مقدمة
ماتيو ميسينا دينارو (بالإيطالية: Matteo Messina Denaro؛ 26 أبريل 1962 – 25 سبتمبر 2023)، المعروف أيضًا باسم ديابوليك (Diabolik)، نسبةً إلى شخصية الكتاب الهزلي الإيطالي، كان مجرمًا إيطاليًا وعضوًا بارزًا في المافيا الصقلية. يُعتبر على نطاق واسع أحد أقوى زعماء المافيا في صقلية، وكان مطلوبًا من قبل الشرطة الإيطالية منذ عام 1993. استمر في الاختباء لمدة 30 عامًا تقريبًا، وأصبح رمزًا للإفلات من العقاب بالنسبة للمافيا.
حياته المبكرة ونشأته
ولد ماتيو ميسينا دينارو في كاستلبيترانو، صقلية، في عائلة مرتبطة بعمق بالمافيا. كان والده، فرانشيسكو ميسينا دينارو، زعيمًا بارزًا في المافيا في منطقة تراباني. نشأ ماتيو في بيئة تشجع على الجريمة والعنف، وتعلم أصول “العمل” في سن مبكرة. يُقال إنه حمل مسدسًا لأول مرة في سن الرابعة عشرة وارتكب أول جريمة قتل له في سن الثامنة عشرة. منذ صغره، أظهر ماتيو استعدادًا للعنف وطموحًا للوصول إلى السلطة في عالم المافيا.
صعوده في عالم المافيا
بدأ ماتيو ميسينا دينارو مسيرته الإجرامية تحت وصاية والده. بعد وفاة والده في عام 1998، تولى ماتيو قيادة عائلة المافيا في تراباني. سرعان ما أثبت نفسه كزعيم قاسٍ وطموح، وقام بتوسيع نفوذ عائلته من خلال تهريب المخدرات والابتزاز وغسيل الأموال. كان معروفًا بقسوته الشديدة وتكتيكاته العنيفة، مما جعله شخصية مرعبة في عالم الجريمة.
لعب ماتيو دورًا رئيسيًا في الصراعات الداخلية بين عائلات المافيا المختلفة في صقلية. تحالف مع عائلة كورليونيسي القوية، التي كان يقودها توتو رينا، وشارك في حملة عنف واسعة النطاق ضد العائلات المنافسة. ساعد هذا التحالف ماتيو على تعزيز موقعه كواحد من أقوى زعماء المافيا في صقلية.
جرائمه وأنشطته الإجرامية
تورط ماتيو ميسينا دينارو في مجموعة واسعة من الجرائم الخطيرة، بما في ذلك:
- تهريب المخدرات: كان متورطًا في تهريب كميات كبيرة من المخدرات من أمريكا الجنوبية إلى أوروبا عبر صقلية.
- الابتزاز: قام بابتزاز الشركات والأفراد في منطقة تراباني، وفرض عليهم دفع “ضريبة حماية” مقابل عدم التعرض للأذى.
- غسيل الأموال: قام بغسل الأموال المتأتية من أنشطته الإجرامية من خلال استثمارات في العقارات والشركات الوهمية.
- القتل: يُعتقد أنه أمر أو شارك شخصيًا في العديد من عمليات القتل، بما في ذلك قتل المدعي العام جياكومو تشيتيو في عام 1991.
- تفجيرات عام 1993: يُعتقد أنه كان أحد العقول المدبرة لتفجيرات عام 1993 في روما وفلورنسا وميلانو، التي أسفرت عن مقتل 10 أشخاص وإصابة العشرات.
الحياة في الاختباء
بعد أن أصبح مطلوبًا من قبل الشرطة في عام 1993، اختفى ماتيو ميسينا دينارو عن الأنظار. على الرغم من كونه هاربًا، إلا أنه استمر في إدارة أنشطة عائلته الإجرامية من خلال شبكة معقدة من الوسطاء. استخدم أسماء مستعارة وهويات مزيفة لتجنب القبض عليه. تردد أنه سافر إلى الخارج عدة مرات، بما في ذلك إلى إسبانيا وألمانيا، لإجراء صفقات تجارية ومقابلة شركاء.
