خلفية تاريخية
في أعقاب الحرب العالمية الثانية، أدركت سويسرا الحاجة إلى تحديث قدراتها الدفاعية الجوية. مع ظهور الطائرات النفاثة، أصبحت الطائرات المروحية القديمة عتيقة. استجابةً لذلك، بدأت الحكومة السويسرية في البحث عن طائرة مقاتلة نفاثة يمكنها حماية المجال الجوي السويسري. اختارت القيادة السويسرية في البداية شراء مقاتلات نفاثة أجنبية، لكنها أدركت في الوقت نفسه أهمية تطوير صناعة طائرات محلية لتحقيق الاستقلال العسكري والتقني. أدى هذا إلى قرار إطلاق مشروع إي إف دبليو إن-20.
التصميم والتطوير
تم تصميم إي إف دبليو إن-20 من قبل فريق بقيادة المهندس السويسري الألماني كلاوس إيجير. تميز التصميم بميزات مبتكرة في ذلك الوقت. كان تصميم الجناح مثلثيًا، مما يوفر سرعة عالية وقدرة على المناورة. تم تصميم هيكل الطائرة ليتناسب مع محرك نفاث واحد. اختير في البداية محرك رولز رويس نيان (Rolls-Royce Nene)، وهو محرك قوي وموثوق به في ذلك الوقت. تم وضع تصميم الطائرة بشكل يضمن سهولة الوصول إلى المحرك والصيانة.
شملت الميزات الأخرى نظام هبوط ثلاثي العجلات قابل للطي، وقمرة قيادة مضغوطة للطيار، بالإضافة إلى مجموعة من الأسلحة التي تضمنت مدافع ومخزونًا من الصواريخ الموجهة. بدأ بناء النموذج الأولي في عام 1948، وأجريت أول رحلة تجريبية ناجحة في عام 1952. أظهرت الاختبارات الأولية أداءً واعدًا، حيث حققت الطائرة سرعة عالية وقدرة على المناورة جيدة.
الخصائص الفنية
تضمنت الخصائص الفنية لطائرة إي إف دبليو إن-20 ما يلي:
- الطول: حوالي 13.8 متر
- الارتفاع: حوالي 3.9 متر
- امتداد الجناح: حوالي 11.2 متر
- الوزن الأقصى عند الإقلاع: حوالي 8,500 كجم
- المحرك: محرك رولز رويس نيان (Rolls-Royce Nene)
- السرعة القصوى: حوالي 1,000 كيلومتر في الساعة
- المدى: حوالي 1,000 كيلومتر
- التسليح: مدافع وصواريخ جو-جو
التحديات والمصير النهائي
على الرغم من أدائها الواعد، واجه مشروع إي إف دبليو إن-20 عددًا من التحديات التي منعت إنتاجها على نطاق واسع. كان أحد هذه التحديات هو التكلفة. كان تطوير وبناء طائرة مقاتلة نفاثة متطورة مكلفًا للغاية، ولم يكن لدى سويسرا الموارد المالية اللازمة لإنتاج عدد كبير من الطائرات. بالإضافة إلى ذلك، واجه المشروع صعوبات تقنية. على سبيل المثال، لم يكن نظام الدفع الأولي (محرك رولز رويس نيان) قويًا بما فيه الكفاية لتحقيق الأداء المطلوب، مما أدى إلى الحاجة إلى تطوير محركات أكثر قوة.
تغيرت الأولويات العسكرية السويسرية خلال فترة تطوير الطائرة. مع ظهور التهديد السوفيتي خلال الحرب الباردة، تحول التركيز إلى الدفاع عن المجال الجوي السويسري. كان يُنظر إلى إي إف دبليو إن-20 على أنها غير قادرة على التعامل مع الطائرات السوفيتية المتطورة، مما أدى إلى تحول في الاستراتيجية. قررت الحكومة السويسرية في النهاية إلغاء المشروع في عام 1954، بعد بناء نموذج أولي واحد والعديد من النماذج التجريبية.
التراث
على الرغم من عدم دخولها حيز الإنتاج، تركت طائرة إي إف دبليو إن-20 إرثًا مهمًا في تاريخ الطيران السويسري. فقد مثلت طموح سويسرا لتطوير صناعة طائرات محلية، وأظهرت القدرات الهندسية والتقنية للمهندسين السويسريين. قدمت الطائرة دروسًا قيمة ساعدت في تطوير مشاريع طائرات سويسرية أخرى في المستقبل. بالإضافة إلى ذلك، ساعدت التجربة في تطوير التكنولوجيا العسكرية السويسرية، مما ساهم في الحفاظ على حياد سويسرا وقدرتها على الدفاع عن نفسها.
اليوم، يعتبر النموذج الأولي لإي إف دبليو إن-20 قطعة أثرية مهمة في تاريخ الطيران. يعرض في متحف الطيران السويسري، حيث يمكن للزوار رؤية التصميم المبتكر والتعرف على الجهد المبذول لتطوير أول طائرة مقاتلة نفاثة سويسرية.
خاتمة
كانت طائرة إي إف دبليو إن-20 مشروعًا طموحًا لسويسرا لتطوير طائرة مقاتلة نفاثة محلية الصنع. على الرغم من تصميمها المبتكر وخصائصها الواعدة، واجه المشروع تحديات كبيرة تتعلق بالتكلفة والتقنية، مما أدى في النهاية إلى إلغائه. ومع ذلك، تركت الطائرة إرثًا مهمًا في تاريخ الطيران السويسري، مما يدل على طموح سويسرا في مجال صناعة الطائرات وتأثيرها على التطورات اللاحقة في التكنولوجيا العسكرية السويسرية.