<![CDATA[
مقدمة
جرت الانتخابات التشريعية في اليونان في التاسع من يونيو عام 1935. كانت هذه الانتخابات بمثابة لحظة محورية في تاريخ اليونان الحديث، حيث أثرت نتائجها بشكل كبير على المشهد السياسي والاجتماعي في البلاد. جاءت هذه الانتخابات في أعقاب فترة من الاضطرابات السياسية وعدم الاستقرار، وتميزت بمشاركة محدودة من قبل الأحزاب السياسية الرئيسية.
خلفية تاريخية
شهدت اليونان في أوائل الثلاثينيات فترة من التوتر السياسي الشديد. كانت البلاد تعاني من آثار الكساد الكبير، مما أدى إلى تفاقم المشاكل الاقتصادية والاجتماعية. علاوة على ذلك، كانت الخلافات السياسية عميقة، حيث انقسمت الأحزاب السياسية الرئيسية حول قضايا مثل النظام الملكي والدور الذي يلعبه الجيش في السياسة. أدت هذه الانقسامات إلى سلسلة من الحكومات غير المستقرة والانقلابات العسكرية، مما زاد من حالة عدم اليقين السياسي في البلاد.
في عام 1933، وصل حزب الشعب بزعامة باناجيس تسالداريس إلى السلطة. ومع ذلك، واجهت حكومة تسالداريس تحديات كبيرة، بما في ذلك محاولة انقلاب فاشلة في مارس 1935 بقيادة أنصار إلفثيريوس فينيزيلوس، رئيس الوزراء السابق. أدت محاولة الانقلاب هذه إلى تفاقم الانقسامات السياسية في البلاد وخلقت مناخًا من الخوف وعدم الثقة.
التحضيرات للانتخابات
في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة، قررت حكومة تسالداريس إجراء انتخابات تشريعية جديدة. كان الهدف من هذه الانتخابات هو استعادة الاستقرار السياسي ومنح الحكومة تفويضًا شعبيًا. ومع ذلك، قررت العديد من الأحزاب السياسية الرئيسية، بما في ذلك حزب الليبراليين بزعامة فينيزيلوس، مقاطعة الانتخابات. كان هذا القرار مدفوعًا بالاعتقاد بأن الانتخابات لن تكون حرة ونزيهة، وبأن الحكومة ستستخدم سلطتها للتأثير على النتيجة.
بسبب مقاطعة الأحزاب الرئيسية، كانت الانتخابات التشريعية عام 1935 إلى حد كبير مسابقة بين حزب الشعب والأحزاب الصغيرة الأخرى. كان حزب الشعب يتمتع بميزة كبيرة بسبب سيطرته على الحكومة والموارد الحكومية. كما تمكن الحزب من الاستفادة من مناخ الخوف وعدم اليقين السياسي الذي أعقب محاولة الانقلاب.
نتائج الانتخابات
أسفرت الانتخابات التشريعية التي جرت في 9 يونيو 1935 عن فوز ساحق لحزب الشعب. حصل الحزب على غالبية المقاعد في البرلمان، مما منحه سيطرة كاملة على الحكومة. شارك في هذه الانتخابات نسبة قليلة من الناخبين بسبب مقاطعة العديد من الأحزاب السياسية الرئيسية. وتشير التقديرات إلى أن نسبة المشاركة كانت حوالي 45% فقط.
فيما يلي النتائج الرئيسية للانتخابات:
- حزب الشعب (Λαϊκό Κόμμα): فاز بأغلبية المقاعد في البرلمان.
- الاتحاد الراديكالي الوطني (Εθνική Ριζοσπαστική Ένωσις): شارك في الائتلاف مع حزب الشعب وحقق نتائج جيدة.
- الأحزاب الصغيرة: حصلت على عدد قليل من المقاعد، ولكنها لم تشكل تهديدًا كبيرًا لحزب الشعب.
الآثار المترتبة على الانتخابات
كانت لنتائج الانتخابات التشريعية عام 1935 تداعيات بعيدة المدى على اليونان. مهدت الانتخابات الطريق لعودة النظام الملكي في وقت لاحق من ذلك العام. بعد الانتخابات، تم إجراء استفتاء شعبي على إعادة الملكية. أسفر الاستفتاء عن أغلبية ساحقة لصالح عودة الملك جورج الثاني إلى العرش. ومع ذلك، يرى العديد من المراقبين أن الاستفتاء كان مزورًا وأنه لم يعكس الإرادة الحقيقية للشعب اليوناني.
عززت الانتخابات أيضًا سلطة حزب الشعب وعززت سيطرته على السياسة اليونانية. استمر حزب الشعب في السلطة حتى عام 1936، عندما أطاح به انقلاب عسكري بقيادة الجنرال إيوانيس ميتاكساس. أقام ميتاكساس نظامًا ديكتاتوريًا حكم اليونان حتى وفاته عام 1941.
