خلفية تاريخية
بدأ دفوراك العمل على أوبرا ديمتري في عام 1881، بعد النجاح الهائل الذي حققته أوبراه السابقة، “فاندي” (Vanda). استند الليبريتو، الذي كتبته ماري تشيرفينكوفا-ريجنر، إلى مسرحية لفريدريش شيلر بعنوان “ديمتريوس”. تحكي الأوبرا قصة ديمتري الكاذب، الذي ادعى أنه وريث عرش القيصر الروسي بعد وفاة إيفان الرهيب.
كانت تشيرفينكوفا-ريجنر كاتبة ليبريتو معروفة في ذلك الوقت، وكانت قد تعاونت مع دفوراك في أعمال سابقة. اختارت هذه القصة تحديدًا نظرًا لطابعها الدرامي وتعقيداتها السياسية، مما وفر لدفوراك فرصة ممتازة للتعبير الموسيقي الغني والعميق.
بالإضافة إلى التأثيرات السياسية والاجتماعية، تأثر دفوراك أيضًا بالتقاليد الأوبرالية الإيطالية والفرنسية، بالإضافة إلى الموسيقى الشعبية التشيكية. وقد تجلى هذا المزيج في دمج الأساليب المختلفة في عمله، مما أضفى عليه طابعًا فريدًا ومميزًا.
الشخصيات والأحداث
تدور أحداث الأوبرا في روسيا في بداية القرن السابع عشر، وتشمل الشخصيات الرئيسية:
- ديمتري (باريتون): مدعي العرش.
- ماريا (سوبرانو): ابنة إيفان الرهيب وزوجة ديمتري.
- فاسيلى شويسكى (تنور): نبيل روسي طموح.
- إكسينيا (ميزو سوبرانو): ابنة فاسيلى شويسكى.
- رئيس الدير (باس): شخصية دينية مهمة.
ملخص الحبكة:
الفصل الأول: يظهر ديمتري في بولندا، يدعي أنه ديمتري، الابن المفقود لإيفان الرهيب. يحظى بدعم البولنديين الذين يرغبون في السيطرة على روسيا. يعد بالزواج من ماريا، أرملة إيفان الرهيب، لتعزيز ادعائه.
الفصل الثاني: يدخل ديمتري إلى موسكو ويُعلن قيصرًا. يواجه معارضة من النبلاء الروس، بمن فيهم فاسيلى شويسكى. تبدأ ماريا في الشك في حقيقة ديمتري.
الفصل الثالث: يحاول ديمتري الحصول على دعم ماريا، لكنها تظل متشككة. يكشف شويسكى مؤامرة لقتل ديمتري. يتم قتل ديمتري في النهاية.
الفصل الرابع: بعد وفاة ديمتري، يتصارع النبلاء على السلطة. تتزوج ماريا من شويسكى، الذي يصبح القيصر الجديد.
الموسيقى والأسلوب
تتميز موسيقى دفوراك في أوبرا ديمتري بالتنوع والدراما. لقد استخدم مجموعة واسعة من الأساليب الموسيقية، بما في ذلك:
- الألحان الشعبية التشيكية، التي تضفي على الأوبرا طابعًا محليًا.
- التقاليد الأوبرالية الإيطالية والفرنسية، خاصة في الألحان الرومانسية.
- الاستخدام الدرامي للأوركسترا، الذي يصف المشاعر والأحداث.
تعتبر الأوبرا مثالًا على براعة دفوراك في استخدام التلوين الأوركسترالي، وتنوع الأصوات، والتعبير عن المشاعر الإنسانية. تمتاز الأوبرا بقوة تأثيرها الدرامي، وقدرتها على إثارة المشاعر لدى الجمهور.
العروض والأداء
عُرضت أوبرا ديمتري لأول مرة في براغ عام 1882 وحققت نجاحًا كبيرًا. تم استقبال العمل بحماس من قبل النقاد والجمهور على حد سواء. ومع ذلك، خضعت الأوبرا لبعض التعديلات والتنقيحات على مر السنين.
أجرى دفوراك بعض التعديلات على العمل في السنوات اللاحقة، بهدف تحسين البنية الدرامية والموسيقى. تم تعديل الليبريتو أيضًا لتعزيز وضوح الحبكة وتسليط الضوء على الشخصيات.
أعيد إحياء أوبرا ديمتري في العديد من المسارح حول العالم، ولا تزال تُعرض بانتظام حتى اليوم. يُنظر إلى الأوبرا على أنها عمل مهم في التراث الأوبرالي التشيكي، وتعكس المهارات الموسيقية العالية لدفوراك.
الإرث والتأثير
أثرت أوبرا ديمتري بشكل كبير على تطوير الأوبرا التشيكية. وقد فتحت الباب أمام الملحنين التشيكيين الآخرين لاستكشاف الموضوعات الوطنية واللغوية في أعمالهم.
أثرت الأوبرا أيضًا على المشهد الثقافي والاجتماعي في ذلك الوقت، حيث أثارت نقاشات حول الهوية الوطنية والتاريخ. لا تزال الأوبرا تحظى بشعبية في التشيك، وتُعتبر جزءًا مهمًا من التراث الثقافي للبلاد.
خاتمة
أوبرا ديمتري هي عمل فني رائع يعكس قدرة دفوراك على الجمع بين التقاليد الموسيقية المختلفة لإنشاء عمل درامي مؤثر وغني. من خلال حبكته المعقدة، وشخصياته القوية، وموسيقاه المذهلة، تظل ديمتري تحفة فنية تستحق التقدير والاحتفاء بها.