مقدمة
التهاب السحايا السلي، المعروف أيضًا باسم التهاب السحايا الدرني أو التهاب السحايا الناتج عن مرض السل، هو نوع معين من التهاب السحايا الجرثومي الذي تسببه بكتيريا المتفطرة السلية (Mycobacterium tuberculosis). يؤثر هذا المرض بشكل أساسي على الأغشية الواقية التي تغطي الدماغ والحبل الشوكي، والتي تسمى السحايا. يعتبر التهاب السحايا السلي من أخطر أشكال التهاب السحايا، وإذا ترك دون علاج، فقد يؤدي إلى تلف دائم في الدماغ أو حتى الوفاة.
أسباب التهاب السحايا السلي
السبب الرئيسي لالتهاب السحايا السلي هو انتشار بكتيريا المتفطرة السلية من موقع آخر في الجسم، عادة الرئتين، إلى السحايا. يمكن أن يحدث هذا الانتشار عبر مجرى الدم أو الجهاز اللمفاوي. في معظم الحالات، يحدث التهاب السحايا السلي كنتيجة لإصابة سابقة بمرض السل الرئوي، ولكن في بعض الأحيان، يمكن أن يحدث أيضًا في الأشخاص الذين ليس لديهم تاريخ معروف للإصابة بالسل.
تشمل العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بالتهاب السحايا السلي ما يلي:
- ضعف الجهاز المناعي: الأشخاص المصابون بفيروس نقص المناعة البشرية (HIV) أو الذين يتناولون أدوية مثبطة للمناعة هم أكثر عرضة للإصابة بالتهاب السحايا السلي.
- الأطفال الصغار: الأطفال، وخاصة أولئك الذين تقل أعمارهم عن خمس سنوات، هم أكثر عرضة للإصابة بالتهاب السحايا السلي.
- المسافرون إلى مناطق موبوءة بالسل: الأشخاص الذين يسافرون إلى مناطق تنتشر فيها الإصابة بالسل معرضون لخطر أكبر.
- الاتصال الوثيق بشخص مصاب بالسل: يزيد الاتصال الوثيق بشخص مصاب بالسل النشط من خطر الإصابة بالمرض.
- سوء التغذية: يمكن أن يؤدي سوء التغذية إلى إضعاف الجهاز المناعي وزيادة خطر الإصابة بالتهاب السحايا السلي.
أعراض التهاب السحايا السلي
تتطور أعراض التهاب السحايا السلي عادةً ببطء على مدى أسابيع أو شهور. قد تشمل الأعراض المبكرة:
- حمى خفيفة
- صداع
- تعب
- توعك عام
مع تقدم المرض، قد تظهر أعراض أكثر حدة، بما في ذلك:
- حمى شديدة
- صداع حاد
- تصلب الرقبة
- الغثيان والقيء
- الحساسية للضوء (رهاب الضوء)
- التشوش الذهني
- النوبات
- الغيبوبة
في بعض الحالات، قد يعاني الأشخاص المصابون بالتهاب السحايا السلي أيضًا من أعراض أخرى تتعلق بالسل، مثل السعال المزمن أو فقدان الوزن.
تشخيص التهاب السحايا السلي
يتطلب تشخيص التهاب السحايا السلي مجموعة من التقييمات السريرية والفحوصات المخبرية. قد تشمل هذه:
- الفحص البدني: يقوم الطبيب بإجراء فحص بدني لتقييم الأعراض والعلامات الحيوية للمريض.
- البزل القطني: يتم جمع عينة من السائل النخاعي (السائل المحيط بالدماغ والحبل الشوكي) عن طريق البزل القطني. يتم فحص السائل النخاعي للكشف عن وجود بكتيريا المتفطرة السلية وخلايا الدم البيضاء والبروتين.
- زرع السائل النخاعي: يتم زرع السائل النخاعي في المختبر لتحديد وجود بكتيريا المتفطرة السلية. قد يستغرق هذا الاختبار عدة أسابيع للحصول على النتائج.
- اختبار تفاعل البوليميراز المتسلسل (PCR): يمكن استخدام اختبار PCR للكشف عن الحمض النووي لبكتيريا المتفطرة السلية في السائل النخاعي. هذا الاختبار أسرع من الزرع، ولكن قد يكون أقل حساسية.
