حياته وتعليمه
ولد إفياتار زيروبافيل في إسرائيل عام 1948. حصل على درجة البكالوريوس في علم الاجتماع والفلسفة من الجامعة العبرية في القدس. ثم انتقل إلى الولايات المتحدة حيث حصل على درجة الدكتوراه في علم الاجتماع من جامعة بنسلفانيا. بعد حصوله على الدكتوراه، انضم إلى هيئة التدريس في جامعة روتجرز، حيث يعمل منذ ذلك الحين.
مجالات اهتمامه البحثي
يركز عمل زيروبافيل على علم اجتماع الإدراك، وهو فرع من علم الاجتماع يدرس كيف يفكر الناس وينظمون العالم من حولهم. يستكشف كيف تؤثر الثقافة والمجتمع على عملياتنا المعرفية، وكيف تشكل هذه العمليات بدورها تفاعلاتنا الاجتماعية. تشمل اهتماماته البحثية:
- الوقت: كيف ننظم ونفهم الوقت، وكيف تؤثر هذه المفاهيم على حياتنا الاجتماعية.
- الذاكرة: كيف نتذكر وننسى، وكيف تشكل الذاكرة الجماعية هويتنا.
- الحدود: كيف نرسم الحدود بين الفئات والأشياء والأفكار، وكيف تؤثر هذه الحدود على تفاعلاتنا.
- الصمت: دور الصمت في التواصل والتفاعل الاجتماعي.
- الخرائط الذهنية: كيف ننشئ خرائط ذهنية للعالم من حولنا، وكيف تؤثر هذه الخرائط على سلوكنا.
أعماله الرئيسية
نشر زيروبافيل العديد من الكتب والمقالات المؤثرة في مجال علم الاجتماع. من بين أبرز أعماله:
- Hidden Rhythms: Schedules and Calendars in Social Life (1981): يستكشف هذا الكتاب كيف تنظم الجداول الزمنية والتقويمات حياتنا الاجتماعية، وكيف تؤثر على تصوراتنا للوقت. يحلل كيف يتم بناء الوقت اجتماعيا وكيف يؤثر على جوانب مختلفة من حياتنا، من العمل إلى الترفيه.
- The Seven Day Circle: The History and Meaning of the Week (1985): يتتبع هذا الكتاب تاريخ الأسبوع وكيف أصبح جزءًا أساسيًا من حياتنا الحديثة. يدرس أصول الأسبوع وأهميته الثقافية والاجتماعية.
- Time Maps: Collective Memory and the Social Shape of the Past (2003): يدرس هذا الكتاب كيف تشكل الذاكرة الجماعية فهمنا للماضي وكيف تؤثر على هويتنا. يناقش كيف يتم بناء الذاكرة اجتماعيا وكيف يتم استخدامها لتبرير الحاضر وتشكيل المستقبل.
- Terra Cognita: The Mental Discovery of America (1992): يستكشف هذا الكتاب كيف تم تصور أمريكا واكتشافها عقليًا قبل استكشافها فعليًا. يحلل كيف تم بناء صورة أمريكا في أذهان الأوروبيين قبل أن تطأ أقدامهم أرضها.
- Social Mindscapes: An Invitation to Cognitive Sociology (1997): يقدم هذا الكتاب مقدمة شاملة لعلم اجتماع الإدراك، ويستكشف كيف تؤثر الثقافة والمجتمع على عملياتنا المعرفية. يوفر نظرة عامة على المفاهيم والأساليب الرئيسية في هذا المجال.
- The Elephant in the Room: Silence and Denial in Everyday Life (2006): يدرس هذا الكتاب دور الصمت والإنكار في حياتنا اليومية، وكيف يمكن أن يؤثرا على علاقاتنا وتفاعلاتنا. يحلل كيف نستخدم الصمت لتجنب المواجهات وكيف يمكن أن يؤدي إلى سوء الفهم.
- Islands of Meaning: Managing Ambiguity in Everyday Life (2011): يدرس هذا الكتاب كيف نتعامل مع الغموض في حياتنا اليومية، وكيف نخلق جزرًا من المعنى في عالم معقد وغير مؤكد. يناقش كيف نستخدم استراتيجيات مختلفة لتقليل الغموض وجعل العالم أكثر قابلية للفهم.
