نشأته
ولد سلفاتوري غريكو في تشاكوولي، وهي بلدة صغيرة بالقرب من باليرمو في صقلية. نشأ في عائلة لها تاريخ طويل في المافيا. كان والده، جوزيبي غريكو، رئيسًا لعائلة تشاكوولي، وعلمه أصول المهنة. اكتسب سلفاتوري لقب “تشياشيكيدو”، الذي يعني “الطائر الصغير” باللغة الصقلية، بسبب صغر حجمه وخفة حركته.
بدأ غريكو مسيرته الإجرامية في سن مبكرة، حيث شارك في عمليات ابتزاز وتهريب صغيرة. سرعان ما صعد في الرتب بفضل ذكائه وقدرته على القيادة. بحلول الخمسينيات من القرن الماضي، كان قد خلف والده كرئيس لعائلة تشاكوولي.
صعوده إلى السلطة
تحت قيادة سلفاتوري غريكو، توسعت عائلة تشاكوولي في أنشطتها لتشمل تهريب المخدرات وغسيل الأموال. أقام غريكو علاقات قوية مع عائلات مافيا أخرى في صقلية والولايات المتحدة، مما ساعده على توسيع نفوذه.
في الستينيات من القرن الماضي، أصبح غريكو عضوًا في اللجنة، وهي الهيئة الحاكمة للمافيا الصقلية. سمح له هذا المنصب بالتأثير على سياسات المافيا واتخاذ القرارات الرئيسية. يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه أحد أقوى رؤساء المافيا في عصره.
كان غريكو معروفًا بوحشيته وقسوته. أمر بقتل العديد من المنافسين والأعداء، وكان مسؤولاً عن العديد من الهجمات بالقنابل وعمليات إطلاق النار.
حرب المافيا
في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات، اندلعت حرب دموية بين عائلات المافيا المتنافسة في صقلية. كان سلفاتوري غريكو أحد الشخصيات الرئيسية في هذه الحرب، حيث قاد فصيلًا سعى إلى السيطرة على تجارة المخدرات في باليرمو.
تميزت الحرب بالعنف الشديد، حيث قُتل المئات من رجال المافيا والمدنيين. اتُهم غريكو بالمسؤولية عن العديد من عمليات القتل، بما في ذلك مقتل ميشيل كافاتا، رئيس عائلة مافيا منافسة.
أدت الحرب في النهاية إلى إضعاف المافيا الصقلية، مما مهد الطريق أمام صعود جيل جديد من رجال المافيا الأكثر طموحًا ووحشية.
الهروب والاعتقال
في عام 1973، تم توجيه اتهامات إلى سلفاتوري غريكو بتهمة القتل والابتزاز. هرب من إيطاليا لتجنب المحاكمة، وعاش كهارب لعدة سنوات.
تم القبض على غريكو في النهاية في فنزويلا عام 1977، وتم تسليمه إلى إيطاليا. حوكم بتهمة القتل وحكم عليه بالسجن مدى الحياة.
الموت
توفي سلفاتوري غريكو في السجن عام 1978 بسبب نوبة قلبية. كانت وفاته بمثابة نهاية حقبة في تاريخ المافيا الصقلية.
إرثه
لا يزال سلفاتوري غريكو شخصية مثيرة للجدل في إيطاليا. يعتبره البعض مجرمًا وحشيًا، بينما يراه البعض الآخر شخصية أسطورية في عالم المافيا. بغض النظر عن الرأي الشخصي، لا شك في أن غريكو كان شخصية قوية ومؤثرة في تاريخ المافيا الصقلية.
تأثيره على المافيا
ترك سلفاتوري غريكو بصمة واضحة على المافيا الصقلية. كان أحد أوائل رؤساء المافيا الذين أدركوا الإمكانات الهائلة لتجارة المخدرات، ولعب دورًا رئيسيًا في تحويل المافيا إلى منظمة إجرامية دولية.
كما كان غريكو رائدًا في استخدام العنف والإرهاب لتحقيق أهدافه. كانت أساليبه بمثابة نموذج لجيل جديد من رجال المافيا، الذين كانوا أكثر استعدادًا لاستخدام العنف لتحقيق مكاسبهم.
على الرغم من وفاته منذ أكثر من أربعة عقود، لا يزال إرث سلفاتوري غريكو يتردد في عالم المافيا الصقلية.
حقائق أخرى حول سلفاتوري غريكو
- كان سلفاتوري غريكو يُعرف باسم “Il Papa” أو “البابا” بسبب نفوذه وسلطته داخل المافيا.