- التصوير الطبي: قد يتم إجراء التصوير المقطعي المحوسب (CT) أو التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) للدماغ للكشف عن أي تشوهات، مثل الوذمة الدماغية أو الخراجات.
- اختبار السل الجلدي (اختبار مانتو): يمكن إجراء اختبار السل الجلدي للمساعدة في تحديد ما إذا كان الشخص قد تعرض لبكتيريا السل في الماضي.
- تصوير الصدر بالأشعة السينية: يمكن إجراء تصوير الصدر بالأشعة السينية للبحث عن علامات السل الرئوي.
علاج التهاب السحايا السلي
يتطلب علاج التهاب السحايا السلي العلاج الفوري بالمضادات الحيوية. عادة ما يتم إعطاء العلاج لمدة 9 إلى 12 شهرًا. تشمل المضادات الحيوية المستخدمة عادة في علاج التهاب السحايا السلي ما يلي:
- إيزونيازيد (Isoniazid)
- ريفامبين (Rifampin)
- بيرازيناميد (Pyrazinamide)
- إيثامبوتول (Ethambutol)
في بعض الحالات، قد تكون هناك حاجة أيضًا إلى استخدام الكورتيكوستيرويدات، مثل ديكساميثازون، لتقليل التورم في الدماغ.
بالإضافة إلى العلاج بالمضادات الحيوية، قد يحتاج الأشخاص المصابون بالتهاب السحايا السلي إلى رعاية داعمة، مثل:
- السوائل الوريدية
- الأكسجين
- الأدوية المضادة للاختلاج
- العلاج الطبيعي
من المهم ملاحظة أن علاج التهاب السحايا السلي يمكن أن يكون معقدًا ويتطلب إشرافًا طبيًا دقيقًا. يجب على الأشخاص المصابين بالتهاب السحايا السلي الالتزام بنظام العلاج الموصوف لهم واتباع تعليمات الطبيب.
مضاعفات التهاب السحايا السلي
يمكن أن يؤدي التهاب السحايا السلي إلى مضاعفات خطيرة، بما في ذلك:
- تلف دائم في الدماغ
- فقدان السمع
- فقدان البصر
- النوبات
- الإعاقة الذهنية
- السكتة الدماغية
- الاستسقاء الدماغي (تراكم السوائل في الدماغ)
- الوفاة
يعتمد خطر حدوث هذه المضاعفات على عوامل مختلفة، بما في ذلك شدة المرض وسرعة بدء العلاج وعمر المريض والحالة الصحية العامة.
الوقاية من التهاب السحايا السلي
أفضل طريقة للوقاية من التهاب السحايا السلي هي الوقاية من الإصابة بمرض السل في المقام الأول. تشمل التدابير الوقائية:
- التطعيم: يمكن أن يساعد لقاح BCG في الوقاية من السل لدى الأطفال.
- الكشف المبكر عن السل وعلاجه: يمكن أن يساعد الكشف المبكر عن السل وعلاجه في منع انتشار المرض.
- تحسين الظروف المعيشية: يمكن أن تساعد الظروف المعيشية المزدحمة وغير الصحية في انتشار السل.
- توفير التغذية الجيدة: يمكن أن يساعد توفير التغذية الجيدة في تقوية الجهاز المناعي وتقليل خطر الإصابة بالسل.
- تجنب الاتصال الوثيق بالأشخاص المصابين بالسل النشط: يجب على الأشخاص الذين لديهم اتصال وثيق بالأشخاص المصابين بالسل النشط اتخاذ الاحتياطات اللازمة، مثل ارتداء قناع وتلقي العلاج الوقائي إذا لزم الأمر.
خاتمة
التهاب السحايا السلي هو عدوى خطيرة تصيب الأغشية المحيطة بالدماغ والحبل الشوكي. ينتج عن انتشار بكتيريا السل إلى السحايا ويتطلب تشخيصًا وعلاجًا فوريين لمنع المضاعفات الخطيرة. من خلال فهم الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج والوقاية، يمكننا العمل على تقليل تأثير هذا المرض المدمر.