- Second Thoughts: On the Value of Ambivalence (2018): يحلل هذا الكتاب قيمة التردد والشك في عالم يسعى إلى اليقين. يقترح أن التردد يمكن أن يكون قوة إيجابية، مما يسمح لنا برؤية الأمور من وجهات نظر متعددة واتخاذ قرارات أكثر استنارة.
مفاهيم رئيسية في أعماله
تتميز أعمال زيروبافيل بالعديد من المفاهيم الرئيسية التي تتكرر في كتاباته:
- البناء الاجتماعي للواقع: يؤكد زيروبافيل على أن الواقع ليس معطى موضوعيًا، بل يتم بناؤه اجتماعيًا من خلال التفاعلات الاجتماعية والعمليات المعرفية. بمعنى آخر، الطريقة التي نرى بها العالم ليست مجرد انعكاس للواقع الموضوعي، بل هي نتاج تفسيراتنا الثقافية والاجتماعية.
- الحدود المعرفية: يركز زيروبافيل على كيفية رسم الحدود بين الفئات والأشياء والأفكار، وكيف تؤثر هذه الحدود على تفاعلاتنا الاجتماعية. هذه الحدود ليست ثابتة أو طبيعية، بل يتم بناؤها اجتماعيا ويمكن أن تختلف عبر الثقافات والسياقات المختلفة.
- الذاكرة الجماعية: يدرس زيروبافيل كيف تشكل الذاكرة الجماعية فهمنا للماضي وكيف تؤثر على هويتنا. الذاكرة الجماعية ليست مجرد مجموعة من الحقائق التاريخية، بل هي سرد يتم بناؤه وتشكيله من خلال التفاعلات الاجتماعية والعمليات السياسية.
- دور الصمت: يولي زيروبافيل اهتمامًا خاصًا بدور الصمت في التواصل والتفاعل الاجتماعي. يرى أن الصمت ليس مجرد غياب للكلام، بل هو شكل من أشكال التواصل له معانيه ووظائفه الخاصة.
- الخرائط الذهنية: يرى زيروبافيل أننا ننشئ خرائط ذهنية للعالم من حولنا، وأن هذه الخرائط تؤثر على سلوكنا وتفاعلاتنا. هذه الخرائط ليست دقيقة أو كاملة، بل هي تبسيطات واختصارات تساعدنا على التنقل في عالم معقد.
تأثيره على علم الاجتماع
أثرت أعمال زيروبافيل بشكل كبير على مجال علم الاجتماع، وخاصة في مجالات علم اجتماع الإدراك وعلم اجتماع الوقت والذاكرة. لقد ساهم في تطوير فهم أعمق لكيفية تأثير الثقافة والمجتمع على عملياتنا المعرفية، وكيف تشكل هذه العمليات بدورها تفاعلاتنا الاجتماعية. ألهمت أبحاثه العديد من العلماء الآخرين لاستكشاف هذه القضايا المعقدة، ولا يزال عمله ذا صلة ومؤثرًا حتى اليوم.
نقد لعمله
على الرغم من تأثيره الكبير، فقد واجهت أعمال زيروبافيل بعض الانتقادات. يرى بعض النقاد أن تركيزه على العمليات المعرفية يقلل من أهمية العوامل الهيكلية والاقتصادية في تشكيل السلوك الاجتماعي. يجادل آخرون بأن أسلوبه في الكتابة مجرد ومعقد للغاية، مما يجعله غير متاح لجمهور واسع. ومع ذلك، فإن معظم العلماء يقرون بأهمية مساهماته في فهم العلاقة بين العقل والمجتمع.
جوائز وتكريمات
حصل زيروبافيل على العديد من الجوائز والتكريمات تقديراً لمساهماته في علم الاجتماع، بما في ذلك:
- زمالة غوغنهايم
- جائزة جمعية الدراسات الاجتماعية للوقت
- جائزة الكتاب المتميز من جمعية علم النفس الاجتماعي
خاتمة
إفياتار زيروبافيل هو عالم اجتماع بارز قدم مساهمات كبيرة في فهم العلاقة بين العقل والمجتمع. من خلال أبحاثه الرائدة في علم اجتماع الإدراك، قدم لنا رؤى قيمة حول كيفية تأثير الثقافة والمجتمع على عملياتنا المعرفية، وكيف تشكل هذه العمليات بدورها تفاعلاتنا الاجتماعية. لا يزال عمله يلهم ويؤثر على العلماء في جميع أنحاء العالم، وسيستمر في تشكيل مجال علم الاجتماع لسنوات قادمة.