جدل حول شرعية الانتخابات
لا تزال الانتخابات التشريعية لعام 1935 مثيرة للجدل حتى يومنا هذا. يجادل البعض بأن الانتخابات كانت غير شرعية بسبب مقاطعة الأحزاب السياسية الرئيسية والتلاعب المزعوم في الاستفتاء اللاحق على عودة النظام الملكي. يرى آخرون أن الانتخابات كانت ضرورية لاستعادة الاستقرار السياسي ومنح الحكومة تفويضًا شعبيًا.
بغض النظر عن وجهة النظر، من الواضح أن الانتخابات التشريعية عام 1935 كانت لحظة مهمة في تاريخ اليونان. كان للانتخابات تأثير كبير على المشهد السياسي في البلاد ومهدت الطريق لفترة من الحكم الاستبدادي في ظل نظام ميتاكساس.
الأحداث اللاحقة
بعد فوز حزب الشعب في الانتخابات، تم اتخاذ خطوات سريعة لإعادة النظام الملكي. تم إجراء استفتاء شعبي في نوفمبر 1935، وأظهرت النتائج الرسمية أغلبية ساحقة لصالح عودة الملك جورج الثاني إلى العرش. ومع ذلك، كانت هناك ادعاءات واسعة النطاق بالتزوير والتلاعب في نتائج الاستفتاء.
عاد الملك جورج الثاني إلى اليونان في وقت لاحق من ذلك الشهر، منهيًا فترة الجمهورية الثانية القصيرة. ومع ذلك، لم يتمكن الملك من استعادة الاستقرار السياسي بشكل كامل. في عام 1936، قام الجنرال إيوانيس ميتاكساس بانقلاب عسكري وأقام نظامًا ديكتاتوريًا. حكم ميتاكساس اليونان حتى وفاته في عام 1941، وخلال هذه الفترة تم قمع الحريات المدنية وتقييد النشاط السياسي.
دور الأحزاب السياسية
حزب الشعب: كان الحزب الرئيسي الذي فاز في انتخابات عام 1935. كان حزبًا محافظًا مؤيدًا للنظام الملكي.
- زعيم الحزب: باناجيس تسالداريس.
- الأيديولوجية: محافظة، ملكية.
- الأيديولوجية: قومية، محافظة.
- زعيم الحزب: إلفثيريوس فينيزيلوس.
- الأيديولوجية: ليبرالية.
تأثير الشخصيات الرئيسية
باناجيس تسالداريس: رئيس الوزراء وزعيم حزب الشعب، لعب دورًا حاسمًا في تنظيم الانتخابات وإعادة النظام الملكي. إلفثيريوس فينيزيلوس: زعيم حزب الليبراليين، كان معارضًا قويًا لإعادة النظام الملكي وقاطع الانتخابات. الملك جورج الثاني: عاد إلى العرش بعد الاستفتاء، لكنه لم يتمكن من منع قيام نظام ميتاكساس الديكتاتوري.
تحليل النتائج
كانت نتائج الانتخابات التشريعية عام 1935 بمثابة انتصار كبير لحزب الشعب والقوى المؤيدة للنظام الملكي. ومع ذلك، فقد أظهرت أيضًا الانقسامات العميقة في المجتمع اليوناني وعدم الاستقرار السياسي الذي كان يعاني منه البلاد. أدت مقاطعة الأحزاب الرئيسية والادعاءات بالتزوير إلى التشكيك في شرعية الانتخابات وتقويض الثقة في العملية الديمقراطية.
أهمية الانتخابات في التاريخ اليوناني
تعتبر الانتخابات التشريعية عام 1935 نقطة تحول في التاريخ اليوناني. مهدت الطريق لعودة النظام الملكي وقيام نظام ديكتاتوري لاحقًا. كما كشفت عن هشاشة المؤسسات الديمقراطية في اليونان والانقسامات السياسية العميقة التي كانت تهدد استقرار البلاد.
تُظهر هذه الانتخابات كيف يمكن للأحداث السياسية أن تؤثر بشكل كبير على مستقبل الدول، وكيف أن المشاركة السياسية والشفافية والعدالة الانتخابية أمور حاسمة للحفاظ على الديمقراطية والاستقرار.
خاتمة
كانت الانتخابات التشريعية اليونانية عام 1935 حدثًا هامًا في تاريخ اليونان، حيث أسفرت عن فوز حزب الشعب ومقاطعة واسعة من قبل أحزاب أخرى. مهدت هذه الانتخابات الطريق لعودة النظام الملكي والاستبداد السياسي لاحقًا، مما يعكس حالة عدم الاستقرار السياسي والانقسامات العميقة في المجتمع اليوناني في ذلك الوقت.