<![CDATA[
نشأته وحياته المبكرة
لا تتوفر تفاصيل كثيرة عن حياة أوبالي ثيرا المبكرة في تايلاند قبل رحلته إلى سريلانكا. ومع ذلك، من المعروف أنه كان راهبًا بوذيًا يحظى باحترام كبير في تايلاند، ويتمتع بمعرفة واسعة بتعاليم بوذا وممارسات الرهبنة. كان اسمه الأصلي قبل الرهبنة غير معروف على نطاق واسع، لكن بعد رسامته كراهب بوذي، أصبح يُعرف باسم أوبالي.
في ذلك الوقت، كانت تايلاند مركزًا هامًا للدراسات البوذية، حيث ازدهرت طائفة ثيرافادا البوذية. تلقى أوبالي ثيرا تعليمه في أحد الأديرة البارزة، حيث درس النصوص البوذية المقدسة، بما في ذلك تريبيتاكا، وهي مجموعة الكتب المقدسة البوذية. كما تدرب على ممارسة التأمل وغيرها من الممارسات الروحية.
تشير بعض المصادر إلى أن أوبالي ثيرا كان يتمتع بشخصية جذابة وقدرة على التواصل مع الآخرين، مما جعله شخصية محبوبة بين الرهبان والعامة على حد سواء. وقد ساهمت هذه الصفات في اختياره لقيادة البعثة البوذية إلى سريلانكا.
الخلفية التاريخية لسريلانكا
في القرن الثامن عشر، كانت سريلانكا تمر بفترة من الاضطرابات السياسية والدينية. كانت الجزيرة مقسمة إلى عدة ممالك متناحرة، وكانت القوى الأوروبية الاستعمارية، مثل البرتغال وهولندا، تتنافس للسيطرة على المنطقة. أدت هذه الصراعات إلى تدهور المؤسسات البوذية، وفقدت الممارسات الرهبانية الكثير من رونقها وأصالتها.
كانت مملكة كاندي، الواقعة في المناطق الداخلية من الجزيرة، هي المملكة السريلانكية الوحيدة التي حافظت على استقلالها عن الحكم الأوروبي. ومع ذلك، حتى في كاندي، كانت البوذية تعاني من التدهور. كان هناك نقص في الرهبان المؤهلين القادرين على الحفاظ على التعاليم والممارسات البوذية. كان العديد من الرهبان يمارسون طقوسًا وشعائر غير أرثوذكسية، وغابت المعرفة الصحيحة بالكتاب المقدس البوذي.
نتيجة لهذه الظروف، سعى الملك كيرثي سري راجاسينها ملك كاندي إلى الحصول على المساعدة من تايلاند، التي كانت تعتبر مركزًا هامًا للبوذية الثيرافادية. طلب الملك من تايلاند إرسال مجموعة من الرهبان لإحياء الممارسة البوذية في سريلانكا.
البعثة إلى سريلانكا
استجابة لطلب الملك كيرثي سري راجاسينها، تم اختيار أوبالي ثيرا لقيادة بعثة الرهبان التايلانديين إلى سريلانكا. كانت هذه مهمة صعبة، حيث كان على الرهبان السفر لمسافة طويلة عبر البحر ومواجهة العديد من التحديات على طول الطريق. ومع ذلك، كان أوبالي ثيرا مصممًا على إحياء البوذية في سريلانكا.
وصلت بعثة الرهبان التايلانديين إلى كاندي في عام 1753. تم استقبالهم بحفاوة بالغة من قبل الملك كيرثي سري راجاسينها والشعب السريلانكي. بدأ أوبالي ثيرا على الفور في العمل على إصلاح الممارسة البوذية في الجزيرة.
أجرى أوبالي ثيرا عددًا من الإصلاحات الهامة. قام بتطهير الأديرة من الممارسات غير الأرثوذكسية وأعاد التأكيد على أهمية دراسة الكتاب المقدس البوذي. كما قام بتدريب جيل جديد من الرهبان السريلانكيين على الممارسات الرهبانية الصحيحة.
تأسيس سيام نيكايا
كان أحد أهم إنجازات أوبالي ثيرا هو تأسيس سيام نيكايا، وهي طائفة رهبانية جديدة في سريلانكا. تأسست سيام نيكايا على مبادئ بوذية ثيرافادا النقية وتهدف إلى الحفاظ على التعاليم والممارسات البوذية الأصلية. سرعان ما اكتسبت سيام نيكايا شعبية كبيرة وأصبحت الطائفة الرهبانية المهيمنة في سريلانكا.
أصر أوبالي ثيرا على أن يتم قبول الرهبان في سيام نيكايا على أساس الجدارة وليس على أساس الطبقة الاجتماعية. كان هذا تغييرًا جذريًا عن الممارسات السابقة، حيث كان يتم اختيار الرهبان في الغالب من الطبقات العليا. ساعدت سياسة أوبالي ثيرا في جعل سيام نيكايا أكثر شمولاً وتمثيلًا للشعب السريلانكي.
قامت سيام نيكايا بدور حاسم في إحياء البوذية في سريلانكا. قامت بتعزيز التعليم البوذي، ودعمت بناء الأديرة والمعابد، وشجعت ممارسة التأمل وغيرها من الممارسات الروحية. بفضل جهود أوبالي ثيرا وأتباعه، استعادت البوذية مكانتها كدين رئيسي في سريلانكا.
تأثيره وإرثه
كان لأوبالي ثيرا تأثير عميق ودائم على البوذية في سريلانكا. لقد ساعد في إحياء الممارسة البوذية في الجزيرة وأسس سيام نيكايا، التي لا تزال واحدة من أهم الطوائف الرهبانية في سريلانكا حتى اليوم. يُنظر إلى أوبالي ثيرا على نطاق واسع على أنه شخصية رئيسية في تاريخ البوذية السريلانكية.
يُذكر أوبالي ثيرا لالتزامه بالتعاليم البوذية، وتفانيه في خدمة الآخرين، وقدرته على إلهام وتوحيد الناس. لقد كان زعيمًا حقيقيًا تمكن من إحداث تغيير إيجابي في العالم. لا يزال إرث أوبالي ثيرا يلهم البوذيين في سريلانكا وخارجها.
تُقام الاحتفالات والطقوس الدينية في سريلانكا لإحياء ذكرى أوبالي ثيرا، ويتم تداول قصص حياته وتعاليمه بين الأجيال. يعتبر أوبالي ثيرا قدوة للرهبان والعامة على حد سواء، ويستمر تأثيره في تشكيل الممارسة البوذية في سريلانكا حتى يومنا هذا.
بالإضافة إلى دوره في إحياء البوذية في سريلانكا، ساهم أوبالي ثيرا أيضًا في تطوير الأدب والفنون البوذية في الجزيرة. قام بتشجيع العلماء والفنانين على إنشاء أعمال جديدة تستند إلى التعاليم البوذية. وقد ساعد ذلك في نشر البوذية وجعلها في متناول جمهور أوسع.
خاتمة
أوبالي ثيرا كان شخصية محورية في تاريخ البوذية في سريلانكا، حيث قاد بنجاح مهمة لإحياء تعاليم ثيرافادا وساهم في تأسيس نظام سيام نيكايا. لا يزال إرثه يلهم أجيال الرهبان والممارسين البوذيين حتى اليوم.