<![CDATA[
نشأته وتعليمه
ولد محمد فريد في أسرة أرستقراطية ذات نفوذ في القاهرة. تلقى تعليماً متميزاً، حيث درس في مدارس مرموقة، ثم التحق بمدرسة الحقوق وتخرج منها محامياً. خلال فترة دراسته، انخرط في العمل الوطني وأبدى اهتماماً كبيراً بقضايا الإصلاح السياسي والاجتماعي.
دوره في الحركة الوطنية
بعد تخرجه، انخرط محمد فريد في العمل السياسي، وانضم إلى الحزب الوطني الذي أسسه مصطفى كامل. سرعان ما برز كشخصية قيادية، نظراً لذكائه الحاد، وقدرته على الخطابة، وحماسه الوطني. بعد وفاة مصطفى كامل المفاجئة عام 1908، تولى محمد فريد زعامة الحزب الوطني، وحمل على عاتقه مسؤولية قيادة الحركة الوطنية في مرحلة حرجة.
تميزت فترة زعامة محمد فريد للحزب الوطني بالعديد من التحديات، حيث واجه مقاومة شرسة من السلطات البريطانية، التي سعت إلى إخماد الحركة الوطنية وتقويض نفوذها. ومع ذلك، استطاع محمد فريد أن يحافظ على وحدة الحزب، وأن يوسع قاعدته الشعبية، وأن يرفع صوت مصر عالياً في المحافل الدولية.
من أبرز إنجازات محمد فريد خلال فترة زعامته للحزب الوطني:
- توسيع نطاق الحزب الوطني: عمل محمد فريد على تنظيم الحزب وتوسيع نطاقه ليشمل مختلف فئات الشعب المصري، من العمال والفلاحين إلى المثقفين والطلاب.
- إنشاء المدارس الليلية: أدرك محمد فريد أهمية التعليم في نهضة الأمة، فأنشأ المدارس الليلية لتعليم العمال والفلاحين القراءة والكتابة، وتثقيفهم سياسياً.
- الدفاع عن حقوق العمال: اهتم محمد فريد بقضايا العمال، ودعا إلى تحسين ظروف عملهم، وحمايتهم من الاستغلال.
- السعي إلى استقلال مصر: كرس محمد فريد حياته للنضال من أجل استقلال مصر التام، وطالب برحيل القوات البريطانية عن البلاد.
- نشر الوعي الوطني: استخدم محمد فريد الصحافة والكتابة لنشر الوعي الوطني بين المصريين، وتعبئتهم للنضال من أجل الاستقلال.
مواقفه السياسية
اتسمت مواقف محمد فريد السياسية بالصلابة والوضوح، حيث لم يتوان عن انتقاد السلطات البريطانية، وفضح ممارساتها الاستعمارية. كما أنه لم يتردد في معارضة الخديوي، الذي كان يعتبر أداة في يد الاحتلال البريطاني.
من أبرز مواقف محمد فريد السياسية:
- المطالبة بالدستور: طالب محمد فريد بوضع دستور للبلاد يضمن حقوق الشعب وحرياته، ويحد من سلطة الخديوي.
- الدعوة إلى الوحدة الوطنية: دعا محمد فريد إلى الوحدة بين جميع المصريين، بغض النظر عن دينهم أو عرقهم، لمواجهة الاحتلال البريطاني.
- معارضة الامتيازات الأجنبية: عارض محمد فريد الامتيازات التي كانت تتمتع بها الجاليات الأجنبية في مصر، والتي كانت تضر بالاقتصاد الوطني.
- الدفاع عن القضية الفلسطينية: اهتم محمد فريد بالقضية الفلسطينية، ودعم حقوق الشعب الفلسطيني في أرضه.
محاكمته ونفيه
بسبب مواقفه السياسية الجريئة، تعرض محمد فريد للملاحقة والاضطهاد من قبل السلطات البريطانية. عام 1911، تم تقديمه إلى المحاكمة بتهمة التحريض على العنف، وحكم عليه بالسجن ستة أشهر. بعد خروجه من السجن، قرر محمد فريد السفر إلى أوروبا لمواصلة نشاطه الوطني من هناك.
قضى محمد فريد السنوات الأخيرة من حياته في المنفى، حيث تنقل بين عدة دول أوروبية، وواصل الكتابة والمحاضرة للدفاع عن قضية مصر. على الرغم من بعده عن وطنه، إلا أنه ظل على اتصال دائم بالحركة الوطنية في مصر، وكان يوجهها ويدعمها بكل ما يملك.
وفاته
توفي محمد فريد في برلين عام 1919، عن عمر يناهز 51 عاماً. وقد خلفت وفاته حزناً عميقاً في صفوف الحركة الوطنية المصرية، التي فقدت قائداً بارزاً ومناضلاً صلباً.
نُقل جثمان محمد فريد إلى مصر، ودفن في القاهرة في جنازة مهيبة شارك فيها الآلاف من المصريين، الذين قدروا له دوره في النضال من أجل استقلال البلاد.
إرثه
ترك محمد فريد إرثاً عظيماً للحركة الوطنية المصرية، حيث يعتبر رمزاً للنضال من أجل الاستقلال والحرية. وقد ألهمت أفكاره وكتاباته أجيالاً من المصريين، الذين ساروا على دربه في النضال من أجل بناء مصر الحديثة.
من أبرز مؤلفات محمد فريد كتاب “تاريخ الدولة العلية”، الذي يعتبر من أهم المراجع التاريخية عن تاريخ مصر الحديث.
تقدير
تقديراً لدوره الوطني، أطلقت الحكومة المصرية اسمه على العديد من الشوارع والمدارس والمؤسسات العامة. كما تم إنشاء تمثال له في القاهرة تخليداً لذكراه.
خاتمة
محمد فريد شخصية وطنية بارزة في تاريخ مصر الحديث. كرس حياته للنضال من أجل استقلال بلاده، وترك إرثاً عظيماً من العمل الوطني والإخلاص للقضية المصرية. سيظل اسمه محفوراً في ذاكرة المصريين كرمز للحرية والاستقلال.