خلفية الكتاب
في عام 1947، اكتشفت فيرجينيا أكسلاين العلاج غير الموجه باللعب، وهو نهج علاجي يركز على إعطاء الطفل حرية كاملة للتعبير عن نفسه من خلال اللعب. أدركت أكسلاين أن اللعب يوفر للأطفال وسيلة للتعبير عن مشاعرهم و تجاربهم التي يصعب عليهم التعبير عنها بالكلمات. وقد أتاح لها ذلك فرصة لرؤية العالم من وجهة نظر الطفل، وفهم الصعوبات التي يواجهها. من خلال هذا النهج، قامت أكسلاين بتأسيس عيادة للعلاج باللعب في أوستن، تكساس. كان الكتاب بمثابة توثيق لرحلة علاجية حقيقية مع طفل، ويهدف إلى توضيح قوة العلاج باللعب كأداة فعالة لمساعدة الأطفال على النمو والتغلب على المشاكل النفسية.
ملخص القصة
يبدأ الكتاب بتقديم ديبس، وهو طفل صغير يظهر علامات على الانسحاب والانعزال. يصفه والداه بأنه “طفل مشكلة”، يعاني من صعوبات في التفاعل مع الآخرين، ويظهر سلوكيات عدوانية. يعتقد والدا ديبس، اللذان يظهران في الكتاب أيضًا، أنه مصاب ببعض الإعاقات العقلية. يتم تحديد موعد لديبس مع أكسلاين، التي تبدأ معه سلسلة من جلسات العلاج باللعب. خلال هذه الجلسات، يُمنح ديبس مساحة آمنة للتعبير عن مشاعره وأفكاره بحرية، باستخدام اللعب كلغته الرئيسية. تسمح أكسلاين لديبس بقيادة الجلسات، وتوفر له الدعم والتوجيه، دون محاولة التأثير على سلوكه أو أفكاره.
مع تقدم العلاج، يبدأ ديبس في الانفتاح. يبدأ في التعبير عن مشاعره من خلال اللعب، سواء كانت مشاعر الحب، الخوف، الغضب، أو الحزن. يمثل اللعب بالنسبة لديبس وسيلة لتكرار تجاربه الحياتية، وتعديلها، وفهمها. يكشف ديبس تدريجياً عن عالمه الداخلي، بما في ذلك صراعاته مع والديه، وشعوره بالوحدة، ورغباته في الحب والقبول. ومن خلال هذه العملية، يتعلم ديبس كيفية التعامل مع مشاعره، وتطوير تقدير أفضل لذاته.
تكشف الجلسات عن سلسلة من المشاكل التي يعاني منها ديبس، بما في ذلك مشاعر الإهمال، والرفض، والخوف من الفشل. من خلال اللعب، يواجه ديبس هذه المشاعر مباشرة، ويتعلم كيفية التعامل معها. على سبيل المثال، في إحدى الجلسات، يلعب ديبس دور الطفل المهمل، ويستخدم الدمى لتمثيل أسرته. من خلال هذا اللعب، يعبر عن مشاعره تجاه والديه، ويحاول فهم سلوكياتهم. في جلسة أخرى، يلعب ديبس لعبة تتضمن تحدياً، ويمثل فيه نفسه وهو يحاول تحقيق هدف معين. من خلال هذه اللعبة، يواجه ديبس خوفه من الفشل، ويتعلم كيفية المثابرة والتغلب على العقبات.
العلاج باللعب كأداة
يوضح الكتاب كيف يمكن للعلاج باللعب أن يكون أداة قوية للأطفال الذين يواجهون صعوبات عاطفية. يركز العلاج باللعب على إنشاء بيئة آمنة وغير قضائية، حيث يمكن للطفل أن يعبر عن نفسه بحرية. يتيح هذا النهج للطفل أن يكتشف عالمه الداخلي، ويعالج مشاعره، ويكتسب فهماً أفضل لذاته. من خلال العلاج باللعب، يمكن للأطفال تعلم كيفية التعامل مع مشاعرهم، وتطوير مهارات التأقلم، وتحسين علاقاتهم مع الآخرين.
تؤكد أكسلاين على أهمية احترام عالم الطفل الداخلي. تشير إلى أن الأطفال لديهم القدرة على الشفاء والنمو، بشرط أن يتم توفير البيئة المناسبة لهم. يركز دور المعالج على توفير الدعم، والتوجيه، والتشجيع، بدلاً من محاولة تغيير الطفل أو التأثير عليه.
تأثير الكتاب
أحدث كتاب “ديبس في البحث عن الذات” تأثيراً كبيراً في مجال علم النفس، وخاصة في مجال العلاج باللعب. ساعد الكتاب على زيادة الوعي بأهمية العلاج باللعب كأداة فعالة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من مشاكل عاطفية وسلوكية. ألهم الكتاب العديد من الأخصائيين النفسيين والتربويين، وشجعهم على استخدام العلاج باللعب في عملهم. أدى الكتاب إلى نشر استخدام العلاج باللعب في المدارس، والعيادات، والمستشفيات، وغيرها من المؤسسات التي تعمل مع الأطفال. كما ساعد الكتاب على تغيير وجهات نظر الآباء والمعلمين حول سلوك الأطفال، وتشجيعهم على فهم مشاعرهم واحتياجاتهم بشكل أفضل.
بالإضافة إلى ذلك، فقد ألهم الكتاب العديد من الأعمال الأدبية والفنية، بما في ذلك الأفلام، والمسرحيات، والقصص. وقد ساعد الكتاب على نشر الرسالة القائلة بأن الأطفال يستحقون الحب والاهتمام والدعم، وأنهم قادرون على النمو والتغيير، حتى في مواجهة الصعوبات الكبيرة. يمثل الكتاب أيضاً دعوة إلى فهم أعمق للعلاقة بين الطفل والعالم، وتأكيداً على أهمية الاستماع إلى الأطفال وتوفير مساحة آمنة لهم للتعبير عن أنفسهم.
الدروس المستفادة
يقدم الكتاب العديد من الدروس القيمة للقراء. من بين هذه الدروس:
- أهمية العلاج باللعب: يوضح الكتاب قوة العلاج باللعب في مساعدة الأطفال على التعبير عن مشاعرهم، وفهم أنفسهم، والتغلب على المشاكل العاطفية.
- احترام عالم الطفل: يؤكد الكتاب على أهمية احترام مشاعر الأطفال وأفكارهم، وتوفير بيئة آمنة وغير قضائية لهم للتعبير عن أنفسهم.
- قوة الحب والقبول: يوضح الكتاب أهمية الحب والقبول في مساعدة الأطفال على النمو والتغيير.
- أهمية التواصل: يؤكد الكتاب على أهمية التواصل الفعال بين الأطفال والبالغين، وكيف يمكن أن يساعد هذا التواصل في بناء علاقات صحية.
- قدرة الأطفال على الشفاء: يوضح الكتاب قدرة الأطفال على الشفاء والتغلب على الصعوبات، بشرط توفير البيئة المناسبة لهم.
خاتمة
يعتبر كتاب “ديبس في البحث عن الذات” عملاً كلاسيكياً في مجال علم النفس، يقدم نظرة ثاقبة على عالم الأطفال وعملية العلاج. من خلال قصة ديبس، يوضح الكتاب قوة العلاج باللعب في مساعدة الأطفال على فهم مشاعرهم، والتعبير عنها، وتحقيق التغيير الإيجابي. يمثل الكتاب دعوة إلى فهم أعمق للعلاقات بين الأطفال والبالغين، ويوفر رؤى قيمة للآباء، والمعلمين، والأخصائيين النفسيين، وكل من يهتم برفاهية الأطفال. الكتاب هو شهادة على قدرة الإنسان على التغلب على الشدائد، وإيجاد الأمل والشفاء في أشد الظروف صعوبة.