<![CDATA[
خلفية تاريخية
تعود جذور القومية البريتونية الحديثة إلى أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، عندما بدأت مجموعة من المثقفين والكتاب والناشطين في التأكيد على التراث الثقافي والتاريخي الفريد لبريتون. تأثرت هذه الحركة بالرومانسية القومية التي اجتاحت أوروبا في ذلك الوقت، فضلاً عن الشعور المتزايد بالتهميش والتجاهل من قبل الدولة الفرنسية المركزية. كانت اللغة البريتونية، وهي لغة سلتية وثيقة الصلة باللغة الويلزية والكورنية، قضية مركزية بالنسبة للقوميين البريتونيين، الذين سعوا إلى حمايتها وتعزيزها في مواجهة الضغط المتزايد من اللغة الفرنسية.
مع صعود الفاشية والأنظمة الاستبدادية الأخرى في أوروبا في الثلاثينيات من القرن الماضي، بدأت بعض الجماعات القومية البريتونية في النظر إلى ألمانيا النازية كحليف محتمل في صراعهم ضد فرنسا. كان هذا مدفوعًا جزئيًا برغبة في استغلال أي فرصة لإضعاف الدولة الفرنسية، فضلاً عن إعجاب حقيقي أو متصور بالنظام النازي ونجاحاته الظاهرة. ومع ذلك، من المهم ملاحظة أن القومية البريتونية كانت حركة متنوعة، وأن العديد من القوميين البريتونيين ظلوا ملتزمين بالديمقراطية ومعاداة الفاشية.
بريتونيا خلال الحرب العالمية الثانية
خلال الاحتلال الألماني لفرنسا في الحرب العالمية الثانية، انقسمت الحركة القومية البريتونية حول مسألة التعاون مع المحتلين. سعى بعض القوميين البريتونيين إلى التعاون مع الألمان على أمل الحصول على الحكم الذاتي أو الاستقلال لبريتون. وشمل ذلك إنشاء منظمات مثل “الحزب الوطني البريتوني” (Parti National Breton) الذي تعاون بشكل فعال مع الألمان، وشارك أعضاؤه في الدعاية والتجنيد لصالح القضية الألمانية. كان هؤلاء المتعاونون يعتقدون أن ألمانيا النازية ستقدم لهم الفرصة لتحقيق أهدافهم القومية التي طال أمدها.
في المقابل، انضم العديد من القوميين البريتونيين الآخرين إلى المقاومة الفرنسية، وقاتلوا ضد الاحتلال الألماني. كان هؤلاء القوميون يعتقدون أن النضال من أجل تحرير فرنسا كان ضروريًا أيضًا لحماية الثقافة والهوية البريتونية. وهكذا، لعب القوميون البريتونيون أدوارًا مختلفة خلال الحرب، حيث وقف البعض إلى جانب المحتل والبعض الآخر إلى جانب المقاومة.
أدى التعاون مع الألمان إلى تشويه سمعة الحركة القومية البريتونية بعد الحرب. تم اعتبار العديد من المتعاونين خونة، وتمت معاقبتهم بالسجن أو حتى الإعدام. أدى ذلك إلى تراجع كبير في دعم القومية البريتونية، واستغرق الأمر سنوات عديدة حتى تتعافى الحركة.
الشخصيات الرئيسية والمنظمات
- أوليهين لودن: شخصية بارزة في الحركة القومية البريتونية التي تعاونت مع الألمان خلال الحرب.
- الحزب الوطني البريتوني (Parti National Breton): منظمة قومية بريتونية تعاونت بشكل فعال مع الألمان.
- مجموعات المقاومة البريتونية: العديد من القوميين البريتونيين انضموا إلى مجموعات المقاومة الفرنسية لمحاربة الاحتلال الألماني.
تأثير الحرب على القومية البريتونية
كان للحرب العالمية الثانية تأثير عميق على الحركة القومية البريتونية. أدى التعاون مع الألمان إلى تشويه سمعة الحركة، وفقدت الكثير من الدعم الشعبي. ومع ذلك، نجت القومية البريتونية، وفي العقود التي تلت الحرب، ظهرت من جديد كقوة سياسية وثقافية. اليوم، لا تزال الحركة القومية البريتونية نشطة، وتسعى إلى الاعتراف بالهوية البريتونية وتعزيزها.
بعد الحرب، واجه القوميون البريتونيون تحديات كبيرة. كان عليهم التغلب على وصمة العار المتمثلة في التعاون مع الألمان، وإعادة بناء الحركة من الصفر. ومع ذلك، تمكنوا من القيام بذلك، وفي العقود التي تلت الحرب، شهدت القومية البريتونية نهضة. اليوم، هناك العديد من المنظمات القومية البريتونية النشطة، وتسعى إلى مجموعة متنوعة من الأهداف، بما في ذلك الحكم الذاتي، والاستقلال، وحماية اللغة والثقافة البريتونية.
تظل مسألة التعاون خلال الحرب قضية حساسة بالنسبة للقوميين البريتونيين. يجادل البعض بأنه كان خطأ تكتيكيًا فادحًا أضر بالحركة بشكل دائم. ويقول آخرون إنه كان خيارًا ضروريًا في ذلك الوقت، وأن القوميين البريتونيين لم يكن لديهم خيار سوى التعاون مع الألمان إذا كانوا يأملون في تحقيق أهدافهم.
القضايا المعاصرة
في السنوات الأخيرة، ركزت الحركة القومية البريتونية بشكل متزايد على القضايا الثقافية واللغوية. هناك قلق متزايد بشأن تراجع اللغة البريتونية، وهناك جهود لتعزيز استخدامها في التعليم والإعلام والحياة العامة. بالإضافة إلى ذلك، هناك اهتمام متزايد بالثقافة البريتونية، وهناك جهود للحفاظ على الموسيقى والرقص والفنون التقليدية وتعزيزها.
على الرغم من أن القومية البريتونية قد تضاءلت كحركة سياسية رئيسية، إلا أنها لا تزال قوة مهمة في بريتونيا. إنها تعكس استمرار الالتزام بالهوية والثقافة البريتونية، وتسعى إلى ضمان بقاء بريتونيا مكانًا فريدًا ومميزًا في أوروبا.
خاتمة
تُظهر العلاقة بين القومية البريتونية والحرب العالمية الثانية تعقيد الحركات القومية خلال فترات الصراع. بينما سعى البعض إلى التعاون لتحقيق أهدافهم، قاوم آخرون. أثرت الحرب بشكل كبير على الحركة القومية البريتونية، لكنها نجت واستمرت في التأثير على السياسة والثقافة في بريتونيا.