<![CDATA[
مقدمة
كان مشروع تطوير سانت توماس (St. Thomas Development) مشروعًا سكنيًا سيئ السمعة يقع في نيو أورلينز، لويزيانا. يقع المشروع جنوب المدينة الوسطى في المنطقة المعروفة سابقًا باسم “الساحة الخلفية” لمدينة نيو أورلينز. تم بناؤه في عام 1937 كجزء من برنامج الإسكان العام الفيدرالي الذي بدأ خلال فترة الكساد الكبير. كان الهدف منه توفير مساكن ميسورة التكلفة للعائلات ذات الدخل المنخفض، وخاصة العمال الأفارقة الأمريكيين.
على مر السنين، تحول مشروع سانت توماس من مجتمع مزدهر إلى بؤرة للجريمة والعنف والفقر. أصبحت الظروف المعيشية غير صحية وغير آمنة، وأصبح المشروع مرادفًا لليأس والإهمال. في التسعينيات، تم هدم مشروع سانت توماس كجزء من خطة مثيرة للجدل لإعادة تطوير المنطقة وبناء مساكن ذات دخل مختلط.
تاريخ تطوير سانت توماس
في ثلاثينيات القرن الماضي، خلال فترة الكساد الكبير، سعت الحكومة الفيدرالية إلى توفير الإغاثة وتحسين الظروف المعيشية للأمريكيين المحتاجين. كان قانون الإسكان لعام 1937 قانونًا تاريخيًا أنشأ سلطات الإسكان المحلية وخصص أموالًا لبناء المساكن العامة. تم تصميم مشاريع الإسكان هذه لتوفير مساكن آمنة وصحية للعائلات ذات الدخل المنخفض، مع إزالة الأحياء الفقيرة وتحسين الصحة العامة.
تم تصور مشروع سانت توماس كمجتمع مكتفٍ ذاتيًا مع الشقق والمنازل والمساحات الخضراء والمرافق المجتمعية. تم تصميمه على غرار مشاريع الإسكان الأخرى التي تم بناؤها في جميع أنحاء البلاد، مع التركيز على توفير مساكن لائقة وبأسعار معقولة للعائلات المحتاجة. تم تخصيص المشروع في البداية للعاملين البيض ذوي الدخل المنخفض، لكنه سرعان ما أصبح يسكنه في الغالب الأفارقة الأمريكيون بسبب الفصل العنصري الذي كان سائداً في ذلك الوقت.
في السنوات الأولى، كان مشروع سانت توماس مجتمعًا نابضًا بالحياة ومتماسكًا. كان لدى السكان شعور بالفخر والانتماء، وشكلوا جمعيات الأحياء وشاركوا في الأنشطة المجتمعية. تم الحفاظ على المشروع جيدًا، وكانت المساحات الخضراء مورقة، وكانت الجريمة منخفضة نسبيًا. ومع ذلك، مع مرور الوقت، بدأت المشاكل في الظهور.
تدهور المشروع
ساهمت عدة عوامل في تدهور مشروع سانت توماس. أحد العوامل الرئيسية كان نقص التمويل والصيانة. مع مرور الوقت، تضاءلت الأموال المخصصة للإسكان العام، وأصبح مشروع سانت توماس يعاني من الإهمال. بدأت الشقق تتدهور، وتدهورت البنية التحتية، وأصبحت المساحات الخضراء مهجورة.
عامل آخر كان تركيز الفقر والجريمة. مع تدهور المشروع، بدأ يجذب المزيد والمزيد من العائلات ذات الدخل المنخفض والأفراد الذين يواجهون صعوبات اقتصادية. أدى تركيز الفقر هذا إلى تفاقم المشاكل الاجتماعية القائمة، مثل البطالة وتعاطي المخدرات والعنف. أصبح مشروع سانت توماس بؤرة للجريمة، حيث تعاني المنطقة من معدلات قتل مرتفعة وجرائم عنف أخرى.
بالإضافة إلى ذلك، أثرت سياسات الإسكان التمييزية على مشروع سانت توماس. في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، سنت الحكومة الفيدرالية سياسات تهدف إلى دمج الأحياء السكنية. ومع ذلك، في الممارسة العملية، غالبًا ما أدت هذه السياسات إلى هجرة البيض من الأحياء المتكاملة، مما أدى إلى مزيد من تركيز الفقر والعزل العنصري في مشاريع الإسكان مثل سانت توماس.
نتيجة لهذه العوامل، تدهورت الظروف المعيشية في مشروع سانت توماس بشكل كبير. أصبحت الشقق مكتظة وغير صحية، وتفشى العنف، وأصبح المشروع مرادفًا لليأس والإهمال. واجه السكان عددًا لا يحصى من التحديات، بما في ذلك الفقر والجريمة والمدارس الضعيفة والوصول المحدود إلى الرعاية الصحية والفرص.
