حياتها المبكرة وعائلتها
ولدت ماري دي كوسي حوالي عام 1218، وهي ابنة إنغليرام الثالث، لورد كوسي، وماري من مونتميرايل. كان والدها شخصية نبيلة قوية في فرنسا، ولعب دورًا هامًا في الشؤون السياسية في عهد الملك فيليب الثاني أوغسطس والملك لويس الثامن. أما والدتها، ماري من مونتميرايل، فكانت تنتمي إلى عائلة مرموقة أخرى في فرنسا. كان لماري أشقاء وشقيقات، من بينهم إنغليرام الرابع، الذي خلف والده في منصب لورد كوسي.
نشأت ماري في كوسي، وهي بلدة تقع في شمال فرنسا وتشتهر بقلعتها الضخمة، قلعة كوسي. كانت القلعة رمزًا لقوة وثروة عائلة كوسي، ووفرت لماري بيئة آمنة ومريحة خلال سنوات تكوينها. تلقت ماري تعليمًا جيدًا بالنسبة لامرأة من طبقتها في العصور الوسطى. من المحتمل أنها تعلمت القراءة والكتابة، بالإضافة إلى مهارات التدبير المنزلي والأعمال اليدوية المناسبة لمكانتها الاجتماعية.
زواجها من الملك ألكسندر الثاني
في عام 1239، تزوجت ماري دي كوسي من الملك ألكسندر الثاني ملك اسكتلندا. كان ألكسندر الثاني أرملًا، فقد توفيت زوجته الأولى، جوان من إنجلترا، في عام 1238. سعى ألكسندر الثاني إلى الزواج من ماري لتعزيز العلاقات بين اسكتلندا وفرنسا، ولإنجاب وريث للعرش الاسكتلندي. كان الزواج مهمًا أيضًا لماري، حيث منحها مكانة مرموقة كملكة اسكتلندا.
أقيم حفل الزفاف في 15 مايو 1239 في روكسبره، وهي بلدة تقع في جنوب اسكتلندا. كان الزفاف مناسبة كبيرة حضرها العديد من النبلاء والشخصيات البارزة من اسكتلندا وفرنسا. بصفتها ملكة اسكتلندا، لعبت ماري دورًا مهمًا في البلاط الملكي. على الرغم من أن دورها كان محدودًا إلى حد ما بسبب التقاليد والعادات في ذلك الوقت، إلا أنها كانت حاضرة في المناسبات الرسمية ورافقت الملك في رحلاته.
لم تنجب ماري دي كوسي أطفالًا للملك ألكسندر الثاني. كان هذا مصدر قلق كبير، حيث كان الملك بحاجة إلى وريث شرعي للعرش. في عام 1249، توفي الملك ألكسندر الثاني، وخلفه ابنه ألكسندر الثالث، الذي كان من زواجه الأول.
حياتها بعد وفاة الملك ألكسندر الثاني
بعد وفاة الملك ألكسندر الثاني، تقاعدت ماري دي كوسي إلى حد كبير من الحياة العامة. احتفظت ببعض الأراضي والممتلكات في اسكتلندا، وعاشت حياة مريحة نسبيًا. ومع ذلك، لم تعد تشارك في الشؤون السياسية أو الاجتماعية في البلاد.
في عام 1251، تزوجت ماري دي كوسي من جان دي برين، وهو نبيل فرنسي. كان جان دي برين هو ابن جان دي برين، ملك القدس. كان الزواج مهمًا بالنسبة لماري، حيث منحها مكانة اجتماعية واقتصادية جديدة.
عاشت ماري وجان معًا في فرنسا لعدة سنوات. ليس هناك الكثير من المعلومات المتاحة عن حياتهما معًا. ومع ذلك، من المعروف أنهما لم ينجبا أطفالًا.
وفاتها
توفيت ماري دي كوسي في عام 1285. لا يُعرف مكان دفنها على وجه اليقين. ومع ذلك، يعتقد أنها دفنت في فرنسا.
إرثها
تُذكر ماري دي كوسي كملكة اسكتلندا بزواجها من الملك ألكسندر الثاني. على الرغم من أن فترة حكمها كانت قصيرة نسبيًا ولم يكن لها تأثير كبير على السياسة الاسكتلندية، إلا أنها كانت شخصية مهمة في تاريخ البلاد.
كان زواجها من الملك ألكسندر الثاني مهمًا لعدة أسباب. أولاً، ساعد في تعزيز العلاقات بين اسكتلندا وفرنسا. ثانيًا، منحها مكانة مرموقة كملكة اسكتلندا. ثالثًا، سلط الضوء على أهمية إنجاب وريث للعرش الاسكتلندي.
بعد وفاتها، ظلت ماري دي كوسي شخصية محترمة في اسكتلندا. غالبًا ما كانت تُذكر كملكة نبيلة وتقية. لا تزال قصتها تثير اهتمام المؤرخين والباحثين حتى اليوم.
دورها في المجلس الملكي
على الرغم من أن المصادر التاريخية لا تقدم تفاصيل كثيرة عن مشاركتها المباشرة في المجلس الملكي، إلا أن عضويتها فيه تشير إلى أنها كانت تحظى بتقدير وثقة الملك والمستشارين الملكيين. من المحتمل أنها شاركت في بعض القرارات المتعلقة بالشؤون الداخلية للمملكة، أو أنها كانت بمثابة مستشارة في بعض الأمور التي تتطلب رأيها أو خبرتها.
بالنظر إلى أصولها النبيلة وعلاقات عائلتها القوية في فرنسا، فمن الممكن أنها لعبت دورًا في تسهيل العلاقات الدبلوماسية بين اسكتلندا وفرنسا. كانت فرنسا حليفًا مهمًا لاسكتلندا في ذلك الوقت، وكان الحفاظ على علاقات جيدة معها أمرًا بالغ الأهمية للاستقرار السياسي والاقتصادي للمملكة.
من الجدير بالذكر أن دور الملكات في العصور الوسطى غالبًا ما كان مقيدًا بالتقاليد والأعراف الاجتماعية. ومع ذلك، فإن عضويتها في المجلس الملكي تشير إلى أنها كانت تتمتع بمكانة خاصة وأنها كانت قادرة على التأثير في بعض جوانب الحكم.
خاتمة
كانت ماري دي كوسي ملكة اسكتلندا لفترة وجيزة ولكنها تركت بصمة في التاريخ. من خلال زواجها من الملك ألكسندر الثاني وعضويتها في المجلس الملكي، لعبت دورًا في تعزيز العلاقات بين اسكتلندا وفرنسا. على الرغم من أن حياتها الزوجية لم تسفر عن وريث للعرش، إلا أنها ظلت شخصية محترمة في البلاط الملكي الاسكتلندي. حياتها تعكس أهمية الزيجات الملكية في تشكيل العلاقات السياسية وتأثير النساء في السلطة في العصور الوسطى.