نشأته وتعليمه
ولد موشيه شمئيل غلاسنر في مدينة بونيهاد في المجر. تلقى تعليمه المبكر في المدارس اليهودية التقليدية، حيث أظهر تفوقًا في دراسة التلمود والهلخاه (القانون اليهودي). درس تحت إشراف عدد من الحاخامات البارزين، بمن فيهم الحاخام يوسف شموئيل ألكسندر، الذي أثر بشكل كبير في تطوره الفكري والروحي. تميز غلاسنر بذكائه الحاد وقدرته على استيعاب المعلومات المعقدة، مما أهله ليصبح طالبًا متفوقًا في دراساته الدينية.
انتقل غلاسنر إلى مدينة بريسبورغ (الآن براتيسلافا، سلوفاكيا) لمواصلة دراسته في يشيفا (مدرسة دينية يهودية) الحاخام موشيه صوفر (الخاتم صوفر)، أحد أبرز قادة اليهودية الأرثوذكسية في عصره. هناك، تعمق في دراسة التلمود، وتعلم منهجية الاستدلال القانوني، وطور فهمًا عميقًا للقانون اليهودي. كان تأثير الحاخام صوفر على غلاسنر كبيرًا، حيث ساعده على تطوير التزامه القوي بالأرثوذكسية اليهودية.
مسيرته المهنية والقيادية
بعد أن أصبح حاخامًا، تولى غلاسنر منصب الحاخام الأكبر في كلاوزنبورغ. أثبت قدراته القيادية على الفور، حيث عمل على تعزيز التعليم اليهودي، وبناء المؤسسات المجتمعية، وتعزيز الروابط بين أفراد المجتمع. كان معروفًا بقدرته على مخاطبة مجموعة متنوعة من الناس، والتحدث إليهم بلغتهم الخاصة، سواء كانوا من العلماء أو من عامة الناس. كما قام بتأسيس يشيفا في كلاوزنبورغ، والتي سرعان ما أصبحت مركزًا مهمًا للتعليم التلمودي، وجذبت الطلاب من جميع أنحاء المجر.
خلال فترة توليه منصب الحاخام الأكبر، واجه غلاسنر تحديات كبيرة بسبب التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي حدثت في المجر. واجهت اليهودية الأرثوذكسية ضغوطًا من الحركات الإصلاحية والحداثية، التي سعت إلى تغيير الممارسات اليهودية التقليدية. دافع غلاسنر بقوة عن الأرثوذكسية، معتبرًا أنها السبيل الوحيد للحفاظ على الهوية اليهودية. ألقى العديد من الخطب والمقالات التي دافع فيها عن التمسك بالشريعة اليهودية، وحذر من مخاطر التنازل عن القيم التقليدية.
بالإضافة إلى عمله كحاخام، كان غلاسنر ناشطًا سياسيًا. عمل على حماية حقوق اليهود في المجر، وعارض معاداة السامية التي كانت تتصاعد في ذلك الوقت. شارك في العديد من المنظمات اليهودية، وعمل على تعزيز التضامن اليهودي في جميع أنحاء أوروبا. كان يؤمن بأهمية الوحدة اليهودية، وعمل على تجاوز الانقسامات الداخلية من أجل مواجهة التحديات الخارجية.
إرثه ومساهماته
ترك موشيه شمئيل غلاسنر إرثًا دائمًا كعالم تلمودي وقائد مجتمعي. أعماله المكتوبة، بما في ذلك الفتاوى (الإجابات على الأسئلة القانونية اليهودية) والمقالات، لا تزال تُدرس حتى اليوم. ساهمت كتاباته في فهمنا للقانون اليهودي والتاريخ اليهودي. كانت خطبه ومقالاته بمثابة مصدر إلهام للعديد من اليهود، وشجعتهم على التمسك بإيمانهم وتقاليدهم.
كان غلاسنر مدافعًا عن التعليم اليهودي. أسس يشيفا في كلاوزنبورغ، التي أصبحت مركزًا مهمًا للتعلم. كان يؤمن بأهمية تعليم الشباب اليهودي، وعمل على ضمان حصولهم على تعليم ديني جيد. اعتقد أن التعليم هو المفتاح للحفاظ على اليهودية للأجيال القادمة.
كان غلاسنر قائدًا مؤثرًا في مجتمعه. عمل على تعزيز الروابط بين أفراد المجتمع، وتعزيز التضامن اليهودي. كان معروفًا بقدرته على حل النزاعات، والجمع بين الناس من مختلف الخلفيات. كان يؤمن بأهمية التعاون والعمل الجماعي من أجل تحقيق الصالح العام.
توفي موشيه شمئيل غلاسنر في عام 1924. لا يزال ذكراه محفورة في ذاكرة اليهود في جميع أنحاء العالم. لقد ترك إرثًا دائمًا كعالم تلمودي، وقائد مجتمعي، ومدافع عن اليهودية الأرثوذكسية. لقد ألهمت حياته وعمله العديد من الأشخاص، ولا يزال تأثيره محسوسًا حتى اليوم.
أعماله ومؤلفاته
كتب غلاسنر العديد من الأعمال التي تدور حول القانون اليهودي (الهالاخاه) والتفكير اليهودي. من أبرزها:
- تشورا ديفوش: مجموعة من الفتاوى التي تتناول مجموعة واسعة من القضايا الهالاخية.
- جلايس: دراسة عن التلمود.
- مجموعه من الخطب والمقالات التي نشرت في عدد من المجلات اليهودية.
خاتمة
كان الحاخام موشيه شمئيل غلاسنر شخصية بارزة في تاريخ اليهودية. لقد كان عالمًا تلموديًا ذا بصيرة، وقائدًا مجتمعيًا بارعًا، ومدافعًا لا هوادة فيه عن الأرثوذكسية اليهودية. لقد ترك إرثًا دائمًا من خلال أعماله المكتوبة، وقيادته للمجتمع، والتزامه بتعليم الشباب اليهودي. تعتبر مساهماته في القانون اليهودي والفكر اليهودي والقيادة المجتمعية لا تقدر بثمن، ولا يزال تأثيره محسوسًا حتى اليوم.