نشأته وبداياته
ولد ريتشارد بوث في نورثامبتونشاير بإنجلترا. تلقى تعليمه في مدرسة أبدينجتون، ثم التحق بكلية فيكتوريا بجامعة مانشستر، حيث درس التاريخ. بعد تخرجه، عمل في مجال النشر قبل أن يتحول إلى تجارة الكتب. بدأ بوث حياته المهنية في بيع الكتب في عام 1961، عندما افتتح متجره الأول في لندن.
هاي أون واي: عاصمة الكتب
في عام 1962، انتقل بوث إلى بلدة هاي أون واي الصغيرة في ويلز، حيث اشترى قلعة هاي وبدأ في استخدامها لتخزين الكتب. سرعان ما أدرك إمكانات البلدة كمركز لبيع الكتب المستعملة. بدأ في شراء المزيد من العقارات في البلدة، وتحويلها إلى متاجر كتب. مع مرور الوقت، اجتذب بوث تجار كتب آخرين إلى هاي أون واي، مما ساهم في نمو البلدة كوجهة سياحية رئيسية لعشاق الكتب. بحلول الثمانينيات، كان لدى هاي أون واي أكثر من 40 متجرًا للكتب المستعملة، مما أكسبها لقب “عاصمة الكتب في العالم”.
كان بوث شخصية ملهمة ومبتكرة. لم يقم فقط بإنشاء أعمال تجارية مربحة، ولكنه أيضًا أعاد إحياء اقتصاد بلدة صغيرة. كان لديه رؤية لتحويل هاي أون واي إلى وجهة ثقافية عالمية، وقد نجح في تحقيق ذلك إلى حد كبير. كان بوث يعتقد أن الكتب يجب أن تكون متاحة للجميع، بغض النظر عن دخلهم. وقد انعكس هذا الاعتقاد في أسعار الكتب في متاجر هاي أون واي، والتي كانت في متناول الجميع.
مملكة هاي
بالإضافة إلى عمله في تجارة الكتب، كان بوث مهتمًا أيضًا بمفهوم الدول الصغرى. في عام 1977، أعلن نفسه ملكًا على “مملكة هاي”، وهي دولة صغرى غير معترف بها تقع في هاي أون واي. قام بتعيين وزراء، وأصدر جوازات سفر، وحتى أصدر عملة خاصة به. كان هذا الإعلان إلى حد كبير بمثابة مزحة، ولكن كان له تأثير كبير في تعزيز مكانة هاي أون واي كوجهة سياحية فريدة من نوعها. استخدم بوث هذه “المملكة” للترويج لبلدته وللفت الانتباه إلى أهمية الكتب والثقافة.
كانت “مملكة هاي” تجسيدًا لروح الفكاهة والمرح التي اتسم بها بوث. استخدم هذا الجانب من شخصيته لجذب الانتباه إلى بلاده وإلى الكتب التي أحبها. كان بوث يرى في “مملكة هاي” وسيلة لإحياء روح الدعابة وتشجيع الإبداع. أظهرت هذه الخطوة قدرته على استخدام الخيال والإبداع لتحقيق أهدافه.
إرثه
ترك ريتشارد بوث إرثًا دائمًا في عالم الكتب والثقافة. فقد أثرى حياة آلاف الأشخاص من خلال توفير الكتب لهم، وألهم آخرين للعمل في صناعة الكتب. أحدث بوث تغييرًا جذريًا في بلدة هاي أون واي، وحولها إلى وجهة عالمية مشهورة. سيظل ذكراه حية في هاي أون واي، وفي قلوب كل من عرفوه وعشقوا الكتب.
ترك بوث بصمة لا تمحى على عالم الكتب. لقد أظهر أن الكتب يمكن أن تكون أكثر من مجرد سلع تجارية؛ يمكن أن تكون مصدرًا للتعليم والترفيه والإلهام. أثبت بوث أن الكتب يمكن أن تجمع الناس معًا، وأن الثقافة يمكن أن تزدهر حتى في أصغر الأماكن.
السنوات الأخيرة والوفاة
في السنوات الأخيرة من حياته، استمر بوث في المشاركة في مجتمع هاي أون واي، وحضر الفعاليات المحلية، ودافع عن أهمية الكتب. توفي في 20 أغسطس 2019، عن عمر يناهز 80 عامًا. رحيله مثل نهاية حقبة في هاي أون واي، ولكنه ترك إرثًا مستمرًا في مجال الكتب والثقافة.
أعماله
- تأسيس متاجر الكتب المستعملة: قام بتحويل هاي أون واي إلى مركز عالمي للكتب.
- تطوير مفهوم الدول الصغرى: أعلن نفسه ملكًا على “مملكة هاي”.
- الدفاع عن الكتب والثقافة: شارك في العديد من الفعاليات والمبادرات الثقافية.
خاتمة
كان ريتشارد بوث شخصية استثنائية، ترك بصمة واضحة على عالم الكتب والثقافة. من خلال رؤيته وجهوده، حول بلدة هاي أون واي إلى “عاصمة الكتب في العالم”، وألهم الآخرين ليقدروا قيمة الكتب والمعرفة. بالإضافة إلى ذلك، ساهم في تطوير مفهوم الدول الصغرى بطريقة مرحة ومبتكرة. سيظل إرثه حيًا كرمز للإبداع، والمثابرة، وحب الكتب.