التأسيس والغرض
بدأ العمل في مخيم القرن في عام 1959، وتم افتتاحه رسميًا في عام 1960. كان الهدف الرئيسي للقاعدة هو إجراء أبحاث علمية في القطب الشمالي، بما في ذلك دراسة الغلاف الجوي والجليد والطقس. ومع ذلك، كان هناك هدف عسكري سري أكبر، وهو بناء شبكة من الأنفاق تحت الجليد لإطلاق صواريخ نووية نحو الاتحاد السوفيتي. عُرف هذا المشروع السري باسم “Project Iceworm” (مشروع الدودة الجليدية).
تم اختيار موقع القاعدة في جرينلاند بسبب موقعها الاستراتيجي بالقرب من القطب الشمالي، بالإضافة إلى طبقة الجليد السميكة التي يمكن أن توفر الحماية من الهجمات النووية. تم بناء القاعدة تحت طبقة سميكة من الجليد، مما جعلها غير مرئية تقريبًا من الخارج.
بناء القاعدة
تم بناء مخيم القرن باستخدام مجموعة متنوعة من التقنيات الهندسية المبتكرة. تم حفر الأنفاق في الجليد باستخدام آلات حفر خاصة، وتم دعم هذه الأنفاق بأعمدة خشبية وفولاذية لمنع الانهيار. تم تجهيز القاعدة بمجموعة متنوعة من المرافق، بما في ذلك:
- وحدات سكنية للجنود والعلماء.
- مختبرات للأبحاث العلمية.
- محطة توليد كهرباء نووية صغيرة لتوفير الطاقة.
- شبكة من الأنفاق تحت الجليد.
كانت القاعدة بمثابة مدينة صغيرة تحت الجليد، حيث كان يعيش ويعمل فيها ما يصل إلى 200 شخص في ذروة عملها. تم ربط القاعدة بقاعدة بيتوفيك الفضائية القريبة عن طريق نفق تحت الجليد، مما سمح بنقل الإمدادات والأفراد بسهولة.
مشروع الدودة الجليدية (Project Iceworm)
كان مشروع الدودة الجليدية هو الجانب الأكثر سرية في مخيم القرن. كان الهدف من هذا المشروع هو بناء شبكة من الأنفاق تحت الجليد لإطلاق صواريخ نووية نحو الاتحاد السوفيتي. كان من المفترض أن تكون هذه الصواريخ قادرة على ضرب أهداف في الاتحاد السوفيتي من موقع محمي تحت الجليد.
تم التخطيط لبناء شبكة من الأنفاق يبلغ طولها الإجمالي 4000 كيلومتر، وستضم مئات الصواريخ النووية. ومع ذلك، تم إيقاف المشروع في عام 1966 بسبب عدة عوامل، بما في ذلك:
- الصعوبات الهندسية في الحفاظ على الأنفاق مفتوحة تحت الجليد المتحرك.
- التأثيرات البيئية المحتملة للمشروع.
- التحول في الاستراتيجية العسكرية الأمريكية.
على الرغم من أن مشروع الدودة الجليدية لم يتم الانتهاء منه، إلا أنه يمثل مثالًا على الإبداع الهندسي والطموح العسكري في فترة الحرب الباردة.
الآثار البيئية
كان لمخيم القرن آثار بيئية كبيرة على جرينلاند. تم التخلص من النفايات والمخلفات في الجليد، مما أدى إلى تلوث البيئة. بالإضافة إلى ذلك، أدى بناء القاعدة وتشغيلها إلى تعطيل النظام البيئي الهش في القطب الشمالي.
في السنوات الأخيرة، أثار العلماء مخاوف بشأن إطلاق المخيم لمواد كيميائية سامة قد تلوث إمدادات المياه. بالإضافة إلى ذلك، مع ارتفاع درجة حرارة الأرض، من المحتمل أن يبدأ الجليد في الذوبان، مما قد يؤدي إلى إطلاق هذه المواد في البيئة.
الكشف والزوال
ظلت تفاصيل مخيم القرن سرية لسنوات عديدة. تم الكشف عن بعض المعلومات حول القاعدة في أواخر التسعينيات، عندما تم رفع السرية عن بعض الوثائق الحكومية. في عام 2016، نشرت صحيفة نيويورك تايمز سلسلة مقالات عن القاعدة، مما زاد من الوعي العام بالمشروع.
تم إغلاق مخيم القرن في عام 1967 بسبب صعوبات في الحفاظ على الأنفاق مفتوحة، وكذلك بسبب المخاوف البيئية. ومع ذلك، لا تزال بقايا القاعدة موجودة تحت الجليد، وتشكل تحديًا بيئيًا في المستقبل. في الوقت الحالي، يدرس العلماء كيفية احتواء التلوث ومنع المزيد من الضرر للبيئة.
خاتمة
كان مخيم القرن مشروعًا عسكريًا وعلميًا أمريكيًا طموحًا في جرينلاند خلال فترة الحرب الباردة. على الرغم من أن القاعدة كانت بمثابة إنجاز هندسي، إلا أنها أثارت أيضًا جدلاً كبيرًا بسبب أهدافها السرية وآثارها البيئية. اليوم، لا تزال بقايا القاعدة تحت الجليد، وتذكرنا بتاريخ مثير للجدل وتعقيدات التنمية العسكرية في العصر الحديث.