<![CDATA[
حياته المبكرة وتعليمه
على الرغم من أن تفاصيل حياته المبكرة شحيحة، إلا أنه يُعتقد أن والشير ولد في لورين، وهي منطقة تاريخية تقع في فرنسا وألمانيا حاليًا. من المحتمل أنه تلقى تعليمه في أحد الأديرة الكبيرة أو المدارس الكنسية في المنطقة، حيث كان يتم تدريس العلوم والرياضيات والفلسفة. يُشير لقبه “اللوريني” إلى أصوله الجغرافية، مما يجعله شخصية بارزة في تاريخ العلم في إنجلترا في العصور الوسطى.
تشير المصادر التاريخية إلى أن والشير كان يتمتع بذكاء حاد وشغف بالمعرفة، مما دفعه إلى التفوق في دراساته. من المحتمل أنه درس النصوص الكلاسيكية في الرياضيات والفلك، بما في ذلك أعمال إقليدس وبطليموس وغيرهم من العلماء اليونانيين والرومانيين. كما أنه كان على دراية بالتقدم العلمي الذي أحرزه العلماء المسلمون في العصور الوسطى، والذين قاموا بترجمة وحفظ ونقل المعرفة اليونانية والرومانية القديمة، بالإضافة إلى تطويرهم الخاص في مجالات مثل الجبر وعلم المثلثات وعلم الفلك.
رئاسة دير مالفيرن
في وقت لاحق من حياته، انتقل والشير إلى إنجلترا وأصبح رئيسًا لدير مالفيرن العظيم. كان الدير مركزًا دينيًا وثقافيًا مهمًا في المنطقة، وكان يوفر بيئة مناسبة للدراسة والبحث العلمي. تحت قيادته، ازدهر الدير وأصبح معروفًا بمنح الدراسية والتعليم.
كرئيس للدير، كان والشير مسؤولاً عن إدارة شؤون الدير الروحية والمادية. ومع ذلك، يبدو أنه وجد الوقت لمواصلة اهتماماته العلمية، حيث قام بتجميع مكتبة كبيرة من الكتب والمخطوطات، وأنشأ مرصدًا فلكيًا في الدير. يُعتقد أنه استخدم هذا المرصد لإجراء ملاحظات فلكية دقيقة، والتي استخدمها لتحسين فهمه لحركة الكواكب والنجوم.
إسهاماته في علم الفلك والرياضيات
يُعرف والشير المَلْوِرني بشكل أساسي لإسهاماته في علم الفلك والرياضيات. كان مهتمًا بشكل خاص بحساب التواريخ والأوقات الفلكية، وهو مجال يُعرف باسم “الحساب”. قام بتطوير طرق جديدة لحساب تواريخ الأعياد الدينية، مثل عيد الفصح، والتي كانت تعتمد على حركة الشمس والقمر.
تعتبر أعماله في هذا المجال مهمة بشكل خاص لأنها ساهمت في توحيد التقويم المستخدم في الكنيسة الغربية. قبل جهوده، كانت هناك اختلافات كبيرة في تواريخ الأعياد الدينية بين مناطق مختلفة في أوروبا، مما أدى إلى الارتباك والانقسامات. ساعدت أعمال والشير في حل هذه المشكلة من خلال توفير طريقة أكثر دقة وموثوقية لحساب التواريخ الفلكية.
بالإضافة إلى عمله في الحساب، كان والشير أيضًا مهتمًا بعلم المثلثات. قام بتطوير جداول جديدة للدوال المثلثية، والتي كانت تستخدم في علم الفلك والمساحة. كانت هذه الجداول أكثر دقة من تلك الموجودة سابقًا، مما سمح بإجراء حسابات أكثر دقة.
تعتبر جداول الدوال المثلثية التي طورها والشير علامة فارقة في تاريخ الرياضيات في العصور الوسطى. لقد ساهمت في تطوير علم المثلثات كمجال مستقل للدراسة، ومهدت الطريق لاكتشافات لاحقة في هذا المجال.
أعماله وكتاباته
على الرغم من أن العديد من أعماله فقدت بمرور الوقت، إلا أن بعض كتاباته نجت، مما يوفر لنا نظرة ثاقبة على أفكاره وإنجازاته. يُعتقد أنه كتب العديد من الرسائل والمقالات حول مواضيع فلكية ورياضية، بالإضافة إلى تعليقات على أعمال المؤلفين القدماء.
أحد أشهر أعماله هو “رسالة حول الكسوف”، وهي عبارة عن تحليل مفصل لكسوف الشمس الذي حدث في عام 1133. في هذه الرسالة، يقدم والشير وصفًا دقيقًا للكسوف، ويشرح أسبابه وتأثيراته. كما أنه يستخدم الكسوف كفرصة لتقديم دروس حول علم الفلك والرياضيات.
تُظهر “رسالة حول الكسوف” مهارات والشير كمراقب فلكي ومحلل رياضي. كما أنها توفر لنا لمحة عن مستوى المعرفة العلمية في إنجلترا في القرن الثاني عشر.
بالإضافة إلى “رسالة حول الكسوف”، يُعتقد أن والشير كتب أيضًا العديد من الأعمال الأخرى التي لم تنجُ حتى يومنا هذا. تشمل هذه الأعمال المحتملة جداول فلكية، وتعليقات على أعمال إقليدس وبطليموس، ورسائل حول مواضيع رياضية أخرى.
تأثيره وإرثه
على الرغم من أن والشير المَلْوِرني ليس معروفًا على نطاق واسع خارج الأوساط الأكاديمية، إلا أنه كان شخصية مهمة في تاريخ العلم في إنجلترا في العصور الوسطى. ساهم في تطوير علم الفلك والرياضيات، وساعد في توحيد التقويم المستخدم في الكنيسة الغربية. كما أنه لعب دورًا مهمًا في تعزيز التعليم والبحث العلمي في دير مالفيرن.
يعتبر إرث والشير مهمًا لعدة أسباب. أولاً، يُظهر لنا أن العلم والرياضيات كانا يمارسان في الأديرة الإنجليزية في العصور الوسطى. ثانيًا، يسلط الضوء على أهمية نقل المعرفة من الثقافات الأخرى، مثل الثقافة الإسلامية، إلى أوروبا. ثالثًا، يذكرنا بأن حتى الشخصيات الأقل شهرة يمكن أن يكون لها تأثير كبير على تاريخ العلم.
لا يزال عمل والشير يلهم العلماء والباحثين اليوم. تُدرس كتاباته في الجامعات والمتاحف في جميع أنحاء العالم، ويستمر إرثه في التأثير على الطريقة التي نفكر بها في العلم والرياضيات في العصور الوسطى.
خاتمة
كان والشير المَلْوِرني شخصية بارزة في تاريخ العلم في إنجلترا في العصور الوسطى. بصفته رئيسًا لدير مالفيرن العظيم، ساهم بشكل كبير في علم الفلك والرياضيات، وخاصة في مجالات الحساب وعلم المثلثات. على الرغم من أن العديد من أعماله فقدت بمرور الوقت، إلا أن كتاباته التي نجت توفر لنا نظرة ثاقبة على أفكاره وإنجازاته. يعتبر إرثه مهمًا لأنه يوضح أهمية العلم والتعليم في الأديرة الإنجليزية في العصور الوسطى، ويسلط الضوء على أهمية نقل المعرفة بين الثقافات المختلفة.