مقدمة
تان جياجين (بالصينية: 谭家桢; بينيين: Tán Jiāzhēn)، والمعروف أيضًا باسم سي. سي. تان (C. C. Tan)، وُلد في 15 سبتمبر 1909 وتوفي في 1 نوفمبر 2008، كان عالم وراثة صينيًا بارزًا. شغل منصب أكاديمي في الأكاديمية الصينية للعلوم، مما يعكس مكانته الرفيعة في المجتمع العلمي الصيني. اشتهر تان جياجين بأبحاثه الرائدة في علم الوراثة، وخاصةً تلك المتعلقة بذباب الفاكهة (الدروسوفيلا). ساهمت أعماله بشكل كبير في فهمنا للتنوع الوراثي والتطور.
الحياة المبكرة والتعليم
وُلد تان جياجين في مقاطعة تشجيانغ الصينية. أظهر شغفًا مبكرًا بالعلوم، مما دفعه لمتابعة دراسته في هذا المجال. التحق بجامعة سوتشو، حيث درس علم الأحياء وحصل على درجة البكالوريوس. لم يكتفِ بذلك، بل سعى لمواصلة تعليمه في الولايات المتحدة، حيث التحق بجامعة كاليفورنيا للتكنولوجيا (Caltech)، وهي واحدة من أبرز المؤسسات العلمية في العالم. هناك، درس علم الوراثة تحت إشراف العالم الشهير توماس هنت مورغان، الحائز على جائزة نوبل في علم وظائف الأعضاء أو الطب. حصل تان جياجين على درجة الدكتوراه من جامعة كاليفورنيا للتكنولوجيا، مما أهله لبدء مسيرته المهنية كعالم وراثة.
العودة إلى الصين والمساهمات العلمية
بعد إكمال دراسته في الولايات المتحدة، عاد تان جياجين إلى الصين في عام 1937، في فترة كانت البلاد تشهد اضطرابات سياسية واجتماعية. ومع ذلك، لم تثنِه هذه الظروف عن مواصلة أبحاثه العلمية. انضم إلى جامعة تشجيانغ، حيث أسس قسمًا لعلم الوراثة، وكان له دور فعال في تدريس وتدريب جيل جديد من علماء الوراثة الصينيين. خلال هذه الفترة، ركز تان جياجين على دراسة التنوع الوراثي في ذباب الفاكهة، واستخدم هذه الكائنات النموذجية لاستكشاف الآليات الوراثية التي تتحكم في التطور والتكيف.
من أبرز إنجازات تان جياجين اكتشافه لظاهرة “التغاير الموضعي” في ذباب الفاكهة. هذه الظاهرة تشير إلى الاختلافات الوراثية التي تحدث في مواقع محددة على الكروموسومات، ويمكن أن تؤثر على الصفات الظاهرية للكائن الحي. ساهم هذا الاكتشاف في فهمنا للتنوع الوراثي وكيف يمكن أن يؤدي إلى التكيف مع البيئات المختلفة. بالإضافة إلى ذلك، قام تان جياجين بدراسة تأثير العوامل البيئية على التعبير الجيني، مما ساهم في تطوير مجال علم التخلق (Epigenetics).
خلال فترة الثورة الثقافية في الصين، واجه تان جياجين صعوبات وتحديات كبيرة. تم انتقاده بسبب خلفيته التعليمية الغربية وأفكاره العلمية، وتم إجباره على التوقف عن أبحاثه لفترة من الزمن. ومع ذلك، لم يفقد تان جياجين شغفه بالعلوم، وبعد انتهاء الثورة الثقافية، استأنف أبحاثه ومساهماته في مجال علم الوراثة.
الإرث والتأثير
ترك تان جياجين إرثًا علميًا غنيًا، وأثر بشكل كبير على تطور علم الوراثة في الصين. كان له دور فعال في تدريب العديد من علماء الوراثة البارزين، وساهم في تأسيس العديد من المؤسسات البحثية والعلمية. حصل تان جياجين على العديد من الجوائز والأوسمة تقديرًا لإنجازاته العلمية، بما في ذلك جائزة الدولة للعلوم والتكنولوجيا، وهي أعلى جائزة علمية في الصين.
بالإضافة إلى مساهماته العلمية، كان تان جياجين أيضًا مدافعًا قويًا عن أهمية التعليم والبحث العلمي في تطوير المجتمع. كان يؤمن بأن العلم يمكن أن يلعب دورًا حاسمًا في حل المشكلات الاجتماعية والاقتصادية، وتحسين حياة الناس. لقد ألهمت حياته وعمله أجيالًا من العلماء والباحثين في الصين وخارجها.
أعماله الرئيسية
- “التنوع الوراثي في ذباب الفاكهة”: سلسلة من الأبحاث التي استكشفت التنوع الوراثي في مجموعات مختلفة من ذباب الفاكهة، وكيف يمكن أن يؤدي هذا التنوع إلى التكيف مع البيئات المختلفة.
- “التغاير الموضعي في ذباب الفاكهة”: اكتشاف ظاهرة التغاير الموضعي، التي تشير إلى الاختلافات الوراثية التي تحدث في مواقع محددة على الكروموسومات.
- “تأثير العوامل البيئية على التعبير الجيني”: دراسة تأثير العوامل البيئية على التعبير الجيني، مما ساهم في تطوير مجال علم التخلق.
- “علم الوراثة والإنسان”: كتاب يهدف إلى تبسيط مفاهيم علم الوراثة للجمهور العام، وشرح كيف يمكن أن يؤثر علم الوراثة على صحة الإنسان ورفاهيته.
المناصب الأكاديمية والإدارية
- أستاذ في جامعة تشجيانغ.
- رئيس قسم علم الوراثة في جامعة تشجيانغ.
- أكاديمي في الأكاديمية الصينية للعلوم.
- رئيس الجمعية الصينية لعلم الوراثة.
الجوائز والتكريمات
- جائزة الدولة للعلوم والتكنولوجيا.
- جائزة هو ليانغ هو للتقدم العلمي والتكنولوجي.
- عضو فخري في الأكاديمية الوطنية للعلوم في الولايات المتحدة.
الحياة الشخصية
كان تان جياجين متزوجًا ولديه أطفال. كان معروفًا بتفانيه في عمله وتواضعه. كان يحظى باحترام وتقدير زملائه وطلابه.
خاتمة
كان تان جياجين عالم وراثة صينيًا بارزًا، ترك بصمة واضحة في مجال علم الوراثة. ساهمت أبحاثه في فهمنا للتنوع الوراثي والتطور، وكان له دور فعال في تدريب جيل جديد من علماء الوراثة الصينيين. لقد ألهمت حياته وعمله أجيالًا من العلماء والباحثين، وسيظل إرثه العلمي حيًا للأجيال القادمة.