقدرته على الجمع بين النظرية والعمل الميداني، مما سمح له بتقديم رؤى عميقة وشاملة حول الظواهر الاجتماعية والثقافية.
إرثه
ترك لوريستون شارب إرثًا دائمًا في مجال علم الإنسان والدراسات الآسيوية. ساهمت أبحاثه في فهمنا للعلاقة بين الثقافة والتغيير الاجتماعي، وأثرت على أجيال من الباحثين والطلاب. يعتبر شارب من الرواد في دراسة المجتمعات الريفية في جنوب شرق آسيا، وأعماله لا تزال ذات صلة حتى اليوم. تم تكريمه بعدة طرق، بما في ذلك:
- الجوائز والتقديرات: حصل شارب على العديد من الجوائز والتقديرات على مساهماته في مجال علم الإنسان.
- المنح الدراسية: تم إنشاء منح دراسية باسمه لدعم الطلاب والباحثين في دراساتهم.
- تأثيره على المناهج الدراسية: لا تزال أعماله تدرس في الجامعات والكليات في جميع أنحاء العالم.
بشكل عام، كان لوريستون شارب عالمًا استثنائيًا، وساهمت أعماله في تشكيل فهمنا للعالم من حولنا. استمر إرثه في التأثير على الباحثين والطلاب في مجال علم الإنسان والدراسات الآسيوية.
خاتمة
لوريستون شارب كان شخصية بارزة في علم الإنسان، اشتهر بعمله الميداني المكثف في تايلاند ومساهماته الكبيرة في فهمنا للتغيرات الاجتماعية والثقافية، وخاصة في المجتمعات الريفية. أثرت أبحاثه وتعليمه على أجيال من العلماء، ولا تزال أعماله ذات صلة حتى اليوم. لقد ترك إرثًا دائمًا في دراسة المجتمعات والثقافات الآسيوية، وساهم في إثراء فهمنا للعالم من حولنا.