خلفية تاريخية
بعد الإطاحة بنابليون في عام 1814، تم تقسيم أوروبا بين القوى المنتصرة: بريطانيا العظمى وروسيا والنمسا وبروسيا. تم استعادة العديد من الممالك والإمارات التي أطاح بها نابليون. في إيطاليا، استعادت النمسا السيطرة على العديد من الأراضي التي كانت تسيطر عليها فرنسا سابقًا، بما في ذلك لومباردي وفينيتو. في الوقت نفسه، سمح الحلفاء ليواكيم مورات، صهر نابليون والملك النابولي، بالاحتفاظ بعرشه. ومع ذلك، كان مورات قلقًا بشأن نوايا النمسا، التي كانت تهدف إلى استعادة كامل السيطرة على إيطاليا.
عندما عاد نابليون إلى فرنسا في مارس 1815، أدرك مورات أن فرصته لاستعادة مجده قد حانت. أعلن الحرب على النمسا في 15 مارس 1815، على أمل مساعدة نابليون في استعادة سلطته وكسب أراضٍ جديدة لنفسه. بدأ مورات في تحريك جيشه شمالًا، على أمل الانضمام إلى القوات الفرنسية وصد النمساويين. ومع ذلك، لم يكن جيشه مستعدًا جيدًا للحرب، وكان يعاني من نقص في التدريب والمعدات.
التحضيرات للمعركة
بعد إعلانه الحرب، تقدم مورات شمالًا، وواجه القوات النمساوية بالقرب من كاربي. في كاربي، تمركزت فرقة من الجيش النابولي بقيادة الجنرال غولييلمو بيبي. كان لدى بيبي ما يقرب من 6000 رجل، معظمهم من المشاة، مع عدد قليل من الفرسان والمدفعية. على الجانب النمساوي، كان الجنرال فريدريك بيانكي يقود قوة أكبر، تضم حوالي 10000 رجل. كانت القوات النمساوية متمرسة ومجهزة تجهيزًا أفضل من الجيش النابولي.
في الأيام التي سبقت المعركة، تمركزت القوات النابولية في مواقع مختلفة حول كاربي، وأقامت تحصينات. كان بيبي واثقًا من قدرة قواته على الصمود في وجه الهجوم النمساوي. كان يأمل في تأخير النمساويين حتى يتمكن نابليون من إرسال تعزيزات من فرنسا. كان النمساويون، من ناحية أخرى، يهدفون إلى إلحاق الهزيمة السريعة بالجيش النابولي ووقف تقدمه.
المعركة
بدأت المعركة في الصباح الباكر من يوم 9 أبريل. شن النمساويون هجومًا شاملاً على المواقع النابولية. هاجم المشاة النمساويون خطوط المشاة النابولية، بينما شارك الفرسان في القتال على الأجنحة. في البداية، صمد النابوليون بشكل جيد، مستفيدين من مواقعهم المحصنة. ومع ذلك، مع تقدم المعركة، بدأ النمساويون في اكتساب اليد العليا. بدأ النمساويون في الضغط على الخطوط النابولية، مما تسبب في انهيارها في بعض الأماكن.
شهدت المعركة قتالًا عنيفًا وقريبًا. قاتل الجنود النابوليون بشجاعة، لكنهم كانوا يعانون من قلة عددهم وتفوقهم النمساويين. أصيب الجنرال بيبي أثناء القتال، مما أضعف قيادته. مع تزايد خسائر النابوليين، بدأوا في التراجع. أدرك بيبي أن المعركة قد ضاعت، وأمر بالانسحاب.
قام النمساويون بمطاردة النابوليين المنهزمين، مما تسبب في خسائر فادحة. استمر القتال حتى المساء، عندما توقف النمساويون أخيرًا عن الهجوم.
النتائج والتداعيات
كانت معركة كاربي انتصارًا حاسمًا للنمساويين. تكبد النابوليون خسائر فادحة، مع ما يقدر بنحو 1000 قتيل وجريح وأسرى. في المقابل، تكبد النمساويون خسائر أقل بكثير. كان النصر النمساوي بمثابة ضربة كبيرة لجهود مورات الحربية. أُجبر على التراجع جنوبًا، وفقد العديد من الأراضي التي كان قد استولى عليها.
مثلت معركة كاربي نقطة تحول في الحرب النابولية. بعد الهزيمة في كاربي، لم يتمكن جيش مورات من التعافي أبدًا. واصل النمساويون التقدم، وهزموا النابوليين في معارك أخرى. في النهاية، هُزم مورات واستعاد بوربون حكم مملكة نابولي. أُعدم مورات لاحقًا بإطلاق النار عليه في أكتوبر 1815.
كانت معركة كاربي مثالاً على التفوق العسكري النمساوي في أوائل القرن التاسع عشر. أظهرت المعركة أيضًا عدم استعداد الجيش النابولي للحرب. على الرغم من شجاعة الجنود النابوليين، إلا أنهم لم يتمكنوا من التغلب على التفوق النمساوي في التدريب والمعدات والقيادة. كانت معركة كاربي بمثابة ضربة قوية لطموحات مورات في إيطاليا.
خاتمة
كانت معركة كاربي حدثًا حاسمًا في الحرب النابولية، وشهدت انتصارًا نمساويًا ساحقًا. أدت المعركة إلى إضعاف قوة مورات العسكرية بشكل كبير ومهدت الطريق لهزيمته النهائية وسقوطه. أظهرت المعركة أهمية التدريب الجيد والمعدات والقيادة في الحروب، كما أبرزت التنافس على السلطة في أوروبا بعد الإطاحة بنابليون. كانت معركة كاربي بمثابة درس قاسٍ للنابولين، وأدت إلى تغييرات كبيرة في المشهد السياسي الإيطالي.