مقدمة
السبتية هي فرع من فروع المسيحية البروتستانتية التي تؤمن بقرب المجيء الثاني ليسوع المسيح. نشأت هذه الحركة في القرن التاسع عشر في الولايات المتحدة الأمريكية، وتتميز بالتركيز على الكتاب المقدس، وخاصة أسفار دانيال والرؤيا، وتعتبر السبت (يوم السبت) يوم الراحة المقدس.
الأصول التاريخية
تعود جذور السبتية إلى حركة الإحياء الديني التي شهدتها الولايات المتحدة في النصف الأول من القرن التاسع عشر. كان ويليام ميلر، واعظ المعمداني، شخصية محورية في هذه الحركة. بدأ ميلر بدراسة الكتاب المقدس بعمق، ووصل إلى استنتاج مفاده أن المسيح سيعود إلى الأرض بين عامي 1843 و 1844. جذبت تعاليم ميلر أتباعًا واسعين، عُرفوا باسم “الميلريين”.
عندما لم يتحقق توقع ميلر بعودة المسيح في الموعد المحدد، أصيب أتباعه بخيبة أمل كبيرة، وهو ما عُرف بـ “خيبة الأمل الكبرى” في عام 1844. ومع ذلك، لم يتخلّ بعض أتباع ميلر عن إيمانهم، واستمروا في دراسة الكتاب المقدس بحثًا عن فهم أعمق للأحداث التي وقعت.
التأسيس الرسمي لكنيسة الأدفنتست
بعد خيبة الأمل الكبرى، اجتمع عدد من الميلريين المؤمنين لتدارس الكتاب المقدس والصلاة. توصلوا إلى فهم جديد لدور السبت في الكتاب المقدس، وأدركوا أنه لم يتم إلغاؤه في العهد الجديد، بل لا يزال واجبًا على المسيحيين. كما توصلوا إلى فهم جديد لخدمة المسيح في القدس السماوي بعد صعوده إلى السماء.
في عام 1863، تأسست رسميًا “كنيسة الأدفنتست السبتيين” في الولايات المتحدة. لعبت إلين جي وايت، إحدى الشخصيات البارزة في هذه الحركة، دورًا هامًا في توجيه الكنيسة وتطوير عقيدتها. تعتبر كتابات إلين وايت مرجعًا هامًا للأدفنتست، على الرغم من أنهم لا يعتبرونها مساوية للكتاب المقدس.
المعتقدات الأساسية
تتشارك السبتية في العديد من المعتقدات الأساسية مع المسيحية البروتستانتية، مثل الإيمان بالثالوث، والتجسد، والكفارة، والقيامة. ومع ذلك، تتميز السبتية ببعض المعتقدات الخاصة، منها:
- المجيء الثاني الوشيك للمسيح: يؤمن الأدفنتست بأن المسيح سيعود إلى الأرض قريبًا جدًا ليقيم ملكوته الأبدي.
- السبت: يعتبر الأدفنتست السبت (يوم السبت) يوم الراحة المقدس، وهو اليوم الذي أمر الله بحفظه في الوصايا العشر.
- خدمة المسيح في القدس السماوي: يؤمن الأدفنتست بأن المسيح يقوم الآن بخدمة الكفارة في القدس السماوي، وهي المرحلة الأخيرة من خطة الله للخلاص.
- دينونة التحقيق: يؤمن الأدفنتست بدينونة تحقيق تبدأ قبل المجيء الثاني للمسيح، حيث يتم فيها فحص حياة المؤمنين لتحديد من هو مستحق للحياة الأبدية.
- حالة الموتى: يؤمن الأدفنتست بأن الموتى في حالة غير واعية، وأنهم سينالون مكافأتهم أو عقابهم بعد القيامة.
- الخلاص بالإيمان: يؤمن الأدفنتست بأن الخلاص هو عطية مجانية من الله، يتم الحصول عليها بالإيمان بيسوع المسيح.
- الوصايا العشر: يؤمن الأدفنتست بأهمية حفظ الوصايا العشر كمعيار للسلوك المسيحي.
