مقدمة
جيمس سترونج (14 أغسطس 1822 – 7 أغسطس 1894) كان أكاديميًا أمريكيًا وباحثًا في الكتاب المقدس وعالمًا لغويًا ولاهوتيًا ميثوديًا. اشتهر بعمله الرائد “قاموس سترونج الشامل” (Strong’s Exhaustive Concordance of the Bible)، وهو فهرس أبجدي شامل لكل كلمة في الكتاب المقدس باللغة الإنجليزية، مع الإشارة إلى الكلمات الأصلية العبرية واليونانية وتعريفاتها.
نشأته وتعليمه
ولد جيمس سترونج في مدينة نيويورك في 14 أغسطس 1822. تلقى تعليمه في مدارس نيويورك، وتخرج من جامعة ويسليان عام 1844. بعد تخرجه، عمل كمعلم لعدة سنوات، ثم انخرط في الأعمال التجارية.
على الرغم من انشغاله بالأعمال التجارية، ظل سترونج مهتمًا بالدراسات الكتابية. بدأ في دراسة اللغات الكتابية، العبرية واليونانية، وأصبح بارعًا فيهما. في عام 1856، ترك الأعمال التجارية وتفرغ للدراسة والبحث الكتابي.
حياته المهنية الأكاديمية
في عام 1858، عُين سترونج أستاذًا للأدب الكتابي في المعهد اللاهوتي في تروي، نيويورك. شغل هذا المنصب حتى عام 1861. في عام 1868، عُين أستاذًا للاهوت التأويلي في جامعة درو، وهو المنصب الذي شغله حتى عام 1893. خلال فترة وجوده في جامعة درو، قام سترونج بتدريس العديد من الطلاب الذين أصبحوا قادة في الكنيسة الميثودية.
قاموس سترونج الشامل
يُعد “قاموس سترونج الشامل للكتاب المقدس” العمل الأكثر شهرة لجيمس سترونج. بدأ سترونج العمل على هذا القاموس في عام 1852، واستغرق إكماله أكثر من 30 عامًا. نُشر القاموس لأول مرة في عام 1890، وسرعان ما أصبح مرجعًا قياسيًا للباحثين وطلاب الكتاب المقدس.
ما يميز قاموس سترونج:
- الشمولية: يشتمل القاموس على كل كلمة في الكتاب المقدس باللغة الإنجليزية، بالإضافة إلى الكلمات الأصلية العبرية واليونانية.
- الترقيم: يوفر القاموس نظام ترقيم فريدًا لكل كلمة عبرية ويونانية، مما يسهل على المستخدمين العثور على الكلمات الأصلية ومعانيها.
- التعريفات: يقدم القاموس تعريفات دقيقة وموجزة للكلمات العبرية واليونانية، بالإضافة إلى معلومات حول استخدامها في الكتاب المقدس.
- الفهرسة: يوفر القاموس فهرسة شاملة للكلمات الإنجليزية، مما يسهل على المستخدمين العثور على الكلمات العبرية واليونانية المقابلة.
لقد كان لقاموس سترونج تأثير كبير على دراسة الكتاب المقدس. فقد جعل من السهل على الباحثين وطلاب الكتاب المقدس الوصول إلى الكلمات الأصلية ومعانيها. كما ساعد في توحيد المصطلحات المستخدمة في دراسة الكتاب المقدس.
لا يزال قاموس سترونج مستخدمًا على نطاق واسع اليوم، وهو متاح في العديد من الإصدارات المختلفة، بما في ذلك الإصدارات المطبوعة والإلكترونية. وقد تُرجم القاموس إلى العديد من اللغات المختلفة.
أعمال أخرى
بالإضافة إلى “قاموس سترونج الشامل”، كتب جيمس سترونج العديد من الكتب والمقالات الأخرى حول الكتاب المقدس واللاهوت. تشمل بعض أعماله البارزة:
- “الوقت المناسب أم الكتاب المقدس” (1857)
- “الهارموني اليوناني للإنجيل” (1854)
- “علم اللاهوت المنهجي” (1886)
- “مدخل إلى الدراسات الكتابية” (1893)
تُظهر هذه الأعمال اهتمام سترونج العميق بالكتاب المقدس ورغبته في جعله في متناول الجميع.
