من هم أصحاب الأرض؟
كان أصحاب الأرض في الأساس المشاهدين الذين لم يستطيعوا تحمل تكلفة الجلوس في المقاعد المغطاة في مسارح مثل “ريد ليون” (Red Lion)، و”روز” (The Rose)، و”غلوب” (Globe). وبدلاً من ذلك، وقفوا في ساحة المسرح، وهي منطقة مفتوحة أمام المسرح مباشرة. نظرًا لعدم وجود مقاعد في هذه المنطقة، وقف أصحاب الأرض طوال مدة العرض، معرضين للعوامل الجوية، مثل المطر والشمس، وكذلك للقاذورات المتطايرة من المسرح نفسه.
عادةً ما كان أصحاب الأرض من الطبقات الاجتماعية الدنيا، مثل العمال والحرفيين والمتسولين. كانت تذكرة الدخول إلى ساحة المسرح أرخص بكثير من تكلفة الجلوس في المقاعد، مما جعل المسرح في متناول هذه الفئة من المجتمع. على الرغم من وضعهم الاقتصادي، لعب أصحاب الأرض دورًا حيويًا في ثقافة المسرح في ذلك الوقت.
خصائص أصحاب الأرض
تميز أصحاب الأرض بعدة خصائص:
- الطبقة الاجتماعية: كما ذكرنا، كانوا ينتمون إلى الطبقات الاجتماعية الدنيا في المجتمع.
- القدرة على تحمل التكاليف: كانت قدرتهم على تحمل تكاليف تذاكر المسرح محدودة، مما أجبرهم على الوقوف في ساحة المسرح.
- الاستجابة العاطفية: كان أصحاب الأرض معروفين باستجابتهم العاطفية المباشرة والصاخبة للعروض. كانوا يضحكون ويصرخون ويشجعون الممثلين ويعبرون عن إعجابهم أو استيائهم بصوت عالٍ.
- التأثير على العروض: كان لتفاعلهم المباشر مع العروض تأثير كبير على كيفية أداء المسرحيات. كان على الممثلين أن يتكيفوا مع جمهورهم، مع التركيز على إرضاء أصحاب الأرض من خلال العروض الجذابة والمثيرة.
أهمية أصحاب الأرض في تاريخ المسرح
كان أصحاب الأرض عنصرًا أساسيًا في نجاح المسارح في أوائل القرن السابع عشر. لقد ساهموا في عدة جوانب رئيسية:
- الحفاظ على المسرح حيًا: من خلال شرائهم للتذاكر، ساعدوا في تمويل المسارح والحفاظ عليها مفتوحة.
- توفير ردود فعل فورية: قدموا ردود فعل فورية للممثلين والكتاب، مما ساعد في تشكيل وتطوير المسرحيات.
- خلق أجواء حيوية: أضفوا حيوية وطاقة إلى العروض، مما جعل تجربة المسرح أكثر جاذبية للمشاهدين الآخرين.
- دعم الثقافة الشعبية: كانوا جزءًا من الثقافة الشعبية، وجعلوا المسرح في متناول الجميع.
تأثيرهم على المسرحيات
نظرًا لوجودهم في ساحة المسرح مباشرة، كان لأصحاب الأرض تأثير كبير على أسلوب الكتابة والأداء المسرحي. كان على الكتاب أن يكتبوا مسرحيات يمكن أن تجذب انتباه هذا الجمهور. غالبًا ما اشتملت المسرحيات على الفكاهة الجسدية، والمشاهد المثيرة، والحوارات البسيطة التي يمكن لأصحاب الأرض فهمها بسهولة. كان على الممثلين أيضًا أن يكيفوا أسلوب أدائهم ليتناسب مع هذا الجمهور، مع التركيز على إبراز المشاعر وإيصال الرسائل بوضوح.
على سبيل المثال، غالبًا ما كانت مسرحيات شكسبير تتضمن شخصيات من الطبقات الاجتماعية الدنيا، والتي يمكن لأصحاب الأرض التعاطف معها. كما احتوت المسرحيات على الكثير من المشاهد المفعمة بالحيوية والمرح، والتي كانت تحظى بشعبية كبيرة لدى هذا الجمهور.
الاختلافات بين أصحاب الأرض والجمهور الآخر
بالإضافة إلى الاختلافات الاقتصادية، كان هناك اختلافات أخرى بين أصحاب الأرض والجمهور الآخر. على سبيل المثال:
- الموقع: وقف أصحاب الأرض في ساحة المسرح، بينما جلس الجمهور الآخر في مقاعد مغطاة.
- السلوك: كان أصحاب الأرض أكثر صخبًا وتعبيرًا عن مشاعرهم، بينما كان الجمهور الآخر أكثر هدوءًا وتحفظًا.
- التفاعل: تفاعل أصحاب الأرض بشكل مباشر مع العروض، بينما كان الجمهور الآخر يميل إلى أن يكون أكثر سلبية.
تطور دور أصحاب الأرض
مع مرور الوقت، تغير دور أصحاب الأرض في المسرح. مع تطور المسرح وتغير التركيبة الاجتماعية للجمهور، بدأ دور أصحاب الأرض في التلاشي. مع بناء مسارح جديدة وتوفير مقاعد أكثر راحة، أصبح الجمهور أكثر تنوعًا، وتضاءل اعتماد المسرح على أصحاب الأرض كمصدر رئيسي للدخل والتفاعل.
ومع ذلك، لا يزال من الممكن رؤية تأثير أصحاب الأرض على المسرح الحديث. لا يزال المسرح يهدف إلى جذب جمهور متنوع، ويسعى الكتاب والممثلون إلى إيجاد طرق للتواصل مع الجمهور على مستوى عاطفي. يمكن اعتبار أصحاب الأرض بمثابة أسلاف للمشاهدين الذين يشاركون في العروض التفاعلية أو الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن آرائهم حول المسرحيات.
أصحاب الأرض اليوم
على الرغم من أن مفهوم “أصحاب الأرض” بالمعنى الحرفي لم يعد موجودًا في المسرح الحديث، إلا أن إرثهم لا يزال حيًا. يمكن اعتبار أي جمهور نشط ومتفاعل، والذي يعبر عن آرائه بصوت عالٍ، بمثابة وريث لأصحاب الأرض. إن تفاعل الجمهور مع العروض، سواء كان ذلك في شكل تصفيق حماسي أو مشاركة في المناقشات بعد العرض، هو استمرار لتقليد أصحاب الأرض.
خاتمة
كان أصحاب الأرض جزءًا لا يتجزأ من المشهد المسرحي في أوائل القرن السابع عشر. لقد أثروا على كتابة المسرحيات والأداء، وأضافوا حيوية وطاقة إلى العروض. على الرغم من أنهم لم يعودوا موجودين بالمعنى الحرفي، إلا أن إرثهم لا يزال حيًا في المسرح الحديث، حيث يسعى المسرح إلى جذب جمهور متنوع وتوفير تجارب تفاعلية ومثيرة.