- يُعتقد أنه كان مسؤولاً عن أكثر من 100 جريمة قتل.
- كان لديه علاقات وثيقة مع السياسيين ورجال الأعمال الأقوياء في صقلية.
- تم تصوير حياته في العديد من الأفلام والكتب.
التحديات التي واجهت المافيا في عهد غريكو
واجهت المافيا في عهد سلفاتوري غريكو عدة تحديات منها:
- صعود الأجيال الجديدة من رجال المافيا: ظهر جيل جديد من رجال المافيا أكثر طموحاً ووحشية من الجيل السابق، مما أدى إلى صراعات داخلية وحروب عصابات.
- تزايد ضغط الشرطة والقضاء: ازدادت جهود الشرطة والقضاء لمكافحة المافيا، مما أدى إلى اعتقال العديد من رجال المافيا ومصادرة ممتلكاتهم.
- تغير التركيبة الاجتماعية والاقتصادية لصقلية: أدت التغيرات الاجتماعية والاقتصادية في صقلية إلى تراجع نفوذ المافيا في بعض المناطق، وظهور منافسين جدد في عالم الجريمة.
استراتيجيات غريكو لمواجهة التحديات
اتبع سلفاتوري غريكو عدة استراتيجيات لمواجهة التحديات التي واجهت المافيا في عهده، منها:
- تعزيز العلاقات مع السياسيين ورجال الأعمال: سعى غريكو إلى تعزيز علاقاته مع السياسيين ورجال الأعمال الأقوياء في صقلية، من أجل الحصول على الدعم والحماية.
- توسيع نطاق أنشطة المافيا: قام غريكو بتوسيع نطاق أنشطة المافيا لتشمل تهريب المخدرات وغسيل الأموال، مما أدى إلى زيادة أرباحها ونفوذها.
- استخدام العنف والإرهاب: استخدم غريكو العنف والإرهاب ضد منافسيه وأعدائه، من أجل إرهابهم وإخضاعهم.
نتائج استراتيجيات غريكو
أدت استراتيجيات غريكو إلى نتائج متباينة. فمن ناحية، تمكن من الحفاظ على نفوذ المافيا وسلطتها في صقلية. ومن ناحية أخرى، أدت أساليبه العنيفة إلى تزايد العداء الشعبي ضد المافيا، وإلى زيادة ضغط الشرطة والقضاء عليها.
دور غريكو في لجنة المافيا الصقلية
كان سلفاتوري غريكو عضوًا مؤثرًا في لجنة المافيا الصقلية، وهي الهيئة الحاكمة التي تتألف من رؤساء العائلات المختلفة. كان دوره في اللجنة يتركز على:
- تسوية النزاعات: كان غريكو يلعب دور الوسيط في النزاعات بين العائلات المختلفة، ويعمل على التوصل إلى حلول ترضي جميع الأطراف.
- تحديد السياسات العامة: كان يشارك في تحديد السياسات العامة للمافيا، مثل تحديد الأهداف الاستراتيجية وتخصيص الموارد.
- الموافقة على عمليات القتل: في بعض الحالات، كان يتعين الحصول على موافقة اللجنة قبل تنفيذ عمليات القتل الهامة، وكان غريكو أحد الأعضاء الذين يصوتون على هذه القرارات.
علاقات غريكو مع المافيا الأمريكية
أقام سلفاتوري غريكو علاقات وثيقة مع المافيا الأمريكية، وخاصة عائلة جامبينو في نيويورك. كانت هذه العلاقات مهمة لعدة أسباب:
- تجارة المخدرات: كانت المافيا الأمريكية شريكًا رئيسيًا في تهريب المخدرات من صقلية إلى الولايات المتحدة.
- غسيل الأموال: كانت المافيا الأمريكية تساعد في غسيل الأموال التي يتم الحصول عليها من الأنشطة الإجرامية في صقلية.
- الدعم السياسي: كانت المافيا الأمريكية تقدم الدعم السياسي للمافيا الصقلية في الولايات المتحدة.
خاتمة
كان سلفاتوري “تشياشيكيدو” غريكو شخصية محورية في تاريخ المافيا الصقلية. صعوده إلى السلطة، ودوره في حرب المافيا، وعلاقاته مع المافيا الأمريكية، كلها عوامل ساهمت في تشكيل صورة المافيا كما نعرفها اليوم. على الرغم من أنه توفي منذ عقود، إلا أن تأثيره لا يزال محسوسًا في عالم الجريمة المنظمة.