الهدم وإعادة التطوير
بحلول التسعينيات، أصبح مشروع سانت توماس رمزًا لمشاكل الإسكان العام في أمريكا. واجهت المدينة ضغوطًا متزايدة لمعالجة المشكلات المتجذرة في المشروع وتحسين الظروف المعيشية للسكان. في عام 1998، اتخذت مدينة نيو أورلينز قرارًا مثيرًا للجدل بهدم مشروع سانت توماس وإعادة تطوير المنطقة.
تم بناء مشروع سانت توماس الجديد في موقع مشروع سانت توماس الأصلي، لكنه كان مختلفًا تمامًا. بدلاً من كونه مشروعًا سكنيًا حصريًا، تم تصميمه كمجتمع ذي دخل مختلط مع مجموعة من المساكن المدعومة والمساكن بأسعار السوق. كان الهدف هو تقليل تركيز الفقر، وتعزيز التكامل الاقتصادي، وخلق مجتمع أكثر حيوية واستدامة.
أدى هدم مشروع سانت توماس وإعادة تطويره إلى ردود فعل متباينة. جادل البعض بأنه كان ضروريًا للقضاء على الظروف المعيشية الرهيبة وتحسين حياة السكان. جادل آخرون بأنه كان شكلًا من أشكال التطهير العرقي والإزاحة، حيث تم تشتيت العديد من السكان الأصليين ولم يتمكنوا من العودة إلى المجتمع الجديد.
كانت إعادة تطوير مشروع سانت توماس جزءًا من اتجاه وطني أوسع نحو إعادة تطوير الإسكان العام. في جميع أنحاء الولايات المتحدة، تم هدم مشاريع إسكان عامة أخرى سيئة السمعة واستبدالها بمجتمعات ذات دخل مختلط. يهدف هذا النهج إلى تقليل تركيز الفقر، وتحسين الظروف المعيشية، وتعزيز التكامل الاقتصادي.
تأثير إعادة التطوير
كان لإعادة تطوير مشروع سانت توماس تأثير كبير على المنطقة والسكان. من ناحية، أدى ذلك إلى تحسينات في الظروف المعيشية، وتقليل الجريمة، وزيادة الفرص الاقتصادية. أصبح المجتمع الجديد أكثر أمانًا وجاذبية، ووصول السكان إلى المدارس والوظائف والخدمات أفضل.
من ناحية أخرى، أدى أيضًا إلى الإزاحة والتهجير. اضطر العديد من السكان الأصليين إلى المغادرة، وكافحوا للعثور على سكن ميسور التكلفة في أماكن أخرى. فقدوا شبكات الدعم المجتمعية والروابط الاجتماعية، وكانوا يواجهون صعوبات في التكيف مع محيطهم الجديد. بالإضافة إلى ذلك، يجادل البعض بأن المجتمع الجديد أصبح أكثر ترفيهًا، وأنه لم يعد يلبي احتياجات السكان ذوي الدخل المنخفض.
كانت تجربة مشروع سانت توماس بمثابة قصة تحذيرية حول مخاطر الإسكان العام المركز والفقر. سلطت الضوء على أهمية الحفاظ على مشاريع الإسكان، وتوفير الخدمات الكافية، ومعالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي تساهم في الفقر والجريمة. كما أكدت على الحاجة إلى سياسات إسكان عادلة ومنصفة لا تؤدي إلى تشريد السكان ذوي الدخل المنخفض.
- الدروس المستفادة: يجب على مشاريع الإسكان العام أن تركز على توفير بيئات آمنة وصحية مع الوصول إلى التعليم والتوظيف والرعاية الصحية.
- السياسات الفعالة: يجب أن تهدف إلى تقليل تركيز الفقر وتشجيع المجتمعات ذات الدخل المختلط.
- إشراك المجتمع: يجب أن يشمل السكان في عمليات التخطيط واتخاذ القرارات.
الوضع الحالي
اليوم، يقف مشروع سانت توماس الجديد كشهادة على إمكانية إعادة التطوير الناجحة. ومع ذلك، فإنه يذكرنا أيضًا بالتحديات المعقدة التي تنطوي عليها معالجة الفقر والإسكان وعدم المساواة. يجب على صناع السياسات والمطورين والمدافعين عن المجتمع أن يتعلموا من أخطاء الماضي وأن يعملوا على خلق مجتمعات أكثر عدلاً وإنصافًا للجميع.
خاتمة
كان مشروع تطوير سانت توماس قصة معقدة ومثيرة للجدل تعكس تحديات الإسكان العام والفقر في أمريكا. من مجتمع واعد في ثلاثينيات القرن الماضي إلى بؤرة للجريمة واليأس في التسعينيات، يمثل مشروع سانت توماس فشل السياسات والأنظمة التي كان من المفترض أن تحمي السكان الأكثر ضعفاً. بينما تم هدم المشروع الأصلي واستبداله بمجتمع ذي دخل مختلط، لا تزال الدروس المستفادة من سانت توماس ذات صلة اليوم. من خلال معالجة الأسباب الجذرية للفقر والجريمة، والاستثمار في المجتمعات، وضمان سياسات إسكان عادلة ومنصفة، يمكننا أن نسعى جاهدين لخلق مستقبل أفضل للجميع.