<![CDATA[
الأصول التاريخية
يمكن إرجاع جذور ترانسنيستريا إلى تاريخ المنطقة كجزء من مختلف الإمبراطوريات والممالك على مر القرون. في العصور القديمة، كانت المنطقة مأهولة من قبل القبائل الداقية والسارماتية. في وقت لاحق، أصبحت جزءًا من مملكة كييف روس وإمارة غاليسيا-فولينيا. في القرن الرابع عشر، سقطت المنطقة تحت سيطرة دوقية ليتوانيا الكبرى، وفي وقت لاحق الكومنولث البولندي الليتواني.
في عام 1792، نتيجة للحرب الروسية التركية، ضمت الإمبراطورية الروسية المنطقة المعروفة باسم ترانسنيستريا، والتي تقع بين نهري دنيستر وبوغ الجنوبي. أصبحت المنطقة جزءًا من مقاطعة خيرسون الروسية. خلال الفترة الروسية، شهدت المنطقة تدفقًا كبيرًا من المستوطنين من مختلف الخلفيات العرقية، بما في ذلك الأوكرانيون والروس والمولدوفيون والألمان واليهود.
الفترة السوفيتية
بعد الثورة الروسية عام 1917، أصبحت ترانسنيستريا جزءًا من الجمهورية الاشتراكية السوفيتية الأوكرانية. في عام 1924، تم تشكيل جمهورية مولدوفا الاشتراكية السوفيتية المتمتعة بالحكم الذاتي (MASSR) داخل جمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفيتية. كانت MASSR منطقة ذاتية الحكم مصممة لتمثيل العرق المولدوفي داخل الاتحاد السوفيتي. ومع ذلك، كانت تقع بشكل كبير خارج بيسارابيا، وهي المنطقة التي كانت تشكل غالبية مولدوفا الحديثة.
في عام 1940، ضمت الاتحاد السوفيتي بيسارابيا من رومانيا وشكل جمهورية مولدوفا الاشتراكية السوفيتية (MSSR) من خلال دمج بيسارابيا مع جزء من MASSR (حوالي 6 من 14 منطقة). تم نقل عاصمة الجمهورية الجديدة إلى كيشيناو (تشيسيناو). ومع ذلك، ظلت المنطقة الواقعة شرق نهر دنيستر، والتي تتوافق تقريبًا مع ترانسنيستريا الحديثة، جزءًا من جمهورية مولدوفا الاشتراكية السوفيتية.
خلال الفترة السوفيتية، شهدت ترانسنيستريا تصنيعًا وتحديثًا كبيرين. تم بناء العديد من المصانع والمحطات الكهرومائية في المنطقة، مما جعلها منطقة صناعية مهمة داخل جمهورية مولدوفا الاشتراكية السوفيتية. لعبت المنطقة أيضًا دورًا استراتيجيًا هامًا، حيث كانت تستضيف عددًا من القواعد العسكرية السوفيتية.
انهيار الاتحاد السوفيتي وحرب ترانسنيستريا
في أواخر الثمانينيات، خلال فترة البيريسترويكا والجلاسنوست في الاتحاد السوفيتي، بدأت الحركات القومية في الظهور في جميع أنحاء الجمهوريات السوفيتية. في مولدوفا، كانت هناك دعوات متزايدة لإحياء اللغة والثقافة الرومانية، فضلاً عن إمكانية الوحدة مع رومانيا.
أثارت هذه التطورات مخاوف بين سكان ترانسنيستريا، الذين كان لديهم تركيبة سكانية مختلفة عن بقية مولدوفا. كان غالبية سكان ترانسنيستريا من الروس والأوكرانيين، وشعروا بأن هويتهم وثقافتهم مهددة من قبل الحركات القومية في مولدوفا.
في عام 1990، أعلنت ترانسنيستريا من جانب واحد استقلالها عن مولدوفا، معلنة نفسها جمهورية بريدنيستروفيان المولدافية (PMR). ردت الحكومة المولدوفية بمحاولة استعادة السيطرة على المنطقة بالقوة، مما أدى إلى حرب ترانسنيستريا في عام 1992.
استمرت الحرب عدة أشهر وشهدت قتالًا عنيفًا بين القوات المولدوفية والانفصاليين الترانسنيستريين، بدعم من القوات الروسية. انتهى الصراع بوقف إطلاق النار بوساطة روسية، وإنشاء منطقة منزوعة السلاح بين الطرفين. ومنذ ذلك الحين، تم نشر قوة حفظ سلام روسية في المنطقة.
الوضع الحالي
منذ وقف إطلاق النار في عام 1992، ظلت ترانسنيستريا منطقة انفصالية غير معترف بها. لديها حكومتها الخاصة وبرلمانها وجيشها وعملتها. ومع ذلك، لم يتم الاعتراف باستقلالها من قبل أي دولة عضو في الأمم المتحدة، بما في ذلك روسيا. تعتبر المجتمع الدولي ترانسنيستريا جزءًا من مولدوفا.