لاهوته
كان جيمس سترونج لاهوتيًا ميثوديًا محافظًا. كان يؤمن بسلطة الكتاب المقدس وعصمته، وأكد على أهمية الخلاص بالإيمان بيسوع المسيح. كان سترونج أيضًا مدافعًا قويًا عن التعليم المسيحي، وكان يعتقد أن المسيحيين يجب أن يكونوا على دراية جيدة بالكتاب المقدس واللاهوت.
آمن سترونج بأن الكتاب المقدس هو كلمة الله الموحى بها، وأنه يجب تفسيره حرفيًا قدر الإمكان. ومع ذلك، اعترف أيضًا بأن الكتاب المقدس يحتوي على بعض المقاطع التي يصعب فهمها، وأنه من الضروري استخدام العقل والمنطق في تفسير الكتاب المقدس.
كان سترونج أيضًا مؤمنًا قويًا بالخلاص بالإيمان بيسوع المسيح. كان يعتقد أن جميع الناس خطاة، وأن الطريقة الوحيدة للخلاص هي بالإيمان بيسوع المسيح والتوبة عن خطاياهم. وشدد سترونج على أهمية العمل الجاد والعيش حياة مقدسة، لكنه أكد أيضًا أن الخلاص هو نعمة مجانية من الله، ولا يمكن الحصول عليها بالأعمال.
وفاته وإرثه
توفي جيمس سترونج في 7 أغسطس 1894 في مدينة نيويورك، عن عمر يناهز 71 عامًا. لقد ترك وراءه إرثًا دائمًا كواحد من أبرز علماء الكتاب المقدس في عصره. لا يزال “قاموس سترونج الشامل للكتاب المقدس” مرجعًا قياسيًا للباحثين وطلاب الكتاب المقدس في جميع أنحاء العالم.
تُظهر حياة جيمس سترونج وتفانيه في دراسة الكتاب المقدس التأثير الكبير الذي يمكن أن يحدثه شخص واحد من خلال عمله الجاد وتفانيه. إن مساهمته في فهم الكتاب المقدس سيستمر في إلهام وتعليم الأجيال القادمة.
تأثير قاموس سترونج على دراسة الكتاب المقدس الحديثة
لا يزال قاموس سترونج يُعد أداة أساسية لدراسة الكتاب المقدس في العصر الحديث، وذلك لعدة أسباب:
- إمكانية الوصول: يجعل من السهل على أي شخص، بغض النظر عن معرفته باللغات الكتابية القديمة، الوصول إلى المعاني الأصلية للكلمات الكتابية.
- الدقة: يوفر تعريفات دقيقة وموثوقة للكلمات العبرية واليونانية المستخدمة في الكتاب المقدس.
- الشمولية: يغطي كل كلمة في الكتاب المقدس، مما يجعله مرجعًا كاملاً.
- التوحيد القياسي: يوفر نظام ترقيم موحدًا للكلمات الكتابية، مما يسهل الرجوع إليها ومقارنتها عبر النصوص المختلفة.
نتيجة لذلك، فقد أثر قاموس سترونج بشكل كبير على دراسة الكتاب المقدس في مجالات مثل:
- التفسير الكتابي: يساعد الباحثين على فهم المعنى الأصلي للنص الكتابي.
- الترجمة الكتابية: يوفر أساسًا متينًا لترجمة الكتاب المقدس إلى لغات مختلفة.
- الدراسة الشخصية: يمكّن الأفراد من دراسة الكتاب المقدس بعمق وفهم أعمق.
- التعليم الديني: يستخدم على نطاق واسع في المدارس اللاهوتية والكليات والجامعات.
إن إرث جيمس سترونج كعالم كتابي ومؤلف قاموس سترونج سيستمر في التأثير على دراسة الكتاب المقدس للأجيال القادمة.
خاتمة
كان جيمس سترونج عالمًا وباحثًا لغويًا ولاهوتيًا ميثوديًا أمريكيًا بارزًا، اشتهر بعمله الرائد “قاموس سترونج الشامل للكتاب المقدس”. لقد كان لقاموسه تأثير كبير على دراسة الكتاب المقدس، حيث جعل من السهل على الباحثين وطلاب الكتاب المقدس الوصول إلى الكلمات الأصلية ومعانيها. بالإضافة إلى قاموسه، كتب سترونج العديد من الكتب والمقالات الأخرى حول الكتاب المقدس واللاهوت. لقد ترك وراءه إرثًا دائمًا كواحد من أبرز علماء الكتاب المقدس في عصره.