على الرغم من جهود الشرطة الإيطالية المكثفة، تمكن ماتيو ميسينا دينارو من البقاء هاربًا لمدة 30 عامًا تقريبًا. يُعزى ذلك إلى عدة عوامل، بما في ذلك:
- الدعم المحلي: حظي بدعم قوي من السكان المحليين في منطقة تراباني، الذين كانوا خائفين من الانتقام أو كانوا يعتمدون على أنشطته الإجرامية لكسب رزقهم.
- شبكة واسعة من المتعاونين: كان لديه شبكة واسعة من المتعاونين الذين ساعدوه على الاختباء وتجنب القبض عليه.
- الفساد: يُزعم أن بعض المسؤولين الحكوميين كانوا متورطين في حمايته وتوفير معلومات استخباراتية له.
القبض عليه
في 16 يناير 2023، ألقت الشرطة الإيطالية القبض على ماتيو ميسينا دينارو في عيادة خاصة في باليرمو، حيث كان يتلقى العلاج من السرطان. كان يستخدم اسمًا مستعارًا وبدا أنه يعيش حياة طبيعية نسبيًا. جاء القبض عليه بمثابة صدمة للكثيرين، الذين اعتقدوا أنه لن يُقبض عليه أبدًا.
اعتبر القبض على ماتيو ميسينا دينارو انتصارًا كبيرًا للدولة الإيطالية في حربها ضد المافيا. أشاد به السياسيون ووسائل الإعلام باعتباره نهاية حقبة من العنف والإرهاب. ومع ذلك، حذر البعض من أن القبض عليه لن ينهي المافيا تمامًا، وأن هناك قادة آخرين مستعدون لتولي مكانه.
محاكمته وسجنه
بعد القبض عليه، خضع ماتيو ميسينا دينارو لعدة محاكمات بتهم تتعلق بالمافيا والقتل وتهريب المخدرات. حُكم عليه بالسجن المؤبد لارتكابه العديد من الجرائم، بما في ذلك دوره في تفجيرات عام 1993. خلال المحاكمات، ظل صامتًا إلى حد كبير ورفض التعاون مع السلطات.
تم سجن ماتيو ميسينا دينارو في سجن شديد الحراسة، حيث خضع لمراقبة مشددة لمنعه من التواصل مع العالم الخارجي. على الرغم من سجنه، يُعتقد أنه استمر في ممارسة بعض النفوذ على أنشطة المافيا من داخل السجن.
وفاته
توفي ماتيو ميسينا دينارو في 25 سبتمبر 2023، في مستشفى في لاكويلا، حيث كان يتلقى العلاج من سرطان القولون. كان يبلغ من العمر 61 عامًا. كانت وفاته بمثابة نهاية فصل في تاريخ المافيا الصقلية.
تأثيره وإرثه
كان ماتيو ميسينا دينارو شخصية مؤثرة في عالم المافيا الصقلية. كان يُعتبر أحد أقوى زعماء المافيا في جيله، ولعب دورًا رئيسيًا في تشكيل المشهد الإجرامي في صقلية. كان معروفًا بقسوته الشديدة وطموحه الذي لا يلين، مما جعله شخصية مرعبة ومحترمة في آن واحد.
على الرغم من القبض عليه ووفاته، إلا أن إرث ماتيو ميسينا دينارو لا يزال قائمًا. لقد ترك وراءه منظمة إجرامية قوية لا تزال نشطة في صقلية وخارجها. يبقى أن نرى ما إذا كانت الدولة الإيطالية ستكون قادرة على تفكيك هذه المنظمة والقضاء على نفوذها بشكل كامل.
خاتمة
كان ماتيو ميسينا دينارو مجرمًا إيطاليًا بارزًا وزعيمًا مؤثرًا في المافيا الصقلية. كان مطلوبًا من قبل الشرطة لمدة 30 عامًا تقريبًا بسبب جرائمه العديدة، بما في ذلك القتل وتهريب المخدرات والابتزاز. ألقي القبض عليه في عام 2023 وتوفي في وقت لاحق من ذلك العام أثناء قضاء عقوبة السجن المؤبد. على الرغم من وفاته، لا يزال إرثه وتأثيره على المافيا الصقلية قائمًا.