تعتمد ترانسنيستريا اقتصاديًا على روسيا، التي تقدم لها الدعم المالي والطاقة. تلعب المنطقة أيضًا دورًا في تهريب الأسلحة والسلع الأخرى.
تستمر المفاوضات بين مولدوفا وترانسنيستريا، بوساطة من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا (OSCE) وروسيا وأوكرانيا، لكن لم يتم إحراز تقدم كبير في حل النزاع. تظل القضية الأساسية هي وضع ترانسنيستريا المستقبلي: هل يجب أن تظل جزءًا من مولدوفا، مع قدر أكبر من الحكم الذاتي، أو يجب أن يُسمح لها بالاستقلال؟
في عام 2006، أجرت ترانسنيستريا استفتاءً حيث صوت غالبية السكان لصالح الاستقلال والانضمام المستقبلي إلى روسيا. ومع ذلك، لم يتم الاعتراف بالاستفتاء من قبل المجتمع الدولي.
- التحديات الحالية التي تواجه ترانسنيستريا:
- الوضع السياسي غير المؤكد
- الاعتماد الاقتصادي على روسيا
- تهريب الأسلحة والسلع الأخرى
- غياب الاعتراف الدولي
محاولات التسوية
على مر السنين، تم اقتراح العديد من الخطط لتسوية النزاع في ترانسنيستريا. وتشمل هذه الخطط:
- منح ترانسنيستريا وضعًا خاصًا داخل مولدوفا: بموجب هذا السيناريو، ستحتفظ ترانسنيستريا بقدر كبير من الحكم الذاتي، بما في ذلك حقها في امتلاك حكومتها الخاصة وبرلمانها وجيشها. ومع ذلك، ستظل جزءًا من مولدوفا وسيخضع دستورها وقوانينها للقانون المولدوفي.
- تحويل مولدوفا إلى دولة اتحادية: بموجب هذا السيناريو، ستقسم مولدوفا إلى عدة ولايات، بما في ذلك ترانسنيستريا. ستحتفظ كل ولاية بقدر كبير من الحكم الذاتي، لكن الحكومة المركزية ستحتفظ بالسلطة على قضايا مثل السياسة الخارجية والدفاع.
- إجراء استفتاء على الاستقلال: بموجب هذا السيناريو، سيُمنح سكان ترانسنيستريا الفرصة للتصويت على ما إذا كانوا يريدون الاستقلال عن مولدوفا. ومع ذلك، سيكون المجتمع الدولي بحاجة إلى الاعتراف بنتائج الاستفتاء حتى يكون شرعيًا.
لم ينجح أي من هذه الخطط في حل النزاع، ولا يزال مستقبل ترانسنيستريا غير مؤكدًا.
تأثير الحرب في أوكرانيا
أدى الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022 إلى زيادة التوترات في ترانسنيستريا. تقع المنطقة على الحدود مع أوكرانيا، وهناك مخاوف من أن روسيا قد تستخدم ترانسنيستريا كمنصة انطلاق لشن هجمات على أوكرانيا. بالإضافة إلى ذلك، أدت الحرب إلى تعطيل اقتصاد ترانسنيستريا، حيث تعتمد المنطقة على أوكرانيا في التجارة والنقل.
زادت الحرب أيضًا من خطر عدم الاستقرار في المنطقة. هناك مخاوف من أن الحرب قد تشجع الانفصاليين في ترانسنيستريا على محاولة الحصول على مزيد من الاستقلال عن مولدوفا، أو حتى الانضمام إلى روسيا. قد يؤدي ذلك إلى مزيد من الصراع والعنف.
بشكل عام، أدت الحرب في أوكرانيا إلى تفاقم الوضع المعقد بالفعل في ترانسنيستريا. من غير الواضح ما الذي سيحدث في المنطقة في المستقبل، ولكن هناك خطر حقيقي من أن الحرب قد تؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار والصراع.
خاتمة
تاريخ ترانسنيستريا هو تاريخ صراع وتوتر وعدم يقين. منذ أصولها كجزء من الإمبراطورية الروسية إلى إعلانها الحالي كدولة انفصالية غير معترف بها، كانت المنطقة نقطة اشتعال في أوروبا الشرقية. الوضع معقد بسبب التركيبة العرقية المتنوعة للمنطقة، وتأثير روسيا، وغياب الاعتراف الدولي. وبينما تستمر المفاوضات، يظل مستقبل ترانسنيستريا غير مؤكد، مع احتمال استمرار الصراع وعدم الاستقرار في المنطقة.