الممارسات الدينية
تتميز السبتية ببعض الممارسات الدينية الخاصة، منها:
- حفظ السبت: يخصص الأدفنتست يوم السبت للعبادة والراحة والخدمة. يتجنبون العمل الدنيوي في هذا اليوم، ويقضونه في الصلاة ودراسة الكتاب المقدس والتواصل مع المؤمنين الآخرين.
- المعمودية بالتغطيس الكامل: يمارس الأدفنتست المعمودية بالتغطيس الكامل كرمز للموت مع المسيح والقيامة معه لحياة جديدة.
- العشاء الرباني: يمارس الأدفنتست العشاء الرباني إحياءً لذكرى موت المسيح وقيامته، وتجديدًا للعهد مع الله.
- الصدقة والعطاء: يشجع الأدفنتست على الصدقة والعطاء لدعم الكنيسة والمشاريع الإنسانية.
- التبشير: يولي الأدفنتست أهمية كبيرة للتبشير بالإنجيل ونشر رسالة المجيء الثاني للمسيح.
- الاهتمام بالصحة: يولي الأدفنتست اهتمامًا كبيرًا بالصحة البدنية والعقلية والروحية. يشجعون على اتباع نظام غذائي صحي، وممارسة الرياضة، وتجنب التدخين والكحول والمخدرات.
التنظيم الكنسي
تتميز كنيسة الأدفنتست السبتيين بتنظيم كنسي هرمي. تتكون الكنيسة من عدة مستويات إدارية، تبدأ بالكنيسة المحلية، ثم المنطقة، ثم الاتحاد، ثم المؤتمر العام. يتم انتخاب القادة في كل مستوى من قبل أعضاء الكنيسة.
الانتشار العالمي
انتشرت السبتية في جميع أنحاء العالم، ولها أتباع في معظم دول العالم. تشتهر الكنيسة الأدفنتستية بمؤسساتها التعليمية والصحية والإنسانية. تدير الكنيسة العديد من المدارس والكليات والجامعات والمستشفيات والمراكز الصحية في جميع أنحاء العالم.
الخلافات والقضايا المثيرة للجدل
مثل أي حركة دينية أخرى، واجهت السبتية بعض الخلافات والقضايا المثيرة للجدل على مر السنين. بعض هذه القضايا تشمل:
- دور إلين جي وايت: يعتبر بعض الناس أن كتابات إلين وايت مبالغ فيها، وأنها تعادل الكتاب المقدس في السلطة.
- التفسيرات الكتابية: تختلف الآراء حول تفسير بعض النصوص الكتابية، مثل تلك المتعلقة بالدينونة التحقيقية وحالة الموتى.
- العلاقات مع الكنائس الأخرى: توجد اختلافات في الرأي حول مدى التعاون مع الكنائس المسيحية الأخرى.
تأثير السبتية على المجتمع
تركت السبتية تأثيرًا كبيرًا على المجتمع في العديد من المجالات، بما في ذلك:
- التعليم: ساهمت الكنيسة الأدفنتستية في تطوير التعليم في العديد من البلدان من خلال تأسيس المدارس والكليات والجامعات.
- الصحة: ساهمت الكنيسة الأدفنتستية في تحسين الرعاية الصحية من خلال تأسيس المستشفيات والمراكز الصحية.
- العمل الإنساني: تقدم الكنيسة الأدفنتستية المساعدة الإنسانية للمحتاجين في جميع أنحاء العالم.
- الاهتمام بالبيئة: يشجع الأدفنتست على حماية البيئة والحفاظ على الموارد الطبيعية.
خاتمة
السبتية هي حركة دينية مسيحية بروتستانتية تؤمن بقرب المجيء الثاني للمسيح، وتحفظ السبت كيوم الراحة المقدس. تأسست في القرن التاسع عشر في الولايات المتحدة، وانتشرت في جميع أنحاء العالم. تتميز السبتية بمعتقداتها وممارساتها الدينية الخاصة، ولها تأثير كبير على المجتمع في مجالات التعليم والصحة والعمل الإنساني.