نشأته وحياته قبل الحرب
ولد رومان فريستر في مدينة بييلسكو في بولندا، لعائلة يهودية ميسورة الحال. تلقى تعليماً جيداً وترعرع في بيئة ثقافية غنية. كان والده يعمل في مجال التجارة، وكانت والدته تهتم بتربية الأطفال وتدريسهم. قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية، كانت حياة فريستر حياة طبيعية لطفل يهودي في بولندا، مليئة بالدراسة واللعب والأحلام. لكن سرعان ما تغير كل شيء مع الغزو الألماني لبولندا عام 1939.
تجربة الهولوكوست
مع بداية الحرب، بدأت معاناة اليهود في بولندا. تم تجميعهم في أحياء يهودية (جيتوهات) وتقييد حريتهم. عانى رومان وعائلته من الجوع والخوف والتمييز. تم ترحيل العديد من أفراد عائلته إلى معسكرات الاعتقال والإبادة، حيث لقوا حتفهم. نجا رومان بأعجوبة من الموت عدة مرات، بفضل شجاعته وذكائه ومساعدة بعض الأشخاص الطيبين الذين خاطروا بحياتهم لإنقاذه.
“القبعة: ثمن الحياة” يروي تفاصيل هذه الفترة المروعة من حياة فريستر. يصف الكتاب كيف اضطر إلى الاختباء والتنكر والعيش بهويات مزيفة من أجل البقاء على قيد الحياة. يروي الكتاب أيضاً قصصاً مؤثرة عن الأشخاص الذين التقاهم خلال هذه الفترة، بعضهم ساعده والبعض الآخر خانه. الكتاب هو شهادة حية على وحشية الهولوكوست وقوة الروح الإنسانية في مواجهة الشر.
الهجرة إلى إسرائيل
بعد انتهاء الحرب، هاجر رومان فريستر إلى إسرائيل. كانت إسرائيل في ذلك الوقت دولة فتية تعاني من مشاكل اقتصادية واجتماعية كبيرة. ومع ذلك، وجد فريستر في إسرائيل وطناً جديداً ومكاناً لإعادة بناء حياته. عمل في عدة وظائف مختلفة قبل أن يبدأ مسيرته المهنية في الصحافة.
مسيرته الصحفية
بدأ رومان فريستر مسيرته الصحفية في صحيفة “هآرتس”، وهي واحدة من أهم الصحف في إسرائيل. عمل في الصحيفة لسنوات عديدة، وغطى العديد من الأحداث الهامة في إسرائيل والعالم. اشتهر فريستر بأسلوبه الكتابي المميز وقدرته على تحليل الأحداث السياسية والاجتماعية بعمق. كما اشتهر بمواقفه الجريئة وانتقاداته اللاذعة للظلم والفساد.
بالإضافة إلى عمله في “هآرتس”، كتب فريستر أيضاً في العديد من الصحف والمجلات الأخرى في إسرائيل وخارجها. كما شارك في العديد من البرامج التلفزيونية والإذاعية كمحلل سياسي. كان فريستر شخصية إعلامية بارزة في إسرائيل، وكان له تأثير كبير على الرأي العام.
أعماله الأدبية
بالإضافة إلى “القبعة: ثمن الحياة”، كتب رومان فريستر العديد من الكتب الأخرى، بما في ذلك:
- “لماذا؟” (لما؟): وهو كتاب يتناول قضية الهولوكوست من منظور فلسفي.
- “الكذبة” (الشيكر): وهي رواية تدور أحداثها في إسرائيل في فترة الخمسينيات.
- “الناجي الأخير” (ها-سوريد ها-أحارون): وهي مجموعة قصص قصيرة تتناول تجارب الناجين من الهولوكوست.
تُرجمت أعمال فريستر إلى العديد من اللغات، وحظيت بتقدير كبير من النقاد والقراء على حد سواء. تعتبر كتبه مساهمة هامة في الأدب الإسرائيلي والأدب العالمي.
جوائز وتكريمات
حصل رومان فريستر على العديد من الجوائز والتكريمات تقديراً لإسهاماته في الأدب والصحافة، بما في ذلك:
- جائزة سوكولوف للصحافة.
- جائزة إسرائيل للأدب.
- جائزة رئيس الوزراء للإبداع.
مواقفه السياسية
كان رومان فريستر معروفاً بمواقفه السياسية اليسارية. كان مؤيداً قوياً للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين، وانتقد بشدة سياسات الحكومة الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين. كما كان مدافعاً عن حقوق الإنسان والحريات المدنية.
عارض فريستر بشدة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، ودعا إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة. كما انتقد بشدة بناء المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وفاته وإرثه
توفي رومان فريستر في 9 فبراير 2015 عن عمر يناهز 87 عاماً. ترك وراءه إرثاً أدبياً وصحفياً هاماً. ستظل أعماله تذكرنا بمأساة الهولوكوست وأهمية الدفاع عن حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية.
يعتبر رومان فريستر واحداً من أهم الكتاب والصحفيين الإسرائيليين في القرن العشرين. كانت له مساهمة كبيرة في الأدب الإسرائيلي والصحافة الإسرائيلية. ستظل أعماله تلهم الأجيال القادمة.
خاتمة
كان رومان فريستر شخصية بارزة في الأدب والصحافة الإسرائيلية، اشتهر بسيرته الذاتية المؤثرة “القبعة: ثمن الحياة” التي وثقت تجربته المروعة خلال الهولوكوست. كما كان صحفياً جريئاً ومحللاً سياسياً عميقاً، مدافعاً عن السلام وحقوق الإنسان. ترك فريستر إرثاً هاماً سيظل يلهم الأجيال القادمة.