التأسيس والسنوات الأولى
بدأت فكرة تأسيس نادي فالنسيا في أوائل عام 1919، عندما اجتمع مجموعة من الشباب المتحمسين لكرة القدم في مقهى “بار تورينغ” في ساحة بومبا. كان الهدف هو إنشاء فريق يمثل مدينة فالنسيا في مسابقات كرة القدم. قاد هذه المجموعة أوكتافيو أوغوستو ميليغو دياز، الذي أصبح فيما بعد أول رئيس للنادي. تم اختيار اسم “فالنسيا” ليعكس هوية المدينة، وتم تحديد ألوان الفريق بالأبيض والأسود في البداية، قبل أن يتم تغييرها إلى الألوان الحالية، وهي الأبيض والأسود والأبيض.
خاض نادي فالنسيا أول مباراة ودية له في مايو 1919، وفاز بها على فريق نادي خيمناستيك. بعد ذلك، انضم الفريق إلى اتحاد فالنسيا لكرة القدم، وبدأ بالمشاركة في البطولات المحلية. في السنوات الأولى، كان النادي يعاني من صعوبات مالية، ولكن بفضل دعم المشجعين والمسؤولين، تمكن من البقاء والاستمرار في المنافسة.
الصعود إلى القمة (1920-1940)
بدأ نادي فالنسيا في تحقيق النجاحات في عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين. فاز الفريق ببطولة دوري فالنسيا عدة مرات، وبدأ في الظهور على الساحة الوطنية. في عام 1929، تأسست الدوري الإسباني لكرة القدم (La Liga)، وانضم فالنسيا إلى الدرجة الثانية. في عام 1931، صعد الفريق إلى الدرجة الأولى، وبدأ في منافسة الفرق الكبرى في إسبانيا.
في ثلاثينيات القرن العشرين، بدأ نادي فالنسيا في بناء فريق قوي يعتمد على اللاعبين المحليين والمواهب الشابة. فاز الفريق بكأس إسبانيا في عام 1941، وبدأ في التنافس على لقب الدوري الإسباني. كان المدرب المجري، إيمري بونشيك، له دور كبير في تطوير الفريق وتحقيق النجاحات في تلك الفترة. بونشيك، الذي تولى تدريب الفريق في عام 1933، عمل على غرس ثقافة الفوز والانضباط في الفريق، مما ساهم في صعود فالنسيا إلى مصاف الأندية الكبرى.
فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية (1940-1970)
شهدت فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية ازدهارًا كبيرًا لنادي فالنسيا. فاز الفريق بلقب الدوري الإسباني ثلاث مرات في أعوام 1942 و1944 و1947، بالإضافة إلى فوزه بكأس إسبانيا مرتين. كان الفريق يضم لاعبين بارزين مثل مونشو، إيدموندو سواريز، وأسيسيو. في هذه الفترة، أصبح ملعب ميستايا، الذي تم افتتاحه في عام 1923، معقلًا للفريق ومصدرًا لإلهام الجماهير.
في الخمسينيات والستينيات، حافظ فالنسيا على مستواه المرتفع، وشارك في العديد من البطولات الأوروبية. فاز الفريق بكأس المعارض الأوروبية مرتين في عامي 1962 و1963، وأصبح واحدًا من أبرز الفرق في القارة الأوروبية. شهدت هذه الفترة أيضًا تألق لاعبين مثل باكو أريو، وكايتانو ري، ومارسال.
السنوات الصعبة (1970-1980)
شهدت فترة السبعينيات بعض التراجع في مستوى نادي فالنسيا. على الرغم من وجود بعض اللاعبين المميزين، مثل ماريو كيمبس، إلا أن الفريق لم يتمكن من الفوز بأي ألقاب كبيرة. عانى الفريق من مشاكل مالية وإدارية، مما أثر على أدائه في الملعب. في عام 1979، وصل فالنسيا إلى نهائي كأس السوبر الأوروبي، لكنه خسر أمام نادي نوتنغهام فورست.
شهدت هذه الفترة أيضًا بناء ملعب جديد، وهو ملعب ميستايا الجديد، الذي تم افتتاحه في عام 1970. كان الملعب الجديد أكبر وأكثر حداثة من الملعب القديم، ولكنه لم يتمكن من إعادة الفريق إلى القمة في تلك الفترة.
العودة إلى القمة (1980-2000)
بدأ نادي فالنسيا في استعادة قوته في الثمانينيات. فاز الفريق بكأس الملك في عام 1979-1980، وفاز بلقب الدوري الإسباني في موسم 2001-2002. كان المدرب الإسباني لويس أراجونيس له دور كبير في هذا التطور، حيث عمل على بناء فريق قوي يعتمد على اللاعبين المحليين والمواهب الشابة.
في التسعينيات، شارك فالنسيا بانتظام في دوري أبطال أوروبا، ووصل إلى النهائي في عام 2000، لكنه خسر أمام ريال مدريد. كان الفريق يضم لاعبين بارزين مثل فرناندو مورينتس، ودايفيد ألبليدا، وروبرتو أيالا. في هذه الفترة، استعاد الفريق هويته كأحد أفضل الأندية في أوروبا.
العصر الحديث (2000-حتى الآن)
شهد العقد الأول من القرن الحادي والعشرين فترة ذهبية لنادي فالنسيا. فاز الفريق بلقب الدوري الإسباني مرتين في عامي 2002 و2004، بالإضافة إلى فوزه بكأس الاتحاد الأوروبي في عام 2004. كان المدرب الإسباني رافائيل بينيتيز له دور كبير في هذه النجاحات، حيث عمل على بناء فريق يعتمد على التكتيك والروح القتالية.
في السنوات الأخيرة، عانى فالنسيا من بعض المشاكل المالية، مما أثر على أدائه في الملعب. على الرغم من ذلك، استمر الفريق في المشاركة في البطولات الأوروبية، وحقق بعض النجاحات. في عام 2019، فاز الفريق بكأس الملك، مما أضاف لقبًا جديدًا إلى سجل النادي.
واليوم، يواصل نادي فالنسيا مسيرته في عالم كرة القدم، ويعمل على استعادة مكانته كأحد أفضل الأندية في إسبانيا وأوروبا. يمتلك النادي تاريخًا عريقًا وجماهيرية كبيرة، مما يجعله قوة لا يستهان بها في عالم كرة القدم.
خاتمة
نادي فالنسيا هو رمز لكرة القدم الإسبانية، بتاريخه الغني بالإنجازات، وبجماهيره الوفية. من التأسيس المتواضع إلى النجاحات الأوروبية، مر النادي بفترات صعود وهبوط، لكنه دائمًا ما كان يمثل فخرًا لمدينة فالنسيا. يواصل النادي العمل على استعادة أمجاده، والحفاظ على إرثه العريق في عالم